للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى الْحِرْصِ (عَلَى إزَالَةِ نَقْصٍ) كَانَ بِهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ (فِيمَا رُدَّ فِيهِ) سَابِقًا بِأَنْ أَدَّى شَهَادَةً فَرُدَّتْ (لِفِسْقٍ أَوْ صِبًا أَوْ رِقٍّ) أَوْ كُفْرٍ فَلَمَّا زَالَ الْمَانِعُ بِأَنْ تَابَ الْفَاسِقُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ عَتَقَ الرَّقِيقُ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَدَّاهَا فَلَا تُقْبَلُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الْحِرْصِ عَلَى قَبُولِهَا عِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ الطَّبْعُ الْبَشَرِيُّ مِنْ دَفْعِ الْمَعَرَّةِ الْحَاصِلَةِ بِالرَّدِّ وَلِذَا لَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِرَدِّهَا حَتَّى زَالَ الْمَانِعُ فَأَدَّاهَا لَقُبِلَتْ وَكَذَا إذَا رُدَّتْ فَأَدَّى شَهَادَةً بِحَقٍّ آخَرَ فَتُقْبَلُ

(أَوْ) اُتُّهِمَ عَلَى أَنَّهُ حِرْصٌ (عَلَى التَّأَسِّي) أَيْ مُشَارَكَةُ غَيْرِهِ لَهُ فِي مَعَرَّتِهِ لِتَهُونَ عَلَيْهِ الْمُصِيبَةُ لِأَنَّ الْمُصِيبَةَ إذَا عَمَّتْ هَانَتْ وَإِذَا خَصَّتْ هَالَتْ (كَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِيهِ) أَيْ فِي الزِّنَا (أَوْ) شَهَادَةِ (مَنْ حُدَّ) لِسُكْرٍ أَوْ زِنًا أَوْ قَذْفٍ (فِيمَا) أَيْ فِي مِثْلِ (مَا حُدَّ فِيهِ) بِخُصُوصِهِ وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ كَمَنْ حُدَّ لِشُرْبٍ فَشَهِدَ بِقَذْفٍ فَيُقْبَلُ وَمِثْلُ مَنْ حُدَّ مَنْ عُزِّرَ فَلَا يَشْهَدُ فِيمَا عُزِّرَ فِيهِ

(وَلَا إنْ حَرَصَ) أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى حِرْصِهِ (عَلَى الْقَبُولِ) لِشَهَادَتِهِ (كَمُخَاصَمَةِ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ) أَيْ كَأَنْ يُخَاصِمَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَرْفَعَهُ لِلْقَاضِي وَيَشْهَدَ عَلَيْهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ لِآدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَدَّعِيَ شَخْصٌ لِغَائِبٍ بِدَيْنٍ عَلَى آخَرَ وَيَشْهَدَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِي رَفْعِهِ وَشَهَادَتِهِ اتِّهَامًا عَلَى حِرْصِهِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَرْفَعَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ شَخْصًا وَيَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِالزِّنَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي كَوْنِ هَذَا مِنْ بَابِ الْحِرْصِ عَلَى الْقَبُولِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا الَّذِي يَظْهَرُ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ إمَّا لِكَوْنِ الْمُدَّعِي لَا يَكُونُ شَاهِدًا وَإِمَّا لِظُهُورِ الْعَدَاوَةِ بِالْمُخَاصَمَةِ

(أَوْ) (شَهِدَ وَحَلَفَ) عَلَى صِحَّةِ شَهَادَتِهِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى الْحِرْصِ) أَيْ اُتُّهِمَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى الْحِرْصِ وَالرَّغْبَةِ فِي دَفْعِ عَارٍ عَنْهُ وَقَوْلُهُ كَانَ بِهِ الْأَوْلَى حَصَلَ لَهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَقَوْلُهُ فِيمَا رُدَّ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَشَهَادَتِهِ فِي حَقٍّ رُدَّ فِيهِ أَيْ حُكِمَ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ فِيهِ لِفِسْقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الْحِرْصِ) أَيْ عَلَى قَبُولِهَا أَيْ لِأَجْلِ دَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ مِنْ دَفْعِ الْمَعَرَّةِ أَيْ مِنْ حُبِّ دَفْعِهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ وَلِذَا لَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِرَدِّهَا حَتَّى زَالَ الْمَانِعُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَدَّاهَا وَتَأَخَّرَ الْحُكْمُ بِرَدِّهَا حَتَّى زَالَ الْمَانِعُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ بِشَرْطِ إعَادَتِهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا قَالَهُ ح وَأَحْرَى إذَا لَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى زَالَ الْمَانِعُ لِقَوْلِ أَشْهَبَ مَنْ قَالَ لِقَاضٍ يَشْهَدُ لِي فُلَانٌ الْعَبْدُ أَوْ النَّصْرَانِيُّ أَوْ الصَّبِيُّ فَقَالَ لَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ ثُمَّ زَالَتْ مَوَانِعُهُمْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ فَتْوَى لَا رَدٌّ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن

(قَوْله أَوْ اُتُّهِمَ عَلَى أَنَّهُ حَرَصَ عَلَى التَّأَسِّي) أَيْ اُتُّهِمَ فِي الرَّغْبَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مِثْلَهُ فِي الْمَعَرَّةِ لِتُهَوِّنَ عَلَيْهِ الْمُصِيبَةَ (قَوْلُهُ كَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِيهِ) أَيْ لِأَنَّ ابْنَ الزِّنَا يُتَّهَمُ فِي الرَّغْبَةِ عَلَى مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي كَوْنِهِ ابْنَ زِنًا مِثْلَهُ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ أَوْ فِي مُتَعَلِّقَاتِهِ كَقَذْفٍ وَلِعَانٍ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَصُورَةُ اللِّعَانِ أَنْ يَشْهَدَ وَلَدُ الزِّنَا أَنَّهُ حَصَلَ بَيْنَ فُلَانٍ وَزَوْجَتِهِ فُلَانَةَ لِعَانٌ بِسَبَبِ رَمْيِهِ لَهَا بِالزِّنَا وَهُمَا يُنْكِرَانِ ذَلِكَ وَمِثْلُ وَلَدِ الزِّنَا فِي عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ فِيهِ وَفِي مُتَعَلِّقَاتِهِ وَلَوْ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ الْمَنْبُوذُ (قَوْلُهُ أَوْ شَهَادَةُ مَنْ حُدَّ) أَيْ مُسْلِمٌ حُدَّ بِالْفِعْلِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا عَفَا عَنْهُ فَشَهِدَ فِي مِثْلِهِ إنْ كَانَ قَذْفًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا إنْ كَانَ قَتْلًا فَلَا يَشْهَدُ فِي مِثْلِهِ كَمَا فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَانْظُرْ لَوْ جُلِدَ الْبِكْرُ فِي الزِّنَا هَلْ لَهُ الشَّهَادَةُ بِاللِّوَاطِ نَظَرًا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْحَدِّ أَوْ لَا نَظَرًا لِدُخُولِهِ فِي حَقِيقَةِ الزِّنَا كَمَا يَأْتِي وَالظَّاهِرُ الثَّانِي كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَقَوْلِي أَيِّ مُسْلِمٍ احْتِرَازًا عَنْ كَافِرٍ حُدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَحُسِّنَتْ حَالَتُهُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ (تَنْبِيهٌ) جَوَّزَ أَصْبَغُ تَوْلِيَةَ وَلَدِ الزِّنَا قَاضِيًا وَحُكْمَهُ فِيهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا بَأْسَ بِتَوْلِيَتِهِ الْقَضَاءَ وَلَكِنَّهُ لَا يُحْكَمُ فِيهِ وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ أَصْبَغُ

(قَوْلُهُ كَمُخَاصَمَةِ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ بِالْمُخَاصَمَةِ هُنَا الْمُرَافَعَةُ فِي الدَّعْوَى لَا الْمُنَازَعَةُ لِعَدَاوَةٍ كَمَا مَرَّ فِي أَتَتَّهِمُنِي مُخَاصِمًا (قَوْلُهُ فَإِنْ رَفَعَهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ إلَخْ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ رَفْعَ الشَّاهِدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ الْوَالِي الْمُوَلَّى مِمَّنْ هُوَ فَوْقَهُ كَالسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ عَلَى تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ بِالْمَصْلَحَةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَعَ غَيْرِهِ عِنْدَ مُوَلِّيهِ عَلَى سَرِقَةِ شَخْصٍ أَوْ زِنَاهُ حَيْثُ رَفَعَهُ لِمُوَلِّيهِ عِنْدَ أَخْذِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِرَفْعِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُوَكَّلٌ بِالْمَصْلَحَةِ لَا إنْ سَجَنَهُ ثُمَّ رَفَعَهُ لِمُوَلِّيهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سِجْنُهُ لِعُذْرٍ كَلَيْلٍ (قَوْلُهُ أَنْ يَرْفَعَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ شَخْصًا إلَخْ) قِيلَ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ وَفِي مَحْضِ حَقِّ اللَّهِ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ وَأَجَابَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّهُمْ يُبَادِرُونَ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقٍ بِالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلَا رَفْعَ لَهُ (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) قَالَ شَيْخُنَا وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ حَدُّهُمْ إلَّا أَنْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ سِوَاهُمْ يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ وَمُقَابِلُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ قَبُولُ شَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ وَفِي كَوْنِ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ مُخَاصَمَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ الْحِرْصِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الَّذِي يَظْهَرُ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ) أَيْ فِي سَبَبِ عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ مُخَاصَمَةِ الشَّاهِدِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَيْ مُرَافَعَتِهِ لِلْقَاضِي وَادِّعَائِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِمَّا لِظُهُورِ الْعَدَاوَةِ بِالْمُخَاصَمَةِ) فِيهِ أَنَّ الْعَدَاوَةَ إنَّمَا تَظْهَرُ بِالْمُخَاصَمَةِ بِمَعْنَى الْمُنَازَعَةِ كَمَا مَرَّ وَلَا تَظْهَرُ بِمُجَرَّدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>