للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحُلُولِ أَجَلٍ أَوْ لِوُقُوعِ طَلَاقٍ فَلَا. كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي الصِّيَامِ وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ مَسَائِلُ مِنْهَا مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ رَجَبٍ مَثَلًا فَشَهِدَ وَاحِدٌ بِرُؤْيَتِهِ فَهَلْ يَجِبُ الصَّوْمُ إذَا قُلْنَا يَثْبُتُ بِهِ رَمَضَانُ. حَكَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ وَجْهَيْنِ عَنْ الْبَحْرِ وَرَجَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي كِتَابِ الصِّيَامِ الْوُجُوبَ، وَمِنْهَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ آخِرَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَشَهِدَ عَدْلٌ بِإِسْلَامِهِ، لَمْ يَكْفِ فِي الْإِرْثِ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ الْقَبُولِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ أَفْتَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِالْمَنْعِ، وَمِنْهَا ثُبُوتُ شَوَّالٍ بِشَهَادَةِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فِيمَا إذَا ثَبَتَ رَمَضَانُ بِشَهَادَتِهِ وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ فَانْفَطَرَ عَلَى الْأَصَحِّ وَمِنْهَا الْمُسْمِعُ لِلْخَصْمِ كَلَامَ الْقَاضِي أَوْ لِلْقَاضِي كَلَامَ الْخَصْمِ يُقْبَلُ فِيهِ الْوَاحِدُ وَهُوَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، وَمِنْهَا صُوَرٌ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ ذَكَرْتهَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ.

(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ) عَلَى فِعْلٍ كَزِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ وَغَصْبٍ وَإِتْلَافٍ وَوِلَادَةٍ وَرَضَاعٍ وَاصْطِيَادٍ وَإِعْيَاءٍ وَكَوْنِ الْيَدِ عَلَى مَالٍ إلَّا بِإِبْصَارٍ لِذَلِكَ الْفِعْلِ مَعَ فَاعِلِهِ لِأَنَّهُ يَصِلُ بِهِ إلَى الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ السَّمَاعُ مِنْ الْغَيْرِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَلَى مِثْلِهِمَا فَاشْهَدْ» إلَّا أَنَّ فِي الْحُقُوقِ مَا اُكْتُفِيَ فِيهِ بِالظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ لِتَعَذُّرِ الْيَقِينِ فِيهِ وَتَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهِ، كَالْمِلْكِ فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهِ يَقِينًا وَكَذَا الْعَدَالَةُ وَالْإِعْسَارُ وَتُقْبَلُ فِي الْفِعْلِ مِنْ أَصَمَّ لِإِبْصَارِهِ وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ النَّظَرِ لِفَرْجَيْ الزَّانِيَيْنِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ لِأَنَّهُمَا هَتَكَا حُرْمَةَ أَنْفُسِهِمَا وَالْأَقْوَالُ كَعَقْدٍ وَفَسْخٍ وَطَلَاقٍ وَإِقْرَارٍ يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ بِهَا سَمْعُهَا وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا حَالَ تَلَفُّظِهِ بِهَا حَتَّى لَوْ نَطَقَ بِهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَهُوَ يَتَحَقَّقُهُ لَمْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ الْعِبَادَةِ. قَوْلُهُ: (وَمُقْتَضَاهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَهُوَ مَحَلُّ الشَّاهِدِ قَوْلُهُ: (الْمُسْمِعِ لِلْخَصْمِ كَلَامَ الْقَاضِي) لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ لَا شَاهِدٌ بِخِلَافِ الَّذِي يُتَرْجِمُ لِلْقَاضِي كَلَامَ الْخَصْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ اثْنَيْنِ. فَقَوْلُهُ: أَوْ لِلْقَاضِي كَلَامَ الْخَصْمِ مُصَوَّرٌ بِالْقَاضِي الْأَصَمِّ لَا الْمُتَرْجَمِ لَهُ. لِمَا تَقَدَّمَ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ اثْنَانِ اهـ م د. وَقَوْلُهُ: الْأَصَمُّ أَيْ فِيهِ بَعْضُ صَمَمٍ، وَإِلَّا فَالْأَصَمُّ لَا يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ الْقَضَاءَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ لِلْقَاضِي كَلَامَ الْخَصْمِ) ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلٍ) : هَذِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَعْمَى فِي الْمَتْنِ فَجَعَلَهَا فِي الشَّارِحِ، مُتَعَلِّقَةً لِهَذَا الْمُقَدَّرِ وَهُوَ قَوْلُهُ: عَلَى فِعْلٍ وَقَدَّرَ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَى الْمَتْنِ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى إلَخْ. فَلَوْ أَبْقَى الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَدَّرَ السِّوَادَةَ هُنَا وَجَعَلَهَا مِنْ عِنْدِهِ كَانَ أَحْسَنَ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الشُّهُودَ بِهِ إنْ كَانَ فِعْلًا اُشْتُرِطَ فِي الشَّاهِدِ بِهِ الْإِبْصَارُ فَقَطْ فَيَكْفِي الْأَصَمُّ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا اُشْتُرِطَ فِيهِ أَمْرَانِ الْإِبْصَارُ وَالسَّمْعُ. قَوْلُهُ: (وَكَوْنُ الْيَدِ عَلَى مَالٍ) : سَيَأْتِي أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَكُلُّ مَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ يَكْفِي فِيهِ الْأَعْمَى كَمَا يَأْتِي فَكَلَامُ الشَّارِحِ ضَعِيفٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الْيَدِ عَلَى مَالٍ إلَخْ. يَعْنِي أَنَّهُ لَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ عَنْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ فَلَا يَكُونُ مِنْ قِسْمِ الِاسْتِفَاضَةِ، إلَّا إذَا شَهِدَ بِيَدٍ مَعَ تَصَرُّفِ الْمُلَّاكِ مُدَّةً طَوِيلَةً، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَحِينَئِذٍ كَلَامُ الشَّارِحِ لَا ضَعْفَ فِيهِ خِلَافًا لِلْمُحَشِّيِّ.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنَّ فِي الْحُقُوقِ إلَخْ) : قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَنْ رَأَى رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ فِي يَدِهِ مُتَمَيِّزًا عَلَى أَمْثَالِهِ كَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَاسْتَفَاضَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَبَبَهُ وَلَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ. وَكَذَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَوْ انْضَمَّ إلَى الْيَدِ تَصَرُّفٌ وَمُدَّةٌ طَوِيلَةٌ وَلَوْ بِغَيْرِ الِاسْتِفَاضَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَتَدْعُوَ الْحَاجَةُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَدُعَاءُ الْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةً فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ عَطْفًا عَلَى تَعَذَّرَ عَلَى حَدِّ:

وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ النَّظَرِ) صَرَّحَ م ر بِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: وَيُشْتَرَطُ لِلزِّنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ. وَعِبَارَةُ ق ل وَيَجُوزُ النَّظَرُ لِفَرْجِ الزَّانِيَيْنِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، وَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَوْ تَعَمَّدُوا النَّظَرَ لِغَيْرِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ اهـ.

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>