وَغَيْرِهِ. وَالْبَدَلُ طَعَامٌ بِقِيمَةِ الشَّاةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الطَّعَامِ صَامَ حَيْثُ شَاءَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا قِيَاسًا عَلَى الدَّمِ الْوَاجِبِ بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَلَهُ إذَا انْتَقَلَ إلَى الصَّوْمِ التَّحَلُّلُ فِي الْحَالِ بِالْحَلْقِ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ عِنْدَهُ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ لِتَضَرُّرِهِ بِالْمُقَامِ عَلَى الْإِحْرَامِ. وَثَالِثُ الْمَوَانِعِ الرِّقُّ، فَإِذَا أَحْرَمَ الرَّقِيقُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَهُ تَحَلُّلُهُ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالتَّحَلُّلِ لِأَنَّ إحْرَامَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَرَامٌ لِأَنَّهُ يُعَطِّلُ عَلَيْهِ مَنَافِعَهُ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا، فَإِنَّهُ قَدْ يُرِيدُ مِنْهُ مَا لَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ كَالِاصْطِيَادِ، وَلَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ سَيِّدُهُ فَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ لَزِمَهُ، فَيَحْلِقُ وَيَنْوِي التَّحَلُّلَ، فَعُلِمَ أَنَّ إحْرَامَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحِيحٌ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَحَلَّلْ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَتِهِ مِنْهُ وَالْإِثْمُ عَلَيْهِ. وَرَابِعُ الْمَوَانِعِ الزَّوْجِيَّةُ، فَلِلزَّوْجِ الْحَلَالِ أَوْ الْمُحْرِمِ تَحْلِيلُ زَوْجَتِهِ كَمَا لَهُ مَنْعُهَا ابْتِدَاءً مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةِ تَطَوُّعٍ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ، وَلَهُ تَحْلِيلُهَا أَيْضًا مِنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِلَا إذْنٍ لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَالنُّسُكُ عَلَى التَّرَاخِي. فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ مُدَّتَهُمَا لَا تَطُولُ فَلَا يَلْحَقُ الزَّوْجَ كَبِيرُ ضَرَرٍ. وَخَامِسُ الْمَوَانِعِ الْأُبُوَّةُ، فَإِنْ أَحْرَمَ الْوَلَدُ بِنَفْلٍ بِلَا إذْنٍ مِنْ أَبَوَيْهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (طَعَامٌ بِقِيمَةِ الشَّاةِ) أَيْ مَعَ الْحَلْقِ وَالنِّيَّةِ. وَالْمُرَادُ بِقِيمَةِ الشَّاةِ أَيْ وَقْتَ الْوُجُوبِ بِمَحَلِّ الْإِحْصَارِ، وَقَوْلُهُ " عِنْدَهُ " أَيْ الْحَلْقِ. قَوْلُهُ: (الرِّقُّ) أَيْ لِلْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُهَايَأَةً، أَوْ كَانَ مُهَايَأَةً وَوَقَعَ الْإِحْرَامُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ.
قَوْلُهُ: (بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ) الْمُرَادُ بِهِ مَالِكُ مَنْفَعَتِهِ بِأَنْ أَوْصَى لَهُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مِلْكُ الرَّقَبَةِ لِغَيْرِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ كَمَا قَالَهُ حَجّ؛ وَيَصَّدَّقُ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْإِذْنِ وَفِي تَصْدِيقِهِ فِي تَقَدُّمِ رُجُوعِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ تَرَدُّدٌ. وَالْأَوْجَهُ مِنْهُ تَصْدِيقُ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ السَّيِّدُ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الرَّجْعَةِ كَمَا قَالَهُ م ر قَوْلُهُ: (وَلَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ) وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ. وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ كَانَ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبًا لِكَوْنِهِ تَلَبُّسٌ بِعِبَادَةٍ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ جَوَازِ رِضَا السَّيِّدِ بِدَوَامِهِ م ر. وَالْمُرَادُ بِالسَّيِّدِ مَا يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْحُرَّ وَالرَّقِيقَ كَالْمُكَاتَبِ فَلَهُ تَحْلِيلُ رَقِيقِهِ.
قَوْلُهُ: (فَيَحْلِقُ) وَلَا يَذْبَحُ لِأَنَّ لَا مِلْكَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ تَحَلَّلَ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ. نَعَمْ لَوْ كَانَ حَلْقُ الرَّأْسِ يَشِينُهُ وَمَنَعَهُ سَيِّدُهُ مِنْهُ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْضَى بِهِ فَبَحَثَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَ التَّقْصِيرِ، وَقَدْ يُتَّجَهُ؛ سم. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الدَّمِ الْغَيْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ. وَعِبَارَةُ ق ل مُصَرِّحَةٌ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ فَلْيُحَرَّرْ، ذَكَرَهُ م د. وَأَقَرَّ شَيْخُنَا كَلَامَ سم وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ وَالْمُدْرِكُ مَعَهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْإِثْمُ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّقِيقِ، قَوْلُهُ: (فَلِلزَّوْجِ الْحَلَالِ) وَلَوْ سَفِيهًا. وَشَمِلَ الزَّوْجَ الصَّغِيرَ الَّذِي يَتَأَتَّى وَطْؤُهُ. فَيُعْتَدُّ بِأَمْرِهِ لَهَا بِالتَّحَلُّلِ كَالْبَالِغِ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْوَلِيِّ أَيْ وَلِيِّ الزَّوْجِ فِي ذَلِكَ، طَبَلَاوِيٌّ. وَتَتَحَلَّلُ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ بِمَا يَتَحَلَّلُ بِهِ الْمُحْصِرُ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الْمُحْرِمِ) وَإِنْ زَادَ إحْرَامُهَا عَلَى إحْرَامِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجَةِ التَّحَلُّلُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ زَوْجِهَا بِهِ، بِخِلَافِ الرَّقِيقِ كَمَا مَرَّ. وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ فِي الْفَرْضِ لِوُقُوعِهِ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ، بِخِلَافِ الرَّقِيقِ كَمَا ذَكَرَهُ م د قَوْلُهُ: (تَطَوُّعٍ) هَلَّا حَذَفَهُ وَاسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ: " وَلَهُ تَحْلِيلُهَا أَيْضًا إلَخْ " وَيَكُونُ مَا قَبْلَهُ شَامِلًا لِلْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ؟ وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمَنْهَجِ: وَلَوْ أَحْرَمَ رَقِيقٌ أَوْ زَوْجَةٌ بِلَا إذْنٍ فَلِمَالِك أَمْرِهِ تَحْلِيلُهُ أَيْ الْأَحَدَ قَوْلُهُ: (وَلَهُ تَحْلِيلُهَا) أَيْ وَلَهُ مَنْعُهَا ابْتِدَاءً بِالْأَوْلَى. وَسَكَتَ عَنْهُ هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (بِأَنَّ مُدَّتَهُمَا إلَخْ) بِخِلَافِ مُدَّةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّ شَأْنَهُمَا طُولُ الْمُدَّةِ، وَحِينَئِذٍ لَا يُرَدُّ أَنَّ مُدَّةَ الْعُمْرَةِ لَا تَطُولُ، قَوْلُهُ: (الْأُبُوَّةُ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْأُمُومَةَ، فَلَوْ عَبَّرَ بِالْأَصْلِيَّةِ لَكَانَ أَوْلَى. وَقَوْلُهُ " بِنَفْلٍ بِلَا إذْنٍ " أَيْ إنْ كَانَ غَيْرَ مُقِيمٍ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ مُصَاحِبًا لَهُ فِي السَّفَرِ، فَالشُّرُوطُ أَرْبَعَةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُبُوَّةِ الْأُصُولُ مُطْلَقًا أَحْرَارًا أَمْ أَرِقَّاءَ، مُسْلِمِينَ أَمْ كُفَّارًا، حَتَّى لِلْأَبْعَدِ الْمَنْعُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ؛ وَلَكِنْ لِلْمَنْعِ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ كَمَا عَلِمْتَ، وَلَا فَرْقَ فِي الْوَلَدِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ إذَا كَانَ حَجُّهُ نَفْلًا بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ، وَإِنْ كَانَ لَوْ وَقَعَ يَقَعُ فَرْضًا فَالْإِقْدَامُ عَلَيْهِ سُنَّةٌ. وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ: قَوْلُهُ " الْأُبُوَّةُ " أَيْ أَحَدُ الْآبَاءِ وَأَحَدُ الْأُمَّهَاتِ، فَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ مَنْعُ فَرْعٍ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، أَمَّا الْفَرْضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute