للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتِعْمَالُ نَجَاسَةٍ فِي بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَبِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ. كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ: فَلَا تَنْتَفِي عَدَالَتُهُ وَإِنْ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ الِانْتِفَاءَ مُطْلَقًا.

فَائِدَةٌ: فِي الْبَحْرِ لَوْ نَوَى الْعَدْلُ فِعْلَ كَبِيرَةٍ غَدًا كَزِنًا لَمْ يَصِرْ بِذَلِكَ فَاسِقًا بِخِلَافِ نِيَّةِ الْكُفْرِ (وَ) الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ (سَلِيمَ السَّرِيرَةِ) أَيْ الْعَقِيدَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُبْتَدِعًا لَا يُكَفَّرُ وَلَا يُفَسَّقُ بِبِدْعَتِهِ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُبْتَدِعٍ يُكَفَّرُ أَوْ يُفَسَّقُ بِبِدْعَتِهِ؛ فَالْأَوَّلُ: كَمُنْكِرِي الْبَعْثِ، وَالثَّانِي كَسَابِّ الصَّحَابَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْخَطَّابِيَّةُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَهُمْ فِرْقَةٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُعْتَمَدُهُ: التَّخْمِينُ يَحْرُمُ. وَمِنْهُ الطَّابُ عِصِيٌّ صِغَارٌ تُرْمَى وَيُنْظَرُ لِلَوْنِهَا لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ الَّذِي اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ س ل. وَقَوْلُهُ: وَفَارَقَ الشِّطْرَنْجَ أَيْ لَعِبَهُ مَعَ مَنْ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ وَإِلَّا حَرُمَ لِإِعَانَتِهِ عَلَى مُحَرَّمٍ لَا يُمْكِنُ الِانْفِرَادُ بِهِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ حُرْمَةِ الْكَلَامِ مَعَ الْمَالِكِيِّ فِي وَقْتِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ قَالَهُ ق ل: قَوْلُهُ: (وَالنِّيَاحَةُ وَشَقُّ الْجَيْبِ) : عَدَّهُمَا ابْنُ حَجَرٍ مِنْ الْكَبَائِرِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ تَغْلِبَ) : وَيَتَّجِهُ ضَبْطُ الْغَلَبَةِ بِالْعَدَدِ مِنْ جَانِبَيْ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِكَثْرَةِ ثَوَابٍ فِي الْأُولَى وَعِقَابٍ فِي الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ أُخْرَوِيٌّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ أَيْ فَتُقَابَلُ حَسَنَةٌ بِسَيِّئَةٍ لَا بِعَشْرِ سَيِّئَاتٍ.

وَالْمُرَادُ الْغَلَبَةُ بِاعْتِبَارِ الْعُمْرِ بِأَنْ تُحْسَبَ الْحَسَنَاتُ الَّتِي فَعَلَهَا فِي عُمْرِهِ وَالسَّيِّئَاتُ أَيْضًا وَيُنْظَرُ الْغَالِبُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْغَلَبَةَ بِاعْتِبَارِ يَوْمٍ بِيَوْمٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ فُسْحَةٌ، كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَمَعْنَى غَلَبَتِهَا مُقَابَلَةُ الْفَرْدِ بِالْفَرْدِ. مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمُضَاعَفَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا: وَفِيهِ بَحْثٌ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرُوِيَ مَرْفُوعًا أَيْضًا «وَيْلٌ لِمَنْ غَلَبَتْ وَحَدَاتُهُ. أَيْ سَيِّئَاتُهُ لِأَنَّ السَّيِّئَةَ وَاحِدَةٌ لَا تُضَاعَفُ عَلَى عَشَرَاتِهِ» . أَيْ حَسَنَاتِهِ فَتَأَمَّلْ، وَفِي ع ش عَلَى م ر. إنَّهُ يُقَابِلُ كُلَّ طَاعَةٍ بِمَعْصِيَةٍ فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ حَتَّى لَوْ غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ عَلَى الْمَعَاصِي فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَغَلَبَتْ الْمَعَاصِي فِي بَاقِيهَا بِحَيْثُ لَوْ قُوبِلَتْ جُمْلَةُ الْمَعَاصِي بِجُمْلَةِ الطَّاعَاتِ كَانَتْ الْمَعَاصِي أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا اهـ. وَقَالَ م ر: وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ صَغِيرَةٍ تَابَ مِنْهَا مُرْتَكِبُهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْعَدِّ لِإِذْهَابِ التَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ أَثَرَهَا رَأْسًا اهـ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِرْ بِذَلِكَ فَاسِقًا) يَقْتَضِي أَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَتَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْهُ وَمَحَلُّهُ إذَا عَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ قَالَ الشَّاعِرُ:

مَرَاتِبُ الْقَصْدِ خَمْسٌ هَاجِسٌ ذَكَرُوا ... فَخَاطِرٌ فَحَدِيثُ النَّفْسِ فَاسْتَمِعَا

يَلِيهِ هَمٌّ فَعَزْمٌ كُلُّهَا رُفِعَتْ ... سِوَى الْأَخِيرِ فَفِيهِ الْأَخْذُ قَدْ وَقَعَا

قَوْلُهُ: (سَلِيمَ السَّرِيرَةِ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا وَلَا لِمَا بَعْدَهُ لِإِغْنَاءِ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يَكُونَ مُبْتَدِعًا لَا يُكَفَّرُ وَلَا يُفَسَّقُ بِبِدْعَتِهِ) كَذَا فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي فَهْمِ الْحُكْمِ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ صُعُوبَةً فَحَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: بِأَنْ لَا يَكُونَ مُبْتَدِعًا يُكَفَّرُ أَوْ يُفَسَّقُ بِبِدْعَتِهِ، بِأَنْ لَا يَكُونَ مُبْتَدِعًا أَصْلًا أَوْ مُبْتَدِعًا لَا يُكَفَّرُ وَلَا يُفَسَّقُ بِبِدْعَتِهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ الْعَدْلِ الَّذِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَعِبَارَتُهُ تَصْدُقُ بِغَيْرِهِ. كَذَا قَالَهُ الْمَرْحُومِيُّ وَعِبَارَةُ م د.

قَوْلُهُ: لَا يُكَفَّرُ وَلَا يُفَسَّقُ بِبِدْعَتِهِ لَيْسَ وَاقِعًا صِفَةً لِمُبْتَدِعًا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ. بَلْ هُوَ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ أَيْ بِأَنْ لَا يُكَفَّرَ وَلَا يُفَسَّقَ فَاسْتَقَامَ جَعْلُهُ بَيَانًا لِلَّذِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جُعِلَ وَصْفًا لِمُبْتَدِعٍ بِأَنْ يَنْحَلَّ إلَى قَوْلِنَا: شَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مُبْتَدِعًا لَا يُكَفَّرُ وَلَا يُفَسَّقُ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُبْتَدِعًا يُكَفَّرُ، أَوْ يُفَسَّقُ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ بَلْ فِي الَّذِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ اهـ. وَقَالَ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: لَا يُكَفَّرُ أَيْ أَوْ مُبْتَدِعًا لَا يُكَفَّرُ فَفِيهِ حَذْفٌ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ: أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ غَيْرُ صَحِيحَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدِعًا لَا يُكَفَّرُ أَوْ يُفَسَّقُ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ لَا الثَّانِيَةِ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ غَيْرُ مُبْتَدِعٍ أَصْلًا أَوْ مُبْتَدِعًا لَا يُكَفَّرُ وَلَا يُفَسَّقُ، وَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ أَوْ كَانَ يَحْذِفُ لَا الْأُولَى وَيَقُولُ: بِأَنْ يَكُونَ مُبْتَدِعًا لَا يُكَفَّرُ وَلَا يُفَسَّقُ وَيَكُونُ سَكَتَ عَنْ غَيْرِ الْمُبْتَدِعِ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>