للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْضُهَا رَقِيقٌ وَبَاقِيهَا حُرٌّ حُكْمُهَا كَرَقِيقٍ كُلِّهَا فَلَا يَنْكِحُهَا الْحُرُّ إلَّا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ مَحْذُورٌ. وَفِي جَوَازِ نِكَاحِ أَمَةٍ مَعَ تَيَسُّرِ مُبَعَّضَةٍ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ مِنْ إرْقَاقِ كُلِّهِ، وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ اقْتَصَرَ الشَّيْخَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ الْمُرَجَّحُ. أَمَّا غَيْرُ الْمُسْلِمِ مِنْ حُرٍّ وَغَيْرِهِ كَكِتَابِيَّيْنِ فَتَحِلُّ لَهُ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدِّينِ؛ وَلَا بُدَّ فِي نِكَاحِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ مِنْ أَنْ يَخَافَ الزِّنَا وَيَفْقِدَ الْحُرَّةَ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْحُرِّ مُطْلَقًا نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ وَلَا أَمَةِ مُكَاتَبَةٍ وَلَا أَمَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ وَلَا مُوصًى لَهُ بِخِدْمَتِهَا

(وَنَظَرُ الرَّجُلِ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَعِبَارَةُ ح ل: قَوْلُهُ {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٥] إلَخْ أَيْ فَانْكِحُوا مِمَّا مَلَكَتْ، فَالْكَلَامُ فِيمَنْ يَمْلِكُ وَهُمْ الْأَحْرَارُ؛ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي حُرِّيَّةَ النَّاكِحِ بَلْ حُرِّيَّةَ الْمَالِكِ.

قَوْلُهُ: (كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ) أَيْ كَمَا حُرِّمَتَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْحُرِّ وَالرَّقِيقِ. قَوْلُهُ: (كَرَقِيقٍ كُلِّهَا) بِالْإِضَافَةِ.

قَوْلُهُ: (مَحْذُورٌ) أَيْ مَمْنُوعٌ.

قَوْلُهُ: (تَرَدُّدٌ) وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ إرْقَاقَ إلَخْ، فَهُوَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ إلَخْ. وَلَوْ وَجَدَ أَمَةَ الْأَصْلِ وَغَيْرَ أَمَتِهِ تَعَيَّنَتْ أَمَةُ الْأَصْلِ لِلتَّزَوُّجِ إذْ إرْقَاقُ الْوَلَدِ لَا يَدُومُ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْأَصْلِ كَمَا فِي س ل. قَوْلُهُ: (وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ) أَيْ مَنْعِ كَامِلَةِ الرِّقِّ مَعَ تَيَسُّرِ مُبَعَّضَةٍ، اقْتَصَرَ الشَّيْخَانِ، وَاقْتِصَارُهُمَا عَلَيْهِ مُشْعِرٌ بِتَرْجِيحِ الْمُعَلَّلِ بِهِ وَتُقَدَّمُ قَلِيلَةُ الرِّقِّ عَلَى كَثِيرَتِهِ وَمَنْ عُلِّقَ حُرِّيَّةُ أَوْلَادِهَا عَلَى غَيْرِهَا ق ل.

وَالْقُدْرَةُ عَلَى أَمَةٍ أَصْلُهُ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ نِكَاحِ أَمَةِ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَوْلَادُهُ يُعْتَقُونَ عَلَى أَصْلِهِ، وَنَظَرَ فِيهِ حَجّ بِأَنَّ بَقَاءَ مِلْكِ الْأَصْلِ إلَى الْعُلُوقِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَدَلَالَةُ الِاسْتِصْحَابِ هُنَا ضَعِيفَةٌ وَفِي حَجّ أَنَّ أَوْلَادَهُ يَنْعَقِدُونَ أَحْرَارًا. وَفِي شَرْحِ م ر مَا يُوَافِقُهُ. وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى نِكَاحِ أَمَةِ أَصْلِهِ تَمْنَعُ صِحَّةَ نِكَاحِ أَمَةِ غَيْرِهِ، فَقِيَاسُهُ أَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى نِكَاحِ مَنْ عَلَّقَ سَيِّدُهَا حُرِّيَّةَ أَوْلَادِهَا عَلَى وِلَادَتِهِمْ تَمْنَعُ صِحَّةَ نِكَاحِ أَمَةٍ لَيْسَتْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ اهـ حَلَبِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ عَزْوُهُ لِلسُّبْكِيِّ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ هَذَا مِنْ أَوَّلِ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ لِلْكِتَابِيِّ، وَمِثْلُ الْكِتَابِيِّ الْمَجُوسِيُّ وَنَحْوُهُ فِي حِلِّ الْأَمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ لَهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الشَّرْطَيْنِ أَيْضًا إذَا حَكَمْنَا بِحِلِّ نِكَاحِ الْمَجُوسِيِّ لِلْمَجُوسِيَّةِ اهـ س ل وم ر.

قَوْلُهُ: (وَبِفَقْدِ الْحُرَّةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ، قَالَ تَعَالَى: {مَاذَا تَفْقِدُونَ} [يوسف: ٧١] {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} [يوسف: ٧٢] .

قَوْلُهُ: (كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ مِنْ كَلَامِهِمْ أَيْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا وَإِلَّا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ اهـ حَجّ.

قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ خَافَ زِنًا أَمْ لَا فَقَدَ الْحُرَّةَ أَمْ لَا. وَقَوْلُهُ " نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ " أَيْ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعْفَافُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعْفَافُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ الشَّمْسِ الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ وَمَنْ تَبِعَهُ؛ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا ابْتِدَاءً، فَلَوْ مَلَكَ الْوَلَدُ زَوْجَةَ أَبِيهِ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ الدَّوَامَ اغْتَفَرُوا فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ.

وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ " وَاعْلَمْ إلَخْ " إشَارَةٌ إلَى شُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ زِيَادَةً عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ أَنْ لَا تَكُونَ أَمَةَ فَرْعِهِ وَلَا أَمَةَ مُكَاتَبِهِ وَلَا مَوْقُوفَةً عَلَيْهِ وَلَا مُوصًى لَهُ بِخِدْمَتِهَا دَائِمًا.

قَوْلُهُ: (وَلَا أَمَةِ مُكَاتَبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، فَالْمَمْلُوكُ لَهُ كَالْمَمْلُوكِ لِسَيِّدِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَالشَّخْصُ لَا يَنْكِحُ أَمَتَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا أَمَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ) وَلَا مُوصًى لَهُ بِخِدْمَتِهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَالْمَمْلُوكَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا كَمَا لَا يَنْكِحُ مَمْلُوكَتَهُ. وَانْظُرْ هَلْ عَدَمُ حِلِّهَا ابْتِدَاءً وَدَوَامًا أَوْ ابْتِدَاءً فَقَطْ؟ اسْتَقْرَبَ ع ش الْأَوَّلَ، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ " أَوْ مُوصًى لَهُ بِخِدْمَتِهَا " أَيْ عَلَى التَّأْبِيدِ لِجَرَيَانِ قَوْلِ إنَّهُ يَمْلِكُهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا أَنَّهَا كَالْمُسْتَأْجَرَةِ لَهُ فَالْوَجْهُ حِلُّ تَزَوُّجِهِ بِهَا إذَا رَضِيَ الْوَارِثُ.

قَوْلُهُ: (وَنَظَرُ الرَّجُلِ) أَيْ وَلَوْ احْتِمَالًا، فَشَمِلَ الْخُنْثَى كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (الْفَحْلِ) أَيْ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ الْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ فَإِنَّهُمَا نَحْوُ الْفَحْلِ لَا مِنْ الْفَحْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَنْهَجِ؛ وَحِينَئِذٍ فَمَفْهُومُ الْفَحْلِ فِيهِ تَفْصِيلٌ: فَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْفَحْلِ مَمْسُوحًا فَيَجُوزُ نَظَرُهُ لِلْأَجْنَبِيَّةِ كَالْمَحْرَمِ، وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبًا أَوْ خَصِيًّا حَرُمَ. وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>