للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ فَهِيَ كَبِيرَةٌ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَإِلَّا فَصَغِيرَةٌ وَمِنْ الصَّغَائِرِ النَّظَرُ الْمُحَرَّمُ وَهَجْرُ الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالنِّيَاحَةُ وَشَقُّ الْجَيْبِ، وَالتَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْيِ وَإِدْخَالُ صِبْيَانٍ أَوْ مَجَانِينَ يَغْلِبُ تَنْجِيسُهُمْ الْمَسْجِدَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْمُشْرِكُ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرُوِيَ أَنَّ «رَجُلًا شَكَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَاهُ وَأَنَّهُ يَأْخُذُ مَالَهُ فَدَعَاهُ فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ إنَّهُ كَانَ ضَعِيفًا وَأَنَا قَوِيٌّ وَفَقِيرًا وَأَنَا غَنِيٌّ فَكُنْت لَا أَمْنَعُهُ شَيْئًا مِنْ مَالِي وَالْيَوْمَ أَنَا ضَعِيفٌ وَهُوَ قَوِيٌّ وَأَنَا فَقِيرٌ وَهُوَ غَنِيٌّ وَيَبْخَلُ عَلَيَّ بِمَالِهِ فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: مَا مِنْ حَجَرٍ وَلَا مَدَرٍ يَسْمَعُ بِهَذَا إلَّا بَكَى ثُمَّ قَالَ لِلْوَلَدِ: أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» . «وَشَكَا إلَيْهِ آخَرُ سُوءَ خُلُقِ أُمِّهِ. فَقَالَ: لِمَ لَمْ تَكُنْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ حِينَ حَمَلَتْك تِسْعَةَ أَشْهُرٍ؟ قَالَ: إنَّهَا سَيِّئَةُ الْخُلُقِ قَالَ: لِمَ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ حِينَ أَرْضَعَتْك حَوْلَيْنِ؟ قَالَ: إنَّهَا سَيِّئَةُ الْخُلُقِ. قَالَ: لِمَ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ حِينَ سَهِرَتْ لَك لَيْلَهَا وَأَظْمَأَتْ لَك نَهَارَهَا؟ قَالَ: لَقَدْ جَازَيْتهَا قَالَ: مَا فَعَلْت. قَالَ: حَجَجْت بِهَا عَلَى عُنُقِي قَالَ: مَا جَازَيْتهَا» ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي تَفْسِيرِهِ وَفِيهِ أَيْضًا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكُمْ وَعُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ فَإِنَّ الْجَنَّةَ يُوجَدُ رِيحُهَا مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ وَلَا يَجِدُ رِيحُهَا عَاقٌّ وَلَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَلَا شَيْخٌ زَانٍ وَلَا جَارُّ إزَارِهِ خُيَلَاءَ إنَّ الْكِبْرِيَاءَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» قَوْلُهُ: (وَشَهَادَةُ الزُّورِ) : وَلَا تَثْبُتُ شَهَادَةُ الزُّورِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ نَعَمْ يُسْتَفَادُ بِهَا جَرْحُ الشَّاهِدِ فَتَنْدَفِعُ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ جُرْحٌ مِنْهُمْ فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ لِأَجْلِهِ وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ عِلْمِ الْقَاضِي وَبِظُهُورِ كَذِبِهِ كَأَنْ شَهِدَ أَنَّهُ رَآهُ يَزْنِي يَوْمَ كَذَا وَثَبَتَ أَنَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ بِمِصْرَ مَثَلًا. اهـ. س ل.

قَوْلُهُ: (وَضَرْبُ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ) : قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ» شَرَحَ الْمَحَلِّيِّ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَقَوْلُهُ: كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ أَيْ تَسْتُرُ كُلٌّ مِنْهُنَّ بَعْضَ بَدَنِهَا وَتُبْدِي بَعْضَهُ إظْهَارًا لِجَمَالِهَا وَنَحْوِهِ وَقِيلَ تَلْبَسُ ثَوْبًا رَقِيقًا يَصِفُ لَوْنَ بَدَنِهَا كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ وَفِي الْحَاشِيَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: خَصَّ الْمُسْلِمَ لِأَنَّهُ أَفْحَشُ أَنْوَاعِهِ وَإِلَّا فَالذِّمِّيُّ كَذَلِكَ اهـ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: إنْ أَرَادَ فِي التَّحْرِيمِ فَمُسَلَّمٌ أَوْ فِي كَوْنِهِ كَبِيرَةً فَمَمْنُوعٌ اهـ. قَالَ سم: فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَعِنْدِي أَنَّ الْأَوْجَهَ كَوْنُهُ كَبِيرَةً كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ وَشَمِلَ الضَّرْبَ الْيَسِيرَ وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الضَّرْبَةَ وَالْخَدْشَةَ إذَا عَظُمَ أَلَمُهُمَا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا الْوَالِدَ أَوْ وَلِيًّا يَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَا بِالْكَبَائِرِ اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالنَّمِيمَةُ) هِيَ نَقْلُ الْكَلَامِ عَلَى وَجْهِ الْإِفْسَادِ سَوَاءٌ قَصَدَ الْإِفْسَادَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ نَقَلَهُ لِمَنْ تُكُلِّمَ بِهِ فِيهِ أَوْ نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ كَأَبِيهِ وَابْنِهِ مَثَلًا وَحَصَلَ الْإِفْسَادُ وَالْمُرَادُ بِالْإِفْسَادِ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ وَنَقْلُ الْكَلَامِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ نَقْلُ الْإِشَارَةِ وَالْفِعْلَ كَذَلِكَ وَسَوَاءٌ نَقَلَهُ بِكَلَامٍ أَوْ إشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ.

قَوْلُهُ: (الْغِيبَةُ) وَهِيَ ذِكْرُك أَخَاك بِمَا يَكْرَهُ وَلَوْ كَانَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ فِي غَيْبَتِهِ. قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَفَا مُؤْمِنًا بِمَا لَيْسَ فِيهِ حَبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَدْغَةِ الْخَبَالِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَرَدْغَةٌ بِسُكُونِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ اهـ. يُقَالُ قَفَوْت أَثَرَ فُلَانٍ أَقْفُوهُ إذَا اتَّبَعْت أَثَرَهُ وَسُمِّيَ الْقَفَا قَفًا لِأَنَّهُ مُؤَخَّرُ بَدَنِ الْإِنْسَانِ فَإِنْ مَشَى يَتْبَعُهُ وَيَقْفُوهُ اهـ.

فَرْعٌ: لَوْ اغْتَابَ إنْسَانٌ إنْسَانًا فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْهُ كَفَاهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَإِنْ اسْتَغْفَرَ ثُمَّ بَلَغَتْهُ فَهَلْ يَكْفِيهِ الِاسْتِغْفَارُ أَوْ لَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي سم.

قَوْلُهُ: (وَمِنْ الصَّغَائِرِ النَّظَرُ الْمُحَرَّمُ) : (وَمِنْ الصَّغَائِرِ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ النَّاسِ بِالطَّاوِلَةِ. وَفِي مُسْلِمٍ: «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» . وَأَوَّلُ مَنْ عَمِلَهُ الْفُرْسُ فِي زَمَنِ الْمَلِكِ نُصَيْرِ بْنِ الْبُرْهَانِيِّ الْأَكْبَرِ وَلَعِبَ بِهِ وَجَعَلَهُ مِثْلَ الْمَكَاسِبِ وَأَنَّهَا لَا تُنَالُ إلَّا بِالْكَسْبِ وَالْحِيَلِ وَإِنَّمَا تُنَالُ بِالْمَقَادِيرِ ذَكَرَهُ الْخَرَشِيُّ وَفَارَقَ الشِّطْرَنْجَ حَيْثُ يُكْرَهُ إنْ خَلَا عَنْ الْمَالِ بِأَنَّ مُعْتَمَدَهُ الْحِسَابُ الدَّقِيقُ وَالْفِكْرُ الصَّحِيحُ فَفِيهِ تَصْحِيحُ الْفِكْرِ وَنَوْعٌ مِنْ التَّدْبِيرِ وَمُعْتَمَدُ النَّرْدِ الْحَزْرُ وَالتَّخْمِينُ الْمُؤَدِّي إلَى غَايَةٍ مِنْ السَّفَاهَةِ وَالْحُمْقِ فَكُلُّ مَا مُعْتَمَدُهُ الْحِسَابُ وَالْفِكْرُ كَالْمِنْقَلَةِ وَهِيَ خُطُوطٌ يُنْقَلُ مِنْهَا وَإِلَيْهَا لَا يَحْرُمُ، وَمَحَلُّهُ فِي الْمِنْقَلَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ حِسَابُهَا تَابِعًا لِمَا يُخْرِجُهُ الطَّابُ وَإِلَّا حَرُمَتْ، وَكُلُّ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>