فِي قِيَامِهَا أَوْ بَدَلِهِ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» أَيْ: فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ (إلَّا رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ) فَلَا تَجِبُ فِيهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهَا عَنْهُ (وَالْبَسْمَلَةُ) آيَةٌ (مِنْهَا) عَمَلًا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَدَّهَا آيَةً مِنْهَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِهَا عَمَلًا الظَّنُّ
ــ
[حاشية الجمل]
ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ الْمَنْذُورَةَ لَيْسَ لَهَا وَقْتٌ مَحْدُودٌ تَفُوتُ بِسَبَبِهِ فَهِيَ مِنْ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ وَلَا يَجِبُ فِيهِ فَوْرٌ حَتَّى لَوْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ عَقِبَ الْعُطَاسِ كَانَ مَحْمُولًا عَلَى عَدَمِ الْمَانِعِ وَهُوَ عُذْرٌ فِي التَّأْخِيرِ وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ مَنْ عَطَسَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَتَمَّ بَقِيَّةَ الْفَاتِحَةِ لَمْ يَجْزِهِ مَا لَمْ يَقْصِدْ التِّلَاوَةَ سَوَاءٌ قَصَدَ أَنَّهُ لِلْعُطَاسِ أَمْ أَطْلَقَ لِوُجُودِ الصَّارِفِ، وَكَذَا لَوْ تَذَكَّرَ نِعْمَةَ اللَّهِ حِينَئِذٍ أَيْ: حِينَ إذْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ نَاوِيًا الشُّكْرَ فَلَا يَجْزِهِ أَنْ يُكْمِلَ عَلَيْهَا بَقِيَّةَ الْفَاتِحَةِ لِذَلِكَ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا: إنَّ هَذَا غَفْلَةٌ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْمَشْهُورَةِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فِيهِ نَظَرٌ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَكُلُّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ م ر وع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فِي قِيَامِهَا) وَمِنْهُ الْقِيَامُ الثَّانِي مِنْ رَكْعَتَيْ صَلَاةِ الْخُسُوفِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ أَوْ بَدَلُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبَدَلُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَذَلِكَ فِي النَّفْلِ وَهُوَ الْقُعُودُ وَالِاضْطِجَاعُ أَوْ مَعَ الْعَجْزِ، وَذَلِكَ فِي الْفَرْضِ وَهُوَ الْقُعُودُ وَالِاضْطِجَاعُ وَالِاسْتِلْقَاءُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ إلَّا رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَبَطِيءِ الْقِرَاءَةِ وَبَطِيءِ الْحَرَكَةِ وَمَنْ زَحَمَ عَنْ السُّجُودِ أَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ شَكَّ بَعْدَ رُكُوعِ إمَامِهِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَتَخَلَّفَ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ إلَّا رَكْعَةَ مَسْبُوقٍ أَيْ: حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَهُوَ هُنَا مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ زَمَنًا يَسَعُ الْفَاتِحَةَ بِالْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، وَفِي مَعْنَاهُ كُلُّ مُتَخَلِّفٍ بِعُذْرٍ كَزَحْمَةٍ وَنِسْيَانٍ وَبُطْءِ حَرَكَةٍ بِأَنْ لَمْ يَقُمْ مِنْ السُّجُودِ إلَّا وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ أَوْ هَاوٍ لِلرُّكُوعِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَفِي مَعْنَى الْمَسْبُوقِ كُلُّ مُتَخَلِّفٍ بِعُذْرٍ كَزَحْمَةٍ وَنِسْيَانٍ لِلصَّلَاةِ لَا لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ انْتَهَتْ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَوْلُهُ لَا لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مُحْتَرِزٌ لِلصَّلَاةِ أَيْ: فَلَا يَكُونُ مُتَخَلِّفًا بِعُذْرٍ بَلْ إذَا تَذَكَّرَ الْفَاتِحَةَ وَجَبَ أَنْ يَتَخَلَّفَ وَيَقْرَأَهَا فَإِنْ فَرَغَ مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ مِنْ الْإِمَامِ فَذَاكَ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْمُفَارَقَةُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى هَوَى الْإِمَامُ لِلسُّجُودِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا هُوَ شَأْنُ كُلِّ مُتَخَلِّفٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الزِّيَادِيِّ أَنَّ نِسْيَانَ الْقِرَاءَةِ كَنِسْيَانِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ إطْلَاقِ غَيْرِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَتَخَلَّفُ لِقِرَاءَتِهَا وَيُغْتَفَرُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ مُتَعَيَّنٌ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَصْلٍ تَجِبُ مُتَابَعَةُ الْإِمَامِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ عُذْرٌ إلَخْ أَوْ سَهَا عَنْهَا أَيْ: الْقِرَاءَةِ حَتَّى رَكَعَ إمَامُهُ اهـ.
وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إسْقَاطٌ لَا لِقِرَاءَةٍ وَعَلَيْهِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ وَعَلَى تَسْلِيمِهَا يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ نِسْيَانَ الصَّلَاةِ يَكْثُرُ بِخِلَافِ نِسْيَانِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُقَصِّرًا فِيهِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْأُجْهُورِيِّ عَلَى الْخَطِيبِ فَنِسْيَانُ الصَّلَاةِ وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي فَصْلِ الْمُتَابَعَةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ لَهُ هُنَا فِي بَعْضِ نُسَخِهِ حَيْثُ قَالَ: وَنِسْيَانٌ لِلصَّلَاةِ لَا لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ اهـ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ انْتَهَتْ بِالْحَرْفِ.
(قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ) أَيْ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ اسْتِقْرَارِ الْوُجُوبِ لَا مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا وَجَبَتْ وَيَتَحَمَّلُهَا الْإِمَامُ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي آخِرِ الْجَمَاعَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ لِتَحَمُّلِ الْإِمَامِ لَهَا عَنْهُ) أَيْ: لِأَنَّهُ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ بِإِدْرَاكِهِ مَعَهُ رُكُوعَهُ الْمَحْسُوبَ لَهُ حَتَّى لَوْ فَارَقَ إمَامَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَاقْتَدَى بِآخَرَ وَهُوَ رَاكِعٌ وَقَصَدَ بِذَلِكَ إسْقَاطَ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ وَبِهِ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَرَّرَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الرَّكَعَاتِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ آيَةٌ مِنْهَا) وَكَذَا مِنْ كُلِّ سُورَةٍ مَا عَدَا بَرَاءَةٍ وَلَيْسَتْ لِلْفَصْلِ وَإِلَّا لَثَبَتَتْ أَوَّلَ بَرَاءَةٍ وَسَقَطَتْ أَوَّلَ الْفَاتِحَةِ اهـ ح ل وَقَوْلُهُ عَمَلًا أَيْ لَا اعْتِقَادًا فَلَا يَجِبُ اعْتِقَادُ كَوْنِهَا مِنْهَا وَلَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ، وَأَمَّا كَوْنُهَا قُرْآنًا فَيَجِبُ اعْتِقَادُهُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ فَيَكْفُرُ جَاحِدُهُ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَيْضًا آيَةٌ مِنْهَا) أَيْ: وَمِنْ كُلِّ سُورَةٍ مَا عَدَا بَرَاءَةٍ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ وَقْتَ الْحَرْبِ وَالسَّيْفِ وَهِيَ لِلْأَمَانِ فَتُكْرَهُ أَوَّلُهَا وَتُنْدَبُ فِي أَثْنَائِهَا عِنْدَ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ كَابْنِ حَجَرٍ: تَحْرُمُ فِي أَوَّلِهَا وَتُكْرَهُ فِي أَثْنَائِهَا وَاعْتَمَدَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَتُنْدَبُ فِي أَثْنَاءِ غَيْرِهَا اتِّفَاقًا اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِهَا عَمَلًا الظَّنُّ) أَيْ؛ لِأَنَّ رُوَاةَ حَدِيثِ الْبَسْمَلَةِ آحَادٌ وَهُوَ كَافٍ مِنْ حَيْثُ الْعَمَلُ وَاشْتِرَاطُ التَّوَاتُرِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَثْبُتُ قُرْآنًا قَطْعًا لَا حُكْمًا لَا يُقَالُ لَوْ كَانَتْ قُرْآنًا لَكَفَرَ جَاحِدُهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ قُرْآنًا لَكَفَرَ مُثْبِتُهَا وَأَيْضًا التَّكْفِيرُ لَا يَكُونُ بِالظَّنِّيَّاتِ وَالْكَلَامُ