للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تَأْوِيلَانِ) الْمُعْتَمَدُ الثَّانِي.

(وَ) الْجَزَاءُ وَاجِبٌ (بِسَبَبٍ) مِنْ أَسْبَابِ تَلَفِ الصَّيْدِ إنْ قَصَدَ بَلْ (وَلَوْ اتَّفَقَ) كَوْنُهُ سَبَبًا لِهَلَاكِ الصَّيْدِ (كَفَزَعِهِ) أَيْ الصَّيْدِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ (فَمَاتَ) وَكَمَا لَوْ رَكَّزَ رُمْحًا فَعَطِبَ فِيهِ الصَّيْدُ فَمَاتَ فَالْجَزَاءُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (وَ) لَكِنَّ (الْأَظْهَرَ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفِ لَا ابْنِ رُشْدٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ (وَالْأَصَحُّ) عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَابْنِ الْمَوَّازِ (خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ: إنَّهُ لَا جَزَاءَ وَلَكِنْ لَا يُؤْكَلُ.

وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ قَوْلُهُ (كَفُسْطَاطِهِ) أَيْ خَيْمَتِهِ إذَا تَعَلَّقَ الصَّيْدُ بَاطِنًا بِهَا فَمَاتَ (وَ) حَفْرِ (بِئْرٍ لِمَاءٍ) فَوَقَعَ الصَّيْدُ فِيهَا (وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ، أَوْ حِلٍّ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ، وَالدَّالُّ لَهُمَا مُحْرِمٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّيْدُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ فِي الْحِلِّ، أَوْ الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِّ (وَرَمْيِهِ) أَيْ رَمْيِ الْحَلَالِ صَيْدًا (عَلَى فَرْعٍ) فِي الْحِلِّ وَ (أَصْلُهُ بِالْحَرَمِ) فَلَا جَزَاءَ وَيُؤْكَلُ نَظَرًا إلَى مَحِلِّهِ وَلَا نِزَاعَ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ إذَا كَانَ الْفَرْعُ فِي الْحَرَمِ وَأَصْلُهُ فِي الْحِلِّ (أَوْ) رَمْيِهِ صَيْدًا (بِحِلٍّ) فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فِيهِ (وَتَحَامَلَ) وَدَخَلَ الْحَرَمَ (فَمَاتَ بِهِ) فَلَا جَزَاءَ (إنْ أَنْفَذَ) السَّهْمُ (مَقْتَلَهُ) فِي الْحِلِّ وَيُؤْكَلُ (وَكَذَا) لَا جَزَاءَ (إنْ لَمْ يُنْفِذْ) مَقْتَلَهُ فِي الْحِلِّ (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَيُؤْكَلُ أَيْضًا اعْتِبَارًا بِأَصْلِ الرَّمْيِ لَا بِوَقْتِ الْمَوْتِ (أَوْ) (أَمْسَكَهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ (لِيُرْسِلَهُ) لَا لِيَقْتُلَهُ (فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ) آخَرُ، أَوْ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُمْسِكِ بَلْ عَلَى الْقَاتِلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

صَادَهُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَقَالَ لَهُ أَفْلِتْهُ فَقَتَلَهُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِقَتْلِهِ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْكَاتِبِ وَالثَّانِي لِابْنِ مُحْرِزٍ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَبِسَبَبٍ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ مُبَاشَرَةً وَبِسَبَبٍ هَذَا إذَا كَانَ السَّبَبُ مَقْصُودًا بَلْ وَلَوْ كَانَ اتِّفَاقِيًّا. (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ) أَيْ ذَلِكَ السَّبَبَ بِأَنْ حَفَرَ حُفْرَةً بِقَصْدِ وُقُوعِ الصَّيْدِ فِيهَا فَوَقَعَ فِيهَا وَمَاتَ فَالْجَزَاءُ لَازِمٌ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَ كَوْنُهُ سَبَبًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ جَعْلِهِ سَبَبًا وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَقْصِدَ الصَّيْدَ مَعَ السَّبَبِ أَصْلًا لَكِنْ أَدَّى ذَلِكَ لِهَلَاكِ الصَّيْدِ، وَأُخِذَ مِنْ كَوْنِ السَّبَبِ الِاتِّفَاقِيِّ يُوجِبُ جَزَاءَ الصَّيْدِ أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ إنْسَانٌ بَابَهُ وَكَانَ قَبْلَ فَتْحِهِ مُسْتَنِدًا عَلَيْهِ جَرَّةُ عَسَلٍ مَثَلًا فَانْكَسَرَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ قَارَنَ الْإِتْلَافَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ نَارًا فِي مَحِلٍّ فَأَحْرَقَتْ دَارَ جَارِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُطْلِقِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يُقَارِنْ التَّلَفَ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَنْ ذُكِرَ مِنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ مَعَهُ مُنْدَرِجٌ فِي الْأَصَحِّ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْأَظْهَرِ وَالْأَوْلَى إبْدَالُ الْأَظْهَرِ بِالْأَرْجَحِ بِأَنْ يَقُولَ وَالْأَرْجَحُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ رَجَّحَ هَذَا الثَّانِيَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا جَزَاءَ) أَيْ فِي السَّبَبِ الِاتِّفَاقِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ) أَيْ وَعَدَمِ أَكْلِ الصَّيْدِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَمَاتَ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا جَزَاءَ فِيهِ وَلَا يُؤْكَلُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَبِئْرٍ لِمَاءٍ وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ، أَوْ حِلٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ح. (قَوْلُهُ: وَحَفْرِ بِئْرٍ لِمَاءٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَفْرُ فِي مَحِلٍّ يَجُوزُ لَهُ الْحَفْرُ فِيهِ، أَوْ لَا كَالطَّرِيقِ فَلَيْسَ مَا هُنَا كَمَا فِي الدِّيَاتِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصَّيْدَ لَيْسَ شَأْنُهُ لُزُومَ طَرِيقٍ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ اهـ عَدَوِيٌّ هَذَا وَقَدْ وَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَشْهَبَ فِي سُقُوطِ الْجَزَاءِ فِي مَسْأَلَةِ حَفْرِ الْبِئْرِ لِمَاءٍ وَخَالَفَهُ فِي مَسْأَلَةِ فَزَعِهِ فَمَاتَ وَقَالَ بِالْجَزَاءِ كَمَا مَرَّ قَالَ ح: وَهِيَ مُنَاقَضَةٌ لَا شَكَّ فِيهَا وَحَكَى بَعْضُهُمْ قَوْلًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ، أَوْ حِلٍّ) أَيْ لَا جَزَاءَ فِي أَنْ يَدُلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ وَلَوْ صَادَهُ الْمُحْرِمُ، أَوْ الْحَلَالُ الْمَدْلُولُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَى ذَلِكَ الْمُحْرِمِ الدَّالِّ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَكَذَلِكَ إذَا دَلَّ حِلٌّ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَى ذَلِكَ الْحِلِّ الدَّالِّ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا، وَالْجَزَاءُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَدْلُولِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا، أَوْ كَانَ حَلَالًا وَكَانَ الصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: فَلَا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِّ) أَيْ عَلَى الْمُحْرِمِ الدَّالِّ. (قَوْلُهُ: عَلَى فَرْعٍ فِي الْحِلِّ) أَيْ خَارِجٍ عَنْ حَدِّ الْحَرَمِ لِدَاخِلِ الْحِلِّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْفَرْعُ مُسَامِتًا لِحَدِّ الْحَرَمِ، وَالطَّيْرُ فَوْقَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ الْجَزَاءَ كَمَا لَوْ كَانَ الطَّيْرُ عَلَى حَدِّ الْحَرَمِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا جَزَاءَ وَيُؤْكَلُ نَظَرًا إلَى مَحِلِّهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ نَظَرًا لِأَصْلِ الْفَرْعِ. (قَوْلُهُ: وَلَا نِزَاعَ إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ وَالْحُرْمَةِ وَعَدَمِ الْأَكْلِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْفَرْعِ وَأَصْلِهِ فِي الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِحِلٍّ) عَطْفٌ عَلَى فَرْعٍ أَيْ وَرَمْيِهِ حَالَ كَوْنِهِ بِحِلٍّ أَيْ وَالصَّائِدُ بِحِلٍّ أَيْضًا وَقَوْلُهُ: فَمَاتَ بِهِ أَيْ فِي الْحَرَمِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى بِالْحَرَمِ، وَإِلَّا لَكَانَ الْمَعْنَى: وَرَمْيِهِ عَلَى فَرْعٍ أَصْلُهُ بِالْحِلِّ وَهُوَ فَاسِدٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي الْحِلِّ وَالْفَرْعُ فِي الْحَرَمِ وَرَمَى عَلَى الصَّيْدِ الَّذِي فَوْقَ الْفَرْعِ فَإِنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ قَوْلُ التُّونُسِيِّ بِلُزُومِ الْجَزَاءِ وَلَا يُؤْكَلُ، وَالثَّانِي قَوْلُ أَصْبَغَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَلَا يُؤْكَلُ، وَالثَّالِثُ قَوْلُ أَشْهَبَ بِعَدَمِ الْجَزَاءِ وَيُؤْكَلُ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ مِنْهَا الثَّالِثَ فَاخْتِيَارُهُ مُنْصَبٌّ عَلَى نَفْيِ

<<  <  ج: ص:  >  >>