فِي حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ إذَا شَرَطَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ إذَا أُحْصِرَ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِلَا هَدْيٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ حَصْرَ الْعَدُوِّ لَا يَفْتَقِرُ إلَى شَرْطٍ، فَالشَّرْطُ فِيهِ لَاغٍ، وَلَوْ أَطْلَقَ فِي التَّحَلُّلِ مِنْ الْمَرَضِ بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ هَدْيًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ التَّحَلُّلَ بِالْهَدْيِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَلَا يَجُوزُ الذَّبْحُ بِمَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ غَيْرَ الَّذِي أَحُصِرَ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. وَإِنَّمَا يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالذَّبْحِ، وَنِيَّةُ التَّحَلُّلِ الْمُقَارَنَةُ لَهُ لِأَنَّ الذَّبْحَ قَدْ يَكُونُ لِلتَّحَلُّلِ وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ صَارِفٍ، وَكَيْفِيَّتُهَا أَنْ يَنْوِيَ خُرُوجَهُ عَنْ الْإِحْرَامِ وَكَذَا الْحَلْقُ أَوْ نَحْوُهُ إنْ جَعَلْنَاهُ نُسُكًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا مَرَّ. وَلَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ كَمَا فِي الذَّبْحِ وَيُشْتَرَطُ تَأَخُّرُهُ عَنْ الذَّبْحِ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، فَإِنْ فَقَدَ الدَّمَ حِسًّا كَأَنْ لَمْ يَجِدْ ثَمَنَهُ أَوْ شَرْعًا كَأَنْ احْتَاجَ إلَى ثَمَنِهِ أَوْ وَجَدَهُ غَالِيًا فَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ بَدَلًا قِيَاسًا عَلَى دَمِ التَّمَتُّعِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمَكَانِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ يَذْبَحُ هُنَاكَ مَا لَزِمَهُ مِنْ دِمَاءِ الْمَحْظُورَاتِ قَبْلَ الْإِحْصَارِ وَمَا مَعَهُ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَلَهُ ذَبْحُهُ عَنْ إحْصَارِهِ؛ سم عَلَى الْكِتَابِ أج قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ) أَيْ بِلَا هَدْيٍ كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ، كَأَنْ قَالَ: نَوَيْتُ الْإِحْرَامَ وَإِذَا أُحْصِرْتُ تَحَلَّلْتُ بِلَا هَدْيٍ قَوْلُهُ: (فَالشَّرْطُ) أَيْ شَرْطُ التَّحَلُّلِ بِلَا هَدْيٍ. وَقَوْلُهُ " لَاغٍ " أَيْ فَيَلْغُو نَفْيُ الْهَدْيِ أَيْضًا، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ لَمَّا اُعْتُبِرَ الشَّرْطُ فِيهِ اُعْتُبِرَ فِيهِ نَفْيُ الْهَدْيِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَطْلَقَ) مُقَابِلَ قَوْلِهِ: " بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ إلَخْ " قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ شَيْءٌ مِنْ الْهَدْيِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ حَيْثُ أَرَادَ التَّحَلُّلَ الْحَلْقُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ. وَعِبَارَةُ م د: قَوْلُهُ " لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ " ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَلْقُ أَيْضًا. وَحَاصِلُ هَذِهِ أَنَّ الْمَرَضَ وَنَحْوَهُ لَا يُبِيحُ التَّحَلُّلَ بِدُونِ شَرْطٍ، أَمَّا إذَا شَرَطَهُ جَازَ التَّحَلُّلُ بِهِ ثُمَّ تَارَةً يَشْتَرِطُ التَّحَلُّلَ بِنَفْسِ الْمَرَضِ كَأَنْ قَالَ فِي إحْرَامِهِ: فَإِنْ مَرِضْتُ فَأَنَا حَلَالٌ فَإِنَّهُ يَصِيرُ حَلَالًا حِينَئِذٍ بِنَفْسِ الْمَرَضِ، وَتَارَةً يَشْتَرِطُ التَّحَلُّلَ أَيْ جَوَازَهُ بِسَبَبِ حُصُولِ الْمَرَضِ كَأَنْ قَالَ: فَإِذَا مَرِضْتُ تَحَلَّلْتُ، فَلَا بُدَّ فِي هَذِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ بِالْحَلْقِ مَعَ النِّيَّةِ؛ وَأَمَّا الدَّمُ فَإِنْ شَرَطَ التَّحَلُّلَ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ أَيْضًا، فَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ أَوْ نَفَاهُ فَلَا يَجِبُ، قَوْلُهُ: (بِمَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ) لِأَنَّ مَوْضِعَ الْإِحْصَارِ صَارَ فِي حَقِّهِ كَنَفْسِ الْحَرَمِ، شَرْحُ م ر. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أُحْصِرَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْحَرَمِ فَلَهُ نَقْلُهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الْمَنْقُولُ أَنَّ جَمِيعَ الْحَرَمِ كَالْبُقْعَةِ الْوَاحِدَةِ، أج. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعَةٌ: صُورَتَانِ فِيمَا إذَا أُحْصِرَ فِي الْحِلِّ وَصُورَتَانِ فِيمَا إذَا أُحْصِرَ فِي الْحَرَمِ، فَإِذَا أُحْصِرَ فِي الْحِلِّ جَازَ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ الشَّاةَ إلَى الْحَرَمِ فَتُذْبَحَ فِيهِ، وَهِيَ الصُّورَةُ الْأُولَى مِنْ الْأَوَّلِيَّيْنِ، وَلَمْ يَجُزْ لَهُ الذَّبْحُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ غَيْرِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ، وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ. فَإِنْ أُحْصِرَ فِي الْحَرَمِ جَازَ لَهُ الذَّبْحُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْحَرَمِ غَيْرِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ، لِأَنَّ بِقَاعَ الْحَرَمِ لَا تَتَفَاوَتُ، وَهَذِهِ هِيَ الصُّورَةُ الْأُولَى مِنْ الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ إرْسَالُهُ إلَى مَحَلٍّ مِنْ الْحِلِّ لِيُذْبَحَ فِيهِ وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْهُمَا.
قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ) بِالتَّنْوِينِ. وَقَوْلُهُ " صَارِفٍ " أَيْ لِلتَّحَلُّلِ، قَوْلُهُ: (وَكَيْفِيَّتُهَا) أَيْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ، وَقَوْلُهُ " وَكَذَا الْحَلْقُ " بِالرَّفْعِ أَيْ يَتَحَلَّلُ بِهِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ " أَوْ نَحْوُهُ " أَيْ التَّقْصِيرُ قَوْلُهُ: (إنْ جَعَلْنَاهُ نُسُكًا) وَإِنْ جَعَلْنَاهُ اسْتِبَاحَةً مَحْظُورٌ فَلَا يَجِبُ فِي التَّحَلُّلِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ) أَيْ لِلْحَلْقِ قَوْلُهُ: (لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ) وَهِيَ: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] وَبُلُوغُهُ مَحِلَّهُ نَحْرُهُ. اهـ. م د قَوْلُهُ: (فَالْأَظْهَرُ) مُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ، بَلْ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ قَوْلُهُ: (قِيَاسًا عَلَى دَمِ التَّمَتُّعِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْبَدَلِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ دَمُ التَّمَتُّعِ دَمَ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ وَدَمُ الْإِحْصَارِ دَمَ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: كَمَا فِي الدَّمِ الْوَاجِبِ بِالْإِفْسَادِ؛ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ مَا هُنَا لِأَنَّهُ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ كَالدَّمِ الْوَاجِبِ بِالْإِفْسَادِ. وَأَمَّا الدَّمُ الْوَاجِبُ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ فَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ فَلَا يُنَاسِبُ قِيَاسَ مَا هُنَا عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute