للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجَوِّزُونَ الشَّهَادَةَ لِصَاحِبِهِمْ إذَا سَمِعُوهُ يَقُولُ لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا هَذَا إذَا لَمْ يُبَيِّنُوا السَّبَبَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَإِنْ بَيَّنُوا السَّبَبَ كَأَنْ قَالُوا: رَأَيْنَاهُ يُقْرِضُهُ كَذَا فَتُقْبَلُ حِينَئِذٍ شَهَادَتُهُمْ. (وَ) الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ (مَأْمُونًا) مِمَّا تُوقِعُ فِيهِ النَّفْسُ الْأَمَّارَةُ صَاحِبَهَا (عِنْدَ الْغَضَبِ) مِنْ ارْتِكَابِ قَوْلِ الزُّورِ وَالْإِصْرَارِ عَلَى الْغِيبَةِ وَالْكَذِبِ لِقِيَامِ غَضَبِهِ فَلَا عَدَالَةَ لِمَنْ يَحْمِلُهُ غَضَبُهُ عَلَى الْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ. (وَ) الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ (مُحَافِظًا عَلَى مُرُوءَةِ مِثْلِهِ) بِأَنْ يَتَخَلَّقَ الشَّخْصُ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ، مِنْ أَبْنَاءِ عَصْرِهِ مِمَّنْ يُرَاعِي مَنَاهِجَ الشَّرْعِ وَآدَابَهُ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لِأَنَّ الْأُمُورَ الْعُرْفِيَّةَ قَلَّمَا تَنْضَبِطُ بَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبُلْدَانِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ. فَإِنَّ الْفِسْقَ يَسْتَوِي فِيهِ الشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ بِخِلَافِ الْمُرُوءَةِ فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ لَا مُرُوءَةَ لَهُ كَمَنْ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ فِي سُوقٍ وَهُوَ غَيْرُ سُوقِيٍّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرُ مَنْ لَمْ يَغْلِبْهُ جُوعٌ أَوْ عَطَشٌ أَوْ يَمْشِي فِي سُوقٍ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ أَوْ الْبَدَنِ غَيْرِ الْعَوْرَةِ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ مِثْلُهُ وَلِغَيْرِ مُحْرِمٍ بِنُسُكٍ

أَمَّا الْعَوْرَةُ فَكَشْفُهَا حَرَامٌ، أَوْ يُقَبِّلُ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَأَمَّا تَقْبِيلُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَتَهُ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ فَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: كَانَ تَقْبِيلَ اسْتِحْسَانٍ لَا تَمَتُّعٍ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَنْظُرُهُ أَوْ عَلَى أَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَضُرُّ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَمَدُّ الرِّجْلِ عِنْدَ النَّاسِ بِلَا ضَرُورَةٍ كَقُبْلَةِ أَمَتِهِ بِحَضْرَتِهِمْ وَمِنْ ذَلِكَ إكْثَارُ حِكَايَاتٍ مُضْحِكَةٍ بَيْنَ النَّاسِ بِحَيْثُ يَصِيرُ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ. وَخَرَجَ بِالْإِكْثَارِ مَا لَمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَسَابِّ الصَّحَابَةِ) : لَعَلَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ قَذْفٍ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا كَانَ كَبِيرَةً أَوْ كُفْرًا كَقَذْفِ عَائِشَةَ.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى) الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ حَيْثُ جَرَيَانُ التَّفْصِيلِ فِيهِمْ أَيْ الْخَطَّابِيَّةُ وَذَكَرَ م ر هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ قَوْلِهِ: سَابِقًا فَإِنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُ شَهَادَةِ أَهْلِهَا فَيَقْتَضِي أَنَّ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ خِلَافًا وَالْخَطَّابِيَّةُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ إذَا شَهِدُوا لِمُوَافِقِيهِمْ وَلَمْ يُبَيِّنُوا السَّبَبَ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ ظَاهِرًا.

قَوْلُهُ: (كَأَنْ قَالُوا إلَخْ) مِثَالٌ لِلْمَنْفِيِّ.

قَوْلُهُ: (مُرُوءَةِ) مِثْلِهِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا وَبِالْهَمْزِ وَتَرْكِهِ مَعَ إبْدَالِهَا وَاوًا مُشَدَّدَةً تِلِمْسَانِيٌّ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُرُوءَةُ آدَابٌ نَفْسَانِيَّةٌ تَحْمِلُ مُرَاعَاتُهَا الْإِنْسَانَ عَلَى الْوُقُوفِ عِنْدَ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَجَمِيلِ الْعَادَاتِ اهـ.

قَوْلُهُ: (يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ) : وَلَا بُدَّ مِنْ الْكَثْرَةِ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَالْمَشْيِ.

قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ مَنْ لَمْ) : مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَهُوَ غَيْرُ سُوقِيٍّ وَقَوْلُهُ: أَوْ يَمْشِي مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَنْ يَأْكُلُ إلَخْ. نَعَمْ لَوْ أَكَلَ دَاخِلَ حَانُوتٍ، بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ. أَوْ كَانَ صَائِمًا وَقَصَدَ الْمُبَادَرَةَ لِسُنَّةِ الْفِطْرِ اتَّجَهَ عُذْرُهُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُهُ غَيْرُهُ أَيْ مِنْ الْمَارِّينَ أَمَّا لَوْ نَظَرَهُ مَنْ دَخَلَ لِيَأْكُلَ أَيْضًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخِلَّ بِالْمُرُوءَةِ ع ش عَلَى م ر. وَمِمَّا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ بَيْعُهُ لِصَدِيقِهِ كَمَا يَبِيعُ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ عَدَمَ مُحَابَاةِ الصِّدِّيقِ مُخِلٌّ بِالْمُرُوءَةِ عَبْدُ الْبَرِّ.

قَوْلُهُ: (مِمَّنْ لَا يَلِيقُ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: مَكْشُوفَ الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ: وَلِغَيْرِ مُحْرِمٍ إلَخْ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِمِثْلِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ يُقَبِّلُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ كَمَنْ يَأْكُلُ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَوْ يُقَبِّلُ زَوْجَتَهُ) : أَيْ وَلَوْ مَرَّةً وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي النَّاسِ لِلْجِنْسِ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُرَادُ مَنْ يُسْتَحَى مِنْهُمْ لَا نَحْوِ صِغَارٍ وَمَجَانِينَ وَلَا جَوَارِيهِ وَزَوْجَاتِهِ. وَكَذَا وَطْءُ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى إذَا خَلَا عَنْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَقَصْدِ الْإِيذَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرِمُ الْمُرُوءَةَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أَوْ تَقْبِيلُ زَوْجَتِهِ أَيْ فِي نَحْوِ فَمِهَا لَا رَأْسِهَا وَلَا وَضْعُ يَدِهِ عَلَى نَحْوِ صَدْرِهَا. وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ التَّشْرِيعِ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ. وَلِذَلِكَ صَارَ جَائِزًا أَوْ يُقَالُ غَرَضُهُ إغَاظَةُ الْكُفَّارِ وَإِظْهَارُ ذُلِّهِمْ.

قَوْلُهُ: (بِحَضْرَةِ النَّاسِ) : وَلَوْ مَحَارِمَ لَهُ أَوْ لَهَا ع ش قَالَ س ل: وَالْأَوْجَهُ أَنَّ تَقْبِيلَهَا لَيْلَةَ جَلَائِهَا بِحَضْرَةِ النَّاسِ، وَالْأَجْنَبِيَّاتِ يُسْقِطُهَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الدَّنَاءَةِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ. اهـ. م ر. وَعَدَّ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ ذَلِكَ حِكَايَةَ مَا يَتَّفِقُ لَهُ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي الْخَلْوَةِ وَجَزَمَ فِي النِّكَاحِ بِكَرَاهَةِ هَذَا وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِتَحْرِيمِهِ ز ي وح ل.

قَوْلُهُ: (اسْتِحْسَانٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ ذَلِكَ إغَاظَةً لِلْكُفَّارِ.

قَوْلُهُ: (وَمَدُّ الرِّجْلِ عِنْدَ النَّاسِ) أَيْ الَّذِينَ يَحْتَشِمُهُمْ لَا نَحْوُ إخْوَانِهِ وَتَلَامِذَتِهِ سم.

قَوْلُهُ: (إكْثَارُ حِكَايَاتٍ) أَيْ وَكَانَتْ صِدْقًا وَقَصَدَ إضْحَاكَهُمْ لِخَبَرِ «مَنْ تَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ يُضْحِكُ بِهَا جُلَسَاءَهُ يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» أَيْ عَامًا مِنْ إطْلَاقِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ حَرَامٌ بَلْ كَبِيرَةٌ لَكِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>