للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكْفِ. وَمَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ بِبَابِ بَيْتٍ فِيهِ اثْنَانِ فَقَطْ فَسَمِعَ تَعَاقُدَهُمَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَفَى مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ زَيَّفَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمُوجِبَ مِنْ الْقَابِلِ.

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ (الْأَعْمَى) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَصَرِ لِجَوَازِ اشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ وَقَدْ يُحَاكِي الْإِنْسَانُ صَوْتَ غَيْرِهِ. (إلَّا فِي سِتَّةِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ خَمْسَةَ (مَوَاضِعَ) وَسَيَأْتِي تَوْجِيهُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الْأَوَّلُ (الْمَوْتُ) ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَا يَخْفَى وَمِنْهَا مَا يَظْهَرُ وَقَدْ يَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا فَجَازَ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ. (وَ) الْمَوْضِعُ الثَّانِي (النَّسَبُ) لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ فَيَشْهَدُ أَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ أَوْ أَنَّ هَذِهِ بِنْتُ فُلَانٍ، أَوْ قَبِيلَةٍ فَيَشْهَدُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا، لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلرُّؤْيَةِ فِيهِ فَإِنَّ غَايَةَ الْمُمْكِنِ أَنْ يُشَاهِدَ الْوِلَادَةَ عَلَى الْفِرَاشِ وَذَلِكَ لَا يُفِيدُ الْقَطْعَ بَلْ الظَّاهِرَ فَقَطْ. وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَى إثْبَاتِ الْإِنْسَانِ إلَى الْأَجْدَادِ الْمُتَوَفَّيْنَ وَالْقَبَائِلِ الْقَدِيمَةِ فَسُومِحَ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَكَذَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِالِاسْتِفَاضَةِ إلَى الْأُمِّ فِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

سَمْعُهَا) أَيْ السَّمْعُ وَلَوْ بِأُذُنٍ أَوْ بِهِ ثِقَلٌ أَيْ فَيَكْفِي السَّمْعُ بِأُذُنٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَا ضَعِيفُ السَّمْعِ وَقَوْلُهُ: وَإِبْصَارٌ أَيْ وَلَوْ بِعَيْنٍ أَوْ بِهِ ضَعْفٌ أَيْ فَيَكْفِي الْأَعْوَرُ وَضَعِيفُ الْبَصَرِ كَمَا فِي م د عَلَى التَّحْرِيرِ وَقَوْلُهُ: أَيْ السَّمْعُ أَوَّلَهُ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ السَّمْعُ لَا سَمْعُهَا وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ سَمِعَهَا السَّمْعُ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ) : قَالَ م ر: وَإِنْ عَلِمَ صَوْتَهُ لِأَنَّ مَا كَانَ إدْرَاكُهُ مُمْكِنًا بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ فِيهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ اهـ.

قَوْلُهُ: (زَيَّفَهُ) أَيْ ضَعَّفَهُ.

قَوْلُهُ: (الْأَعْمَى) الْعَمِّيّ يُكْتَبُ بِالْيَاءِ وَهُوَ فَقْدُ الْبَصَرِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا لِيَخْرُجَ الْجَمَادُ. قَالَ الْغُنَيْمِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمَطْلَعِ وَكَوْنُ الْعَمَى عَدَمِيًّا رَأَى الْفَلَاسِفَةِ وَرَأَى الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ مَعْنًى وُجُودِيٌّ يُضَادُّ الْإِدْرَاكَ وَهُوَ لَيْسَ بِضَارٍّ فِي الدِّينِ بَلْ الْمُضِرُّ إنَّمَا هُوَ عَمَى الْبَصِيرَةِ. وَهُوَ الْجَهْلُ بِدَلِيلِ {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: ٤٦] وَضَمِيرُ فَإِنَّهَا لِلْقِصَّةِ وَيُعْجِبُنِي هُنَا قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمُرْسِيِّ:

يَقُولُونَ الضَّرِيرُ فَقُلْت كَلًّا ... بَلَى وَاَللَّهِ أَبْصَرُ مِنْ بَصِيرِ

سَوَادُ الْعَيْنِ زَارَ بَيَاضَ قَلْبِي ... لِيَجْتَمِعَا عَلَى فَهْمِ الْأُمُورِ

وَلَمَّا عَمِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنْشَدَ:

إنْ يَأْخُذْ اللَّهُ مِنْ عَيْنَيَّ نُورَهُمَا ... فَإِنَّ قَلْبِي مُضِيءٌ مَا بِهِ ضَرَرُ

أَرَى بِقَلْبِي دُنْيَايَ وَآخِرَتِي ... وَالْقَلْبُ يُدْرِكُ مَا لَا يُدْرِكُ الْبَصَرُ

قَوْلُهُ: (فِيمَا يَتَعَلَّقُ) لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالنَّظَرِ لِهَذَا الْقَيْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ أَسْبَابَهُ) أَيْ الْمَوْتِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَعْتَمِدَ) أَيْ الْأَعْمَى. قَوْلُهُ: (مِنْ أَبٍ) بَيَانٌ لِلْمَنْسُوبِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَيَشْهَدُ أَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ شَهِدَ الْأَعْمَى بِالِاسْتِفَاضَةِ جَازَ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينٍ وَإِشَارَةٍ بِأَنْ شَهِدَ عَلَى مَعْرُوفٍ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَوْ شَهِدَ لَهُ بِنَسَبٍ وَصَوَّرُوهُ بِأَنْ يَصِفَ الشَّخْصَ فَيَقُولُ الرَّجُلُ الَّذِي اسْمُهُ كَذَا وَكُنْيَتُهُ كَذَا وَمُصَلَّاهُ كَذَا وَمَسْكَنُهُ كَذَا هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ثُمَّ يُقِيمُ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أُخْرَى أَنَّهُ الَّذِي اسْمُهُ كَذَا وَكُنْيَتُهُ كَذَا إلَى آخِرِ الصِّفَاتِ أَوْ يَشْهَدُ لَهُ بِمِلْكِ دَارٍ مَعْرُوفَةٍ أَوْ أَرْضٍ مَعْرُوفَةٍ اهـ. بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: فَيَشْهَدُ أَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ.

قَوْلُهُ: (مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا) : فَائِدَةُ هَذِهِ الشَّهَادَةِ اسْتِحْقَاقُهُ مَثَلًا مِنْ وَقْفٍ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (الْمُتَوَفَّيْنَ) أَيْ الَّذِينَ مَاتُوا وَالْمُتَوَفَّيْنَ جَمْعُ مُتَوَفًّى حُذِفَتْ أَلِفُهُ عِنْدَ الْجَمْعِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>