للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخَرِيطَةُ وِعَاءُ الْكِيسِ مِنْ أَدَمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا مُعَدَّيْنِ لِلْمُصْحَفِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي لِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا مُعَدَّيْنِ لَهُ كَانَا كَالْجِلْدِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا فِي بَيْعِهِ، وَالْعِلَاقَةُ كَالْخَرِيطَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُصْحَفُ فِيهِمَا أَوْ هُوَ فِيهِمَا وَلَمْ يُعَدَّا لَهُ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُمَا، وَيَحْرُمُ مَسُّ مَا كُتِبَ لِدَرْسِ قُرْآنٍ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ كَلَوْحٍ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ قَدْ أُثْبِتَ فِيهِ لِلدِّرَاسَةِ فَأَشْبَهَ الْمُصْحَفَ، أَمَّا مَا كُتِبَ لِغَيْرِ الدِّرَاسَةِ كَالتَّمِيمَةِ وَهِيَ وَرَقَةٌ يُكْتَبُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَتُعَلَّقُ عَلَى الرَّأْسِ مَثَلًا لِلتَّبَرُّكِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْخَشَبُ الْحَائِلُ بَيْنَهُمَا فَلَا يَحْرُمُ مَسُّهُ، كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا وَأَقَرَّهُ اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَدَمٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ جِلْدٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا مُعَدَّيْنِ لِلْمُصْحَفِ) أَيْ وَحْدَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا أُعِدَّ لَهُ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلَى حَجْمِهِ أَوْ لَا. وَهُوَ قَرِيبٌ شَرْحُ م ر. وَقَوْلُهُ: (أُعِدَّ لَهُ) أَيْ عُرْفًا لِيَخْرُجَ نَحْوُ الْخَزَائِنِ اج اهـ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا مُعَدَّيْنِ لَهُ إلَخْ) أَيْ فَتَكُونُ حُرْمَةُ مَسِّ الْخَرِيطَةِ وَالصُّنْدُوقِ ثَابِتَةً بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَى الْجِلْدِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَتَأَمَّلْ عَزِيزِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَالْعِلَاقَةُ) أَيْ اللَّائِقَةُ لَا طَوِيلَةٌ جِدًّا أَيْ فَلَا يَحْرُمُ مَسُّ الزَّائِدِ حَيْثُ كَانَ طُولُهَا مُفْرِطًا.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُمَا) إنْ لَمْ يَكُنْ مَاسًّا لِلْمُصْحَفِ. قَوْلُهُ (لِدَرْسِ) أَيْ وَلَوْ عَلَى جِدَارٍ فَيَحْرُمُ مَسُّهُ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَحْرُمُ مَسُّ الْمَوْضِعِ الْخَالِي مِنْ الْجِدَارِ كَمَا فِي اللَّوْحِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ سم اهـ اج.

قَوْلُهُ: (كَلَوْحٍ) وَيَحْرُمُ مَسُّ جَمِيعِهِ وَكَذَا عِلَاقَتُهُ وَلَا يَحْرُمُ مَحْوُهُ بِرِيقِهِ وَلَوْ بِالْبَصْقِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إهَانَةً وَلَا يَحْرُمُ مَدُّ نَحْوِ رِجْلِهِ إلَى جِهَةِ الْمُصْحَفِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: بِالْحُرْمَةِ ق ل. وَعِبَارَةُ سم فِي شَرْحِ الْمَتْنِ: اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي مَحْوِ لَوْحِ الْقُرْآنِ بِالْبُصَاقِ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي الْمَكَاتِبِ، فَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ حُرْمَةَ ذَلِكَ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْعِمَادِ وَبَعْضُهُمْ جَوَازَهُ وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ أَنْ يَبْصُقَ عَلَى اللَّوْحِ، فَيَحْرُمَ، وَأَنْ يَبْصُقَ عَلَى خِرْقَةٍ ثُمَّ يَمْحُوَهُ بِهَا فَيَحِلَّ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَوْ جَعَلَهُ مِرْوَحَةً لَمْ يَحْرُمْ لِقِلَّةِ الِامْتِهَانِ اهـ. وَلَوْ قِيلَ بِالْحُرْمَةِ فِي جَعْلِهِ مِرْوَحَةً لَمْ يَبْعُدْ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ كَلَوْحٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُكْتَبُ عَلَيْهِ عَادَةً حَتَّى لَوْ كَتَبَ عَلَى عَمُودٍ أَوْ بَابٍ قُرْآنًا لِلدِّرَاسَةِ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّ غَيْرِ الْكِتَابَةِ. أَيْ الْخَالِي فِيهِ عَنْ الْقُرْآنِ، وَقَيَّدَ الْعَلْقَمِيُّ الْخَالِيَ عَنْهُ بِمَا لَمْ يَكُنْ حَرِيمًا لِلْقُرْآنِ كَمَا ذَكَرَهُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ وَرَقَةٌ) أَيْ مَثَلًا فَالْأَوْرَاقُ كَذَلِكَ حَيْثُ عُدَّتْ تَمِيمَةً عُرْفًا، وَإِنْ كَثُرَ الْمَكْتُوبُ فِيهَا بَلْ نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ وَلَوْ جَمِيعَ الْقُرْآنِ ق ل. وَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ ضَعِيفٌ. قَالَ الَأُجْهُورِيُّ: وَعَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ فَتَكُونُ مِنْ فِي قَوْلِهِمْ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ لِلْبَيَانِ لَا لِلتَّبْعِيضِ غَيْرَ أَنَّ كَوْنَهَا لِلتَّبْعِيضِ أَظْهَرُ فِي الْعُرْفِ.

قَوْلُهُ: (لِلتَّبَرُّكِ) وَالْعِبْرَةُ فِي قَصْدِ الدِّرَاسَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِحَالِ الْكِتَابَةِ دُونَ مَا بَعْدَهَا، وَبِقَصْدِ الْكَاتِبِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ مُتَبَرِّعًا، وَإِلَّا فَآمِرِهِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ. وَلَوْ قَصَدَ التَّمِيمَةَ بِمَا لِلدِّرَاسَةِ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ مِنْ الْحُرْمَةِ إلَى الْحِلِّ وَعَكْسُهُ، وَلَوْ شَكَّ هَلْ قَصَدَ التَّمِيمَةَ؟ فَلَا يَحْرُمُ أَوْ الدِّرَاسَةَ فَيَحْرُمُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بِالْأَوَّلِ نُظِرَ إلَى تَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ فَيَبْقَى أَصْلُ الْحَالِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ الْحُرْمَةُ فَقَدْ قَالُوا: لَوْ شَكَّ فِي التَّفْسِيرِ هَلْ هُوَ أَكْثَرُ أَوْ لَا؟ إنَّهُ يَحْرُمُ؛ إذْ هِيَ الْأَصْلُ وَلَا يُصَارُ لِلْحِلِّ إلَّا بِيَقِينٍ اج مُلَخَّصًا. وَهَلْ يَجُوزُ كِتَابَةُ التَّمَائِمِ لِلْكُفَّارِ أَوْ لَا يَجُوزُ؟ قِيلَ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعَظِّمُوهُ وَقِيلَ يَجُوزُ كِتَابَتُهَا لَهُمْ إنْ عُلِمَ أَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهَا. وَفِي شَرْحِ م ر: وَيَحْرُمُ مَدُّ الرِّجْلِ إلَى جِهَةِ الْمُصْحَفِ وَوَضْعُهُ تَحْتَ يَدِ كَافِرٍ وَمِثْلُهُ التَّمَائِمُ، وَإِنْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهَا؛ إذْ لَيْسَ هُوَ كَتَعْظِيمِنَا وَيُسَنُّ الْقِيَامُ لَهُ وَتَقْبِيلُهُ وَيَحْرُمُ مَسُّهُ بِالسِّنِّ وَالظُّفْرِ أَيْضًا حَالَةَ الْحَدَثِ، بِخِلَافِ الْيَدِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ، فَلَا حُرْمَةَ بِالْمَسِّ بِهَا. وَعِبَارَةُ الرَّحْمَانِيِّ: فَخَرَجَتْ التَّمِيمَةُ وَلَوْ لِكَافِرٍ، نَعَمْ فِي ابْنِ قَاسِمٍ مَا يَقْتَضِي مَنْعَهَا لَهُ، وَعِبَارَتُهُ: وَيَحْرُمُ تَمْلِيكُهُ مَا فِيهِ قُرْآنٌ وَيَنْبَغِي الْمَنْعُ مِنْ التَّمِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ آثَارِ السَّلَفِ بَلْ تَزِيدُ، وَلَا يَرِدُ إرْسَالُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْكُتُبَ لَهُمْ مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ لِقَصْدِ التَّآلُفِ، وَقَدْ أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فَيُمْنَعُ، وَإِنْ قَصَدْنَاهُ انْتَهَتْ. قَالَ شَيْخُنَا الْجَوْهَرِيُّ نَقْلًا عَنْ مَشَايِخِهِ: يُشْتَرَطُ فِي كَاتِبِ التَّمِيمَةِ أَنْ يَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ فِي مَكَان طَاهِرٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ تَرَدُّدٌ فِي صِحَّتِهَا، وَأَنْ لَا يَقْصِدَ بِكِتَابَتِهَا تَجْرِبَتَهَا، وَأَنْ يَتَلَفَّظَ بِمَا يَكْتُبُ، وَأَنْ يَحْفَظَهَا عَنْ الْأَبْصَارِ بَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>