٤١١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَرِيكٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِدْرِيسُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: ثُمَّ لَقِيتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ابْنِ فَاطِمَةَ فَحَدَّثَنِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يُقَالُ لَهَا طُوبَى، لَوْ سُخِّرَ الْجَوَادُ الرَّاكِبُ أَنْ يَسِيرَ فِي ظِلِّهَا لَسَارَ فِيهَا مِائَةَ عَامٍ، قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَ وَرَقَهَا، وَبُسْرُهَا بُرُودٌ خُضْرٌ وَزَهْرُهَا رِيَاطٌ صُفْرٌ وَأَمْنَاؤُهَا سُنْدُسٌ وَإِسْتَبْرَقٌ، وَثَمَرُهَا حُلَلٌ أَحْمَرُ، وَصَمْغُهَا زَنْجَبِيلٌ وَعَسَلٌ، وَبَطْحَاؤُهَا يَاقُوتٌ أَحْمَرُ، وَزُمُرُّدٌ أَخْضَرُ، وَتُرَابُهَا مِسْكٌ وَعَنْبَرٌ، وَكَافُورٌ أَصْفَرُ، وَحَشِيشُهَا زَعْفَرَانٌ مُونِعٌ وَالْأَلَنْجُوجُ تَتَأَجَّجَانِ مِنْ غَيْرِ وَقُودٍ يَنْفَجِرُ مِنْ أَصْلِهَا أَنْهَارُ السَّلْسَبِيلِ، وَالْمَعِينُ وَالرَّحِيقُ، وَظِلُّهَا مَجْلِسٌ مِنْ مَجَالِسِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَأْلَفُونَهُ، ⦗٢٤٣⦘ وَمُتَحَدَّثٌ لِجَمْعِهِمْ، فَبَيْنَا هُمْ يَوْمًا يَتَحَدَّثُونَ فِي ظِلِّهَا إِذْ جَاءَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَقُودُونَ نُجُبًا بُخْتًا جُبِلَتْ مِنَ الْيَاقُوتِ لَمْ يُنْفَخْ فِيهَا الرُّوحُ، مَزْمُومَةً بِسَلَاسِلَ مِنْ ذَهَبٍ، كَأَنَّ وُجُوهَهَا الْمَصَابِيحُ نَضَارَةً، وَحُسْنًا، وَوَبَرُهَا خَزٌّ وَمِرْعِزَّى أَبْيَضُ مُخْتَلِطَانِ حُسْنًا وَبَهَاءً، ذُلُلٌ مِنْ غَيْرِ مَهَانَةٍ، نُجُبٌ مِنْ غَيْرِ رِيَاضَةٍ عَلَيْهَا رِحَالُ أَلْوَاحِهَا مِنَ الدُّرِّ، وَالْيَاقُوتِ مُفَضَّضَةً بِاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ صَفَائِحُهَا مِنَ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ مُلْبَسَةً بِالْعَبْقَرِيِّ، وَالْأُرْجُوَانِ، فَأَنَاخُوا لَهُمْ تِلْكَ ⦗٢٤٤⦘ النَّجَائِبَ، ثُمَّ قَالُوا لَهُمْ: إِنَّ رَبَّكُمْ يُقْرِئُكُمُ السَّلَامَ، وَيَسْتَزِيرُكُمْ لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، وَيَنْظُرَ إِلَيْكُمْ وَتُحَيُّونَهُ وَيُحَيِّيكُمْ وَيُكَلِّمُكُمْ وَتُكَلِّمُونَهُ، وَيَزِيدُكُمْ مِنْ سَعَتِهِ وَفَضْلِهِ إِنَّهُ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَفَضْلٍ عَظِيمٍ، فَيَتَجَوَّلُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ انْطَلَقُوا صَفًّا وَاحِدًا مُعْتَدِلًا لَا يَفُوتُ مِنْهُ شَيْءٌ شَيْئًا، وَلَا يَفُوتُ أُذُنَ النَّاقَةِ أُذُنُ صَاحِبَتِهَا، وَلَا بِرْكَةَ نَاقَتِهِ بِرْكَةُ صَاحِبَتِهَا، وَلَا يَمُرُّونَ بِشَجَرَةٍ مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَتْحَفَتْهُمْ بِثَمَرَتِهَا، وَزَحَلَتْ لَهُمْ عَنْ طَرِيقِهِمْ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَنْثَلِمَ صَفُّهُمْ، وَيُفَرَّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَرَفِيقِهِ، فَلَمَّا دُفِعُوا إِلَى الْجَبَّارِ تَعَالَى سَفَرَ لَهُمْ عَنْ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَتَجَلَّى لَهُمْ فِي عَظَمَتِهِ الْعَظِيمَةِ تَحِيَّتُهُمُ السَّلَامُ، قَالُوا: رَبَّنَا أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ وَلَكَ حَقُّ الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ: إِنِّي السَّلَامُ وَمِنِّي السَّلَامُ وَلِي حَقُّ الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، فَمَرْحَبًا بِعِبَادِيَ الَّذِينَ حَفِظُوا وَصِيَّتِي وَرَعَوْا عَهْدِي ⦗٢٤٥⦘ وَخَافُونِي بِالْغَيْبِ، وَكَانُوا مِنِّي عَلَى كُلِّ حَالٍ مُشْفِقِينَ مُنْتَصِحِينَ، قَالُوا: أَمَا وَعِزَّتِكَ وَعَظَمَتِكَ وَجَلَالِكَ وَعُلُوِّ مَكَانِكَ مَا قَدَرْنَاكَ حَقَّ قَدْرِكَ وَمَا أَدَّيْنَا إِلَيْكَ كُلَّ حَقِّكَ، فَأْذَنْ لَنَا بِالسُّجُودِ لَكَ. فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِنِّي قَدْ وَضَعْتُ عَنْكُمْ مُؤْنَةَ الْعِبَادَةِ، وَأَرَحْتُ لَكُمْ أَبْدَانَكُمْ فَطَالَمَا أَنْصَبْتُمْ لِيَ الْأَبْدَانَ، وَأَعْنَيْتُمْ لِيَ الْوُجُوهَ، فَالْآنَ أَفْضَيْتُمْ إِلَى رَوْحِي، وَرَحْمَتِي وَكَرَامَتِي، فَسَلُونِي مَا شِئْتُمْ وَتَمَنَّوْا عَلَيَّ أُعْطِكُمْ أَمَانِيَكُمْ، فَإِنِّي لَنْ أَجْزِيَكُمُ الْيَوْمَ بِقَدْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَلَكِنْ بِقَدْرِ رَحْمَتِي وَكَرَامَتِي وَطَوْلِي وَجَلَالِي وَعُلُوِّ مَكَانِي وَعَظَمَةِ شَأْنِي، فَمَا يَزَالُونَ فِي الْأَمَانِيِّ وَالْعَطَايَا، وَالْمَوَاهِبِ حَتَّى إِنَّ الْمُقَصِّرَ مِنْهُمْ فِي أُمْنِيَّتِهِ لَيَتَمَنَّى مِثْلَ جَمِيعِ الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقَهَا ⦗٢٤٦⦘ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى يَوْمِ أَفْنَاهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لَقَدْ قَصَّرْتُمْ فِي أَمَانِيكُمْ، وَرَضِيتُمْ بِدُونِ مَا يَحِقُّ لَكُمْ، فَقَدْ أَوْجَبْتُ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَتَمَنَّيْتُمْ، وَأَلْحَقْتُ بِكُمْ ذُرِّيَّتَكُمْ، وَزِدْتُكُمْ مَا قَصُرَتْ عَنْهُ أَمَانِيكُمْ، وَانْظُرُوا إِلَى مَوَاهِبِ رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي وَهَبَ لَكُمْ، فَإِذَا بِقِبَابٍ فِي الرَّفِيعِ الْأَعْلَى، وَغُرَفٍ مَبْنِيَّةٍ مِنَ الدُّرِّ، وَالْمَرْجَانِ، أَبْوَابُهَا مِنْ ذَهَبٍ وَسُرُرُهَا مِنْ يَاقُوتٍ، وَفُرُشُهَا مِنْ سُنْدُسٍ، وَإِسْتَبْرَقٍ، وَمَنَابِرُهَا مِنْ نُورٍ يَثُورُ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَعِرَاصُهَا نُورٌ شُعَاعُ الشَّمْسِ عِنْدَهُ مِثْلُ الْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ فِي النَّهَارِ الْمُضِيءِ، وَإِذَا بِقُصُورٍ شَامِخَةٍ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ يُزْهِرُ نُورُهَا، فَلَوْلَا أَنَّهُ مُسَخَّرٌ لَالْتَمَعَ الْبَصَرُ، فَمَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الْقُصُورِ مِنَ الْيَاقُوتِ الْأَبْيَضِ فَهُوَ مَفْرُوشٌ مِنَ الْعَبْقَرِيِّ الْأَحْمَرِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الْيَاقُوتِ الْأَصْفَرِ، فَهُوَ مَفْرُوشٌ بِالْأُرْجُوَانِ الْأَصْفَرِ، مُمَوَّهٌ بِالزُّمُرُّدِ الْأَخْضَرِ، وَالذَّهَبِ الْأَحْمَرِ، وَالْفِضَّةِ الْبَيْضَاءِ، قَوَاعِدُهَا وَأَرْكَانُهَا مِنَ الْجَوْهَرِ، وَشُرُفُهَا قِبَابٌ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، ⦗٢٤٧⦘ وَبُرُوجُهَا غُرَفٌ مِنَ الْمَرْجَانِ، فَلَمَّا أَبْصَرُوا إِلَى مَا أَعْطَاهُمْ رَبُّهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قُرِّبَتْ لَهُمْ بَرَاذِينُ مِنَ الْيَاقُوتِ الْأَبْيَضِ مَنْفُوخٌ فِيهَا الرُّوحُ يَجْنُبُهَا الْوِلْدَانُ الْمُخَلَّدُونَ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَكَمَةُ بِرْذَوْنٍ، تِلْكَ الْبَرَاذِينُ وَلُجُمُهَا وَأَعِنَّتُهَا مِنْ فِضَّةٍ بَيْضَاءَ مَنْظُومَةٍ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، سُرُجُهَا مَوْضُونَةٌ مَفْرُوشَةٌ بِالسُّنْدُسِ، وَالْإِسْتَبْرَقِ فَانْطَلَقَتْ بِهِمْ تِلْكَ الْبَرَاذِينُ تَزُفُّ بِهِمْ وَتُنَظِّرُ بِهِمْ رِيَاضَ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى مَنَازِلِهِمْ، وَجَدُوا الْمَلَائِكَةَ قُعُودًا عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَنْتَظِرُونَهُمْ لِيَزُورُوهُمْ وَيُصَافِحُوهُمْ، وَيُهَنِّئُوهُمْ بِكَرَامَةِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ،، فَلَمَّا دَخَلُوا قُصُورَهُمْ، وَجَدُوا فِيهَا جَمِيعَ مَا تَطَوَّلَ بِهِ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ، مِمَّا سَأَلُوا وَتَمَنَّوْا وَإِذَا عَلَى بَابِ كُلِّ قَصْرٍ مِنْ تِلْكِ ⦗٢٤٨⦘ الْقُصُورِ أَرْبَعُ جِنَانٍ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ، وَجَنَّتَانِ مُدْهَامَّتَانِ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ، وَفِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ، وَحُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ، فَلَمَّا تَبَوَّؤُوا مَنَازِلَهُمْ، وَاسْتَقَرَّ قَرَارُهُمْ قَالَ لَهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدْتُكُمْ حَقًّا؟ قَالُوا: نَعَمْ وَرَبِّنَا. قَالَ: هَلْ رَضِيتُمْ بِثَوَابِ رَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ رَبَّنَا رَضِينَا قَالَ: رِضَائِي أَحَلَّكُمْ دَارِي، وَنَظَرْتُمْ إِلَى وَجْهِي وَصَافَحْتُمْ مَلَائِكَتِي هَنِيئًا هَنِيئًا لَكُمْ عَطَائِي غَيْرَ مَجْذُوذٍ، لَيْسَ فِيهِ تَنْغِيصٌ، وَلَا تَصْدِيدٌ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالُوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ، الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر: ٣٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute