(فَارَقَهُ) بِالنِّيَّةِ (وَالْأَفْضَلُ انْتِظَارُهُ فِي صُبْحٍ) لِيُسَلِّمَ مَعَهُ بِخِلَافِهِ فِي الْمَغْرِبِ لَيْسَ لَهُ انْتِظَارُهُ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ وَقَوْلِي وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ إلَى آخِرِهِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ
ــ
[حاشية الجمل]
الْمُفَارَقَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ جَائِزَةً عِنْدَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الْقِيَامِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ تَمَامِ صَلَاتِهِ الْفَرَاغُ مِنْهَا مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ فِي صُورَةِ الْمَغْرِبِ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ فِي وَقْتِ قِيَامِ الْإِمَامِ يَبْقَى عَلَيْهِ التَّشَهُّدُ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَاتُهُ حِينَ قِيَامِ الْإِمَامِ لِلرَّابِعَةِ لَمْ تَتِمَّ.
وَقَدْ عَلِمْت الْجَوَابَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَمَامِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ فَرَاغُهُ مِمَّا يُوَافِقُ الْإِمَامَ فِيهِ، وَهُوَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ السُّجُودُ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، وَفِي الصُّبْحِ التَّشَهُّدُ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ انْتِظَارُهُ فِي صُبْحٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ، وَإِذَا انْتَظَرَهُ أَطَالَ الدُّعَاءَ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ إلَخْ أَيْ فَإِنْ خَشِيَهُ فَعَدَمُ الِانْتِظَارِ أَوْلَى، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ لِجَوَازِ الْمَدِّ فِي الصَّلَاةِ، وَقَوْلُهُ أَطَالَ الدُّعَاءَ أَيْ نَدْبًا، وَلَا يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ فَلَوْ لَمْ يَحْفَظْ إلَّا دُعَاءً قَصِيرًا كَرَّرَهُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا سُكُوتَ فِيهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُكَرِّرْ التَّشَهُّدَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ بِتَكْرِيرِ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ اهـ. ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَالْأَفْضَلُ انْتِظَارُهُ فِي صُبْحٍ) أَيْ إنْ كَانَ الْإِمَامُ تَشَهَّدَ، وَإِلَّا بِأَنْ قَامَ بِلَا تَشَهُّدٍ فَارَقَهُ حَتْمًا لِأَنَّهُ قَدْ يَحْدُثُ جُلُوسًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ، وَكَذَا إذَا جَلَسَ، وَلَمْ يَتَشَهَّدْ لِأَنَّ جُلُوسَهُ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ كَلَا جُلُوسٍ فَيُفَارِقُهُ حَتْمًا اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) أَيْ فَيَقَعُ السَّلَامُ فِي جَمَاعَةٍ اهـ. وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَارَقَهُ حَصَلَتْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الشِّقُّ مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ لِلِانْتِظَارِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْأَصْحَابِ الْأَفْضَلُ الِانْتِظَارُ لِيَحْصُلَ لَهُ فَضِيلَةُ السَّلَامِ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَ السَّلَامِ تَحْصُلُ فَضِيلَتُهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ فَارَقَ، وَإِلَّا لَمْ يَقُولُوا لِيَحْصُلَ لَهُ فَضِيلَةُ السَّلَامِ مَعَهُ بَلْ كَانُوا يَقُولُونَ لِيَحْصُلَ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ هَكَذَا قَرَّرَهُ م ر اهـ. سم (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسًا) أَيْ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ أَيْ بِخِلَافِ مُصَلِّي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ فَإِنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسًا إلَخْ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْإِمَامَ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَجْلِسْ أَوْ جَلَسَ، وَلَمْ يَتَشَهَّدْ فَتَتَعَيَّنُ مُفَارَقَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَفْعَلُ مَا لَا يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِفَرْضِهِ الْكَلَامُ فِي الصُّبْحِ الْمَغْرِبُ خَلْفَ الظُّهْرِ مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ إذَا قَامَ لِلرَّابِعَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّهُ وَافَقَهُ فِيهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ.
وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فَقَطْ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ، وَأَنَّهُ لَا أَثَرَ أَيْضًا لِجُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ إذْ جُلُوسُهُ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ كَلَا جُلُوسٍ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ بِدُونِهِ، وَيَجْرِي مَا ذُكِرَ فِيمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مُصَلِّي الظُّهْرِ، وَتَرَكَ إمَامُهُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ فَيَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ مُفَارَقَتُهُ عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ فِي التَّشَهُّدِ بِالْقَائِمِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ مُتَابَعَتُهُ بَلْ يَنْتَظِرُهُ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ مَعَهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ، وَلَهُ مُفَارَقَتُهُ، وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ، وَلَا نَظَرَ هُنَا إلَى أَنَّهُ أَحْدَثَ جُلُوسًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ إحْدَاثُهُ بَعْدَ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ لَا دَوَامُهُ كَمَا هُنَا انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ فِرَاقٌ بِعُذْرٍ، وَقَدْ يُشْعِرُ هَذَا بِحُصُولِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْ ذُكِرَ لَكِنْ سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَحْرَمَ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الْقُدْوَةَ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ مُفَوِّتٌ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ حَتَّى فِيمَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ اهـ.
وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ حُصُولِ الْفَضِيلَةِ هُنَا، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ هُنَا، وَهُوَ أَفْضَلُ إلَخْ حُصُولُ الْفَضِيلَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ لَكِنْ تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَإِذَا نَوَى الْمُفَارَقَةَ لِمُخَالَفَةِ الْإِمَامِ لَهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَائِمًا، وَهُوَ قَاعِدٌ مَثَلًا يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا غَيْرَ مُفَوِّتٍ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْفَضِيلَةِ الْحَاصِلَةِ بِمُجَرَّدِ رَبْطِ صَلَاتِهِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسًا) أَيْ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ وَافَقَهُ فِيمَا لَهُ فِعْلُهُ، وَفَعَلَهُ مَعَهُ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَجْلِسْ إمَامُهُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَوْ جَلَسَ لَهُ، وَلَمْ يَتَشَهَّدْ أَوْ جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ سَهْوًا وَجَبَ عَلَى الْمَأْمُومِ الْمُفَارَقَةُ، وَلَيْسَ لَهُ انْتِظَارُهُ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَفْعَلَهُ فَإِنْ قِيلَ إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ، وَلَمْ يَتَشَهَّدْ فَهَلَّا اكْتَفَى بِذَلِكَ قُلْنَا جُلُوسٌ مِنْ غَيْرِ تَشَهُّدٍ كَلَا جُلُوسٍ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ بِدُونِهِ فَعُلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ لِلتَّشَهُّدِ، وَلَمْ يَتَشَهَّدْ أَوْ وَتَشَهَّدَ سَهْوًا أَوْ لَمْ يُتِمَّ التَّشَهُّدَ لَيْسَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَنْتَظِرَهُ حِينَئِذٍ فَإِنْ قِيلَ هُوَ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَمْ يُحْدِثْ جُلُوسَ تَشَهُّدٍ لَمْ يَفْعَلْهُ إمَامُهُ بَلْ فَعَلَهُ أُجِيبَ بِأَنَّ جُلُوسَهُ كَلَا جُلُوسٍ أَمَّا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute