للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَصْدِهِ بَلْ يُكْرَهُ الْحَلِفُ بِهِ إلَّا أَنْ يَسْبِقَ إلَيْهِ لِسَانُهُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ، أَوْ مِنْ اللَّهِ أَوْ مِنْ رَسُولِهِ، فَلَيْسَ بِيَمِينٍ وَلَا يُكَفِّرُ بِهِ إنْ أَرَادَ تَبْعِيدَ نَفْسِهِ عَنْ الْفِعْلِ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَذْكَارِ وَلِيَقُلْ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى وَإِنْ قَصَدَ الرِّضَا بِذَلِكَ إذَا فَعَلَهُ فَهُوَ كَافِرٌ فِي الْحَالِ.

تَنْبِيهٌ: تَصِحُّ الْيَمِينُ عَلَى مَاضٍ وَغَيْرِهِ وَتُكْرَهُ إلَّا فِي طَاعَةٍ وَفِي دَعْوَى مَعَ صِدْقٍ عِنْدَ حَاكِمٍ وَفِي حَاجَةٍ كَتَوْكِيدِ كَلَامٍ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى ارْتِكَابِ مَعْصِيَةٍ عَصَى بِحَلِفِهِ، وَلَزِمَهُ حِنْثٌ وَكَفَّارَةٌ. أَوْ عَلَى تَرْكِ أَوْ فِعْلِ مُبَاحٍ سُنَّ تَرْكُ حِنْثِهِ أَوْ عَلَى تَرْكِ مَنْدُوبٍ أَوْ فِعْلِ مَكْرُوهٍ سُنَّ حِنْثُهُ وَعَلَيْهِ بِالْحِنْثِ كَفَّارَةٌ أَوْ عَلَى فِعْلِ مَنْدُوبٍ أَوْ تَرْكِ مَكْرُوهٍ، كُرِهَ حِنْثُهُ وَلَهُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ بِلَا صَوْمٍ عَلَى أَحَدِ سَبَبَيْهَا كَمَنْذُورٍ مَالِيٍّ.

(وَمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ) كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمَالِي إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ أُعْتِقَ عَبْدِي.

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُوجِبٍ لِلْكَفَّارَةِ لَا سِيَّمَا إذَا حَلَفَ عَلَى نِيَّةِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يَجُرُّ إلَى الْكُفْرِ لِعَدَمِ تَعْظِيمِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالِاسْتِخْفَافِ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُكَفِّرُ) : وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ حَتَّى فِي حَالِ الْإِطْلَاقِ رَوْضٌ، وَيُعَزَّرُ عَلَى ذَلِكَ مُطْلَقًا وَلَا يَنْعَقِدُ يَمِينُهُ مُطْلَقًا.

وَإِنْ قَصَدَ الْيَمِينَ وَالتَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي الْكُفْرِ وَلَوْ مَاتَ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ قَصْدٌ حُكِمَ بِكُفْرِهِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تَحْمِلُهُ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِأَنَّ اللَّفْظَ بِوَضْعِهِ يَقْتَضِيهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَذْكَارِ خِلَافُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ الْمُعْتَمَدُ.

تَنْبِيهٌ: مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَوَامّ مِنْ طَلَبِ الْخَصْمِ لِيَحْلِفَ عِنْدَ قَبْرِ وَلِيٍّ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا يُعَدُّ بِامْتِنَاعِهِ نَاكِلًا بَلْ الظَّاهِرُ حُرْمَةُ ذَلِكَ. رَحْمَانِيٌّ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي: وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْقَسَمِ بِغَيْرِ اللَّهِ فَعَنْهُ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ فِيهِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ وَرَبِّ الشَّمْسِ وَنَحْوِهِ، وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِاَللَّهِ فَإِذَا أَرَادَ تَعْظِيمَ شَيْءٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ أَقْسَمَ بِهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ اهـ. م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَلْيَقُلْ) أَيْ نَدْبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَأَوْجَبَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ ذَلِكَ. اهـ. ز ي.

قَوْلُهُ: (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) وَالْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِأَشْهَدُ بَلْ يَتَعَيَّنُ إنْ كَانَ كُفْرًا ق ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. وَإِذَا لَمْ يُكَفِّرْ نُدِبَ لَهُ الِاسْتِغْفَارُ وَيَقُولُ كَذَلِكَ: " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ " وَحَذْفُهُمْ أَشْهَدُ هُنَا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ فِي الْإِسْلَامِ الْحَقِيقِيِّ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيمَا هُوَ لِلِاحْتِيَاطِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِأَشْهَدُ كَمَا فِي رِوَايَةِ " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ".

قَوْلُهُ: (وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ: " أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ " وَهِيَ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر

قَوْلُهُ: (وَتُكْرَهُ) أَيْ الْيَمِينُ أَيْ فِي الْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ صَادِقًا كَانَ أَوْ كَاذِبًا مَاضِيًا كَانَ أَوْ مُسْتَقْبَلًا فِعْلًا أَوْ تَرْكًا وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ: الْيَمِينُ الْغَمُوسُ كَبِيرَةٌ هُوَ مِنْ حَيْثُ اقْتِطَاعُ الْمَالِ بِهَا لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا فَرَاجِعْ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا كُرِهَتْ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْجِزُ عَنْ الْوَفَاءِ بِهَا وَلِكَثْرَةِ تَوَلُّعِ الشَّيْطَانِ بِهِ الْمُوقِعِ لَهُ فِي النَّدَمِ كَمَا فِي حَدِيثِ «الْحَلِفُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ» قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا حَلَفْت بِاَللَّهِ صَادِقًا وَلَا كَاذِبًا قَطُّ أَيْ لَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَا بَعْدَهُ ق ل وع ش.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنَّ الْأَوْلَى التَّأْخِيرُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ، سم أَمَّا تَقْدِيمُهَا عَلَى الْيَمِينِ فَيَمْتَنِعُ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا مُقَارَنَتُهَا لِلْيَمِينِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ مَنْ يُعْتِقُ عَنْهَا مَعَ شُرُوعِهِ فِي الْيَمِينِ وَإِذَا قَدَّمَهَا عَلَى الْحِنْثِ وَلَمْ يَحْنَثْ اسْتَرْجَعَ كَالزَّكَاةِ أَيْ إنْ شَرَطَهُ، أَوْ عَلِمَ الْقَابِضُ أَنَّهَا مُعَجَّلَةٌ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ أَعْتَقَ ثُمَّ مَاتَ مَثَلًا قَبْلَ حِنْثِهِ وَقَعَ تَطَوُّعًا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ، لِتَعَذُّرِ الِاسْتِرْجَاعِ فِيهِ م ر وع ن. وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي فِي الْكَفَّارَةِ إذْ التَّقْدِيمُ وَصْفٌ مِنْ أَوْصَافِهَا كَمَا لَا يَخْفَى.

قَوْلُهُ: (عَلَى أَحَدِ سَبَبَيْهَا) أَيْ إنْ كَانَ لَهَا سَبَبَانِ فَإِنْ كَانَ لَهَا سَبَبٌ وَاحِدٌ كَكَفَّارَةِ الْجِمَاعِ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ سم.

قَوْلُهُ: (كَمَنْذُورٍ مَالِيٍّ) فَالنَّذْرُ سَبَبٌ أَوَّلُ وَالشِّفَاءُ سَبَبٌ ثَانٍ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةٍ) الْمُرَادُ بِهِ النَّذْرُ الَّذِي لَهُ حُكْمُ الْحَلِفِ وَهُوَ نَذْرُ اللَّجَاجِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا فِي فَصْلِ النَّذْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>