للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ فِي الْحَرَمِ، سَوَاءٌ كَانَ الْآكِلُ مِنْهَا هُوَ الصَّائِدَ أَوْ غَيْرَهُ إذْ لَا يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ.

(وَجَازَ) لِمُحْرِمٍ (مَصِيدُ حِلٍّ) أَيْ أَكْلُ مَصِيدِ حَلَالٍ (لِحِلٍّ) الصَّادِقُ بِهِ وَبِغَيْرِهِ (وَإِنْ) كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا (سَيُحْرِمُ) إنْ تَمَّتْ ذَكَاتُهُ، أَوْ مَاتَ بِالصَّيْدِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ (وَ) جَازَ (ذَبْحُهُ) أَيْ الْحَلَالِ (بِحَرَمٍ) أَيْ فِيهِ (مَا) أَيْ صَيْدًا (صِيدَ بِحِلٍّ) أَيْ فِيهِ وَدَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ وَيَجُوزُ أَكْلُهُ وَلَوْ لِمُحْرِمٍ وَهَذَا فِي حَقِّ سَاكِنِي الْحَرَمِ وَأَمَّا الْآفَاقِيُّ الدَّاخِلُ فِي الْحَرَمِ بِصَيْدٍ مَعَهُ مِنْ الْحِلِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ وَلَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْحَرَمِ.

(وَلَيْسَ الْإِوَزُّ وَالدَّجَاجُ بِصَيْدٍ) فَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ (بِخِلَافِ الْحَمَامِ) وَلَوْ رُومِيًّا مُتَّخَذًا لِلْفِرَاخِ فَلَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ مِنْ أَصْلِ مَا يَطِيرُ.

(وَحَرُمَ بِهِ) أَيْ بِالْحَرَمِ (قَطْعُ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ) مِنْ غَيْرِ عِلَاجٍ كَالْبَقْلِ الْبَرِّيِّ وَشَجَرِ الطَّرْفَاءِ وَلَوْ اسْتُنِبْتَ نَظَرًا لِجِنْسِهِ وَكَمَا يَأْتِي فِي عَكْسِهِ (إلَّا الْإِذْخِرَ وَالسَّنَا) بِالْقَصْرِ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ يُتَدَاوَى بِهِ وَمِثْلُهُمَا الْعَصَا وَالسِّوَاكُ وَقَطْعُ الشَّجَرِ لِلْبِنَاءِ وَالسُّكْنَى بِمَوْضِعِهِ أَوْ قَطْعُهُ لِإِصْلَاحِ الْحَوَائِطِ (كَمَا يُسْتَنْبَتُ) مِنْ خَسٍّ وَسِلْقٍ وَكُرَّاثٍ وَبِطِّيخٍ وَخَوْخٍ وَنَحْوِهَا فَيَجُوزُ قَطْعُهُ (وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ) نَظَرًا لِأَصْلِهِ (وَلَا جَزَاءَ) عَلَى قَاطِعِ مَا حَرُمَ قَطْعُهُ لِأَنَّهُ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى التَّحْرِيمِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ (كَصَيْدِ) حَرَمِ (الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ فَيَحْرُمُ وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَلَا جَزَاءَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ذَلِكَ الصَّيْدَ مَصِيدُ مُحْرِمٍ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْحَرَمِ) أَيْ أَوْ الْحَلَالُ الَّذِي صَادَهُ فِي الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُحْرِمًا صِيدَ لِأَجْلِهِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الصَّائِدِ وَالْمَصِيدِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَيُحْرِمُ) مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْمُحْرِمِ مِنْ لَحْمِ الصَّيْدِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: إنْ تَمَّتْ إلَخْ) شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ إنْ كَانَ سَيُحْرِمُ فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ ذَكَاتُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بَلْ بَعْدَهُ كَانَ مَيْتَةً لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ صِيدَ لِمُحْرِمٍ إذَا كَانَ تَمَامُ ذَكَاتِهِ بَعْدَ إحْرَامِ الْمَصِيدِ لَهُ الَّذِي كَانَ حَلَالًا وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَادَهُ مُحْرِمٌ إذَا لَمْ تَتِمَّ ذَكَاتُهُ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِ الصَّائِدِ. (قَوْلُهُ: أَيْ الْحَلَالِ) أَيْ وَأَمَّا الْمُحْرِمُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُ الصَّيْدِ مُطْلَقًا لَا فِي الْحِلِّ وَلَا فِي الْحَرَمِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَجَازَ ذَبْحُهُ أَيْ الشَّخْصِ سَوَاءٌ كَانَ حَلَالًا، أَوْ مُحْرِمًا فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: مَا صِيدَ بِحِلٍّ) أَيْ مَا صَادَهُ حَلَالٌ بِحِلٍّ وَأَمَّا مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ وَدَخَلَ بِهِ فِي الْحَرَمِ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لَا لِحِلٍّ وَلَا لِمُحْرِمٍ فَقَوْلُ عبق صَادَهُ حَلَالٌ، أَوْ مُحْرِمٌ فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ مُحْرِمٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْآفَاقِيُّ الدَّاخِلُ فِي الْحَرَمِ) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَهُ مُحْرِمًا، أَوْ غَيْرَ مُحْرِمٍ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ) فَإِنْ أَبْقَاهُ عِنْدَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ وَذَبَحَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَرَمِ وَدَاهُ سَوَاءٌ كَانَ حِينَ دُخُولِهِ الْحَرَمَ بِالصَّيْدِ مُحْرِمًا، أَوْ حَلَالًا أَمَّا الْمُحْرِمُ فَوَاضِحٌ وَأَمَّا الْحَلَالُ فَلِأَنَّهُ لَمَّا أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ صَارَ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَجْرِي فِي الْحَلَالِ الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْإِوَزُّ بِصَيْدٍ) أَيْ إذَا كَانَ بَرِّيًّا وَأَمَّا الْإِوَزُّ الْعِرَاقِيُّ فَهُوَ صَيْدٌ كَبَقَرِ الْوَحْشِ. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ بَيْضِهِمَا وَكَمَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ مِنْ غَنَمٍ وَبَقَرٍ، وَإِبِلٍ إذَا كَانَتْ مُتَأَنِّسَةً لَا مُتَوَحِّشَةً لِأَنَّهَا صَيْدٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رُومِيًّا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ وَحْشِيًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ رُومِيًّا. (قَوْلُهُ: مُتَّخَذًا لِلْفِرَاخِ) هَذَا بَيَانٌ لِلْحَمَامِ الرُّومِيِّ فَهُوَ الَّذِي يُتَّخَذُ لِلْوِلَادَةِ لَا لِلطَّيَرَانِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُؤْكَلُ أَيْ لَا هُوَ وَلَا بَيْضُهُ.

(قَوْلُهُ: حَرُمَ بِهِ قَطْعُ إلَخْ) الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِيَنْبُتُ أَيْ حَرُمَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مُحْرِمًا، أَوْ غَيْرَ مُحْرِمٍ أَفَاقِيًّا، أَوْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ فِي الْحَرَمِ بِنَفْسِهِ أَيْ وَلَوْ كَانَ قَطْعُهُ لِإِطْعَامِ الدَّوَابِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَخْضَرِ وَالْيَابِسِ. (قَوْلُهُ: وَشَجَرِ الطَّرْفَاءِ) أَيْ وَكَذَا شَجَرُ أُمِّ غَيْلَانَ. (قَوْلُهُ: إلَّا الْإِذْخِرَ) نَبْتٌ مَعْرُوفٌ كَالْحَلْفَاءِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ وَاحِدُهُ إذْخِرَةٌ وَجَمْعُ إذْخِرٍ أَذَاخِرُ كَأَفَاعِلَ وَقَوْلُهُ: إلَّا الْإِذْخِرَ وَالسَّنَا أَيْ فَيَجُوزُ قَطْعُهُمَا وَقَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا أَيْ فِي جَوَازِ الْقَطْعِ. (قَوْلُهُ: كَمَا يُسْتَنْبَتُ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ قَطْعُ مَا يُسْتَنْبَتُ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْحِنْطَةِ وَالْقِثَّاءِ وَالْعُنَّابِ وَالْعِنَبِ وَالنَّخْلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ) أَيْ هَذَا إذَا اسْتُنِبْتَ بِمُعَالَجَةٍ بَلْ، وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ إنْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: كَصَيْدِ الْمَدِينَةِ) أَيْ كَمَا يَحْرُمُ صَيْدُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْحُرْمَةِ وَعَدَمِ الْجَزَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَا جَزَاءَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْحَجِّ مِنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ مَا نَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا صَادَ صَيْدًا فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الْجَزَاءَ كَحَرَمِ مَكَّةَ سَوَاءً وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّ الصَّيْدَ فِيهَا أَخَفُّ مِنْ الصَّيْدِ فِي حَرَمِ مَكَّةَ فَلَمْ يَرَ عَلَى مَنْ صَادَ فِي حَرَمِهَا إلَّا الِاسْتِغْفَارَ وَالزَّجْرَ مِنْ الْإِمَامِ فَقِيلَ لَهُ هَلْ يُؤْكَلُ الصَّيْدُ الَّذِي يُصَادُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ مَا هُوَ مِثْلُ مَا يُصَادُ فِي حَرَمِ مَكَّةَ، وَإِنِّي لَأَكْرَهُهُ فَرُوجِعَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَا أَدْرِي اهـ. بِلَفْظِهِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ عَدَمَ الْجَزَاءِ فِي صَيْدِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَنَّهُ لِخِفَّةِ أَمْرِ الْمَدِينَةِ عَنْ مَكَّةَ وَأَنَّ الْإِمَامَ تَوَقَّفَ فِي أَكْلِ مَا صِيدَ بِحَرَمِهَا وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ شَارِحِنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَهُوَ خش وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَفِي التَّوْضِيحِ وَهَلْ عَدَمُ جَزَاءِ الصَّيْدِ بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا أَيْ وَالْجَزَاءُ كَفَّارَةٌ فَلَا يُقَاسُ الْجَزَاءُ فِي صَيْدِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْجَزَاءِ فِي صَيْدِ مَكَّةَ؛ أَوْ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمَدِينَةِ عِنْدَنَا أَشَدُّ كَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ.، قَوْلَانِ اهـ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الْمَذْكُورُ يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ عَدَمَ الْجَزَاءِ لِخِفَّةِ أَمْرِ الْمَدِينَةِ فَتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>