للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّخْصِيصِ) بِوَصْفٍ أَوْ غَيْرِهِ (ظَنُّ أَنْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ سِوَى كَذَا) مِمَّا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فَائِدَةً لَهُ فِي كَلَامِ الْعُقَلَاءِ (تَعَيَّنَ) ذَلِكَ مُرَادًا مِنْهُ (وَحَاصِلُهُ) أَيْ هَذَا التَّحْقِيقِ (أَنَّ وَضْعَ التَّخْصِيصِ) بِالْوَصْفِ أَوْ غَيْرِهِ (لِفَائِدَةٍ) مُعْتَبَرَةٍ لِلْعُقَلَاءِ (فَإِنْ ظُنَّتْ) الْفَائِدَةُ أَمْرًا (غَيْرَ النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ فَهِيَ) أَيْ فَالْفَائِدَةُ الْمَظْنُونَةُ هِيَ الْمَوْضُوعُ لَهَا التَّخْصِيصُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُظَنَّ فِي التَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ غَيْرَ النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (حُمِلَ) التَّخْصِيصُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُفِيدَهُ) أَيْ مُفِيدَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ لِلسَّامِعِ فَائِدَةٌ فَالْفَائِدَةُ الْمُرَادَةُ نَفْيُ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (نَقْلُ اللَّفْظِ) أَيْ اللَّفْظِ الْمَنْقُولِ عَنْ الْوَاضِعِ أَوْ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ التَّخْصِيصَ بِالْوَصْفِ أَوْ غَيْرِهِ وُضِعَ لِذَلِكَ (وَلَا مَعْنَى لَهُ لِاخْتِلَافِ الْفَهْمِ) لِأَنَّ الْحَاصِلَ أَنَّهُ وُضِعَ التَّخْصِيصُ بِالْوَصْفِ أَوْ غَيْرِهِ دَالًّا عَلَى النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ وَعَدَمُ الظُّهُورِ يَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِفْهَامِ فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةٌ أُخْرَى لِشَخْصٍ وَتَظْهَرُ لِآخَرَ (فَكَانَ) التَّخْصِيصُ حِينَئِذٍ (وَضْعًا لِلْإِفَادَةِ مُؤَدِّيًا لِلْجَهْلِ) بِالْمَوْضُوعِ لَهُ وَهُوَ بَاطِلٌ فَكَذَا الْمَلْزُومُ.

(وَالِاسْتِقْرَاءُ إنَّمَا يُفِيدُ وُجُودَ الِاسْتِعْمَالِ) أَيْ اسْتِعْمَالِ الْمُخَصَّصِ بِالْوَصْفِ أَوْ غَيْرِهِ فِي مَعْنَاهُ وَحُكْمُهُ مَنْفِيًّا حُكْمُهُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْمَسْكُوتَاتِ (ثُمَّ غَايَةُ مَا يُعْلَمُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ وُجُودِ الِاسْتِعْمَالِ (انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ، الْكَلَامُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ وَلَا كَلَامَ فِي وُجُودِ الِانْتِفَاءِ عَنْ الْمَسْكُوتِ فِي الْجُمْلَةِ، إنَّمَا النِّزَاعُ بَعْدَ وُجُودِهِ فِي تِلْكَ الْمَوَادِّ (فِي أَنَّهُ) أَيْ انْتِفَاءَ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (مَدْلُولُ اللَّفْظِ أَوْ الْأَصْلِ أَوْ عِلْمِ الْوَاقِعِ) أَيْ الْعِلْمِ بِهِ مِنْ خَارِجٍ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ (لَا يُفِيدُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُهُ مَدْلُولَ اللَّفْظِ (الِاسْتِقْرَاءَ وَلِهَذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ كَوْنُهُ مَدْلُولَ اللَّفْظِ الِاسْتِقْرَاءَ (نَفَاهُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَعَ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَاتِ وَالْمُرَادَاتِ لَمْ تَخْفَ عَنْهُمْ) فَإِنَّ مَا كَانَ مُفِيدُهُ الِاسْتِقْرَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ مِنْ أَئِمَّةِ ذَلِكَ بَلْ يَشْتَرِكُونَ فِي مَعْرِفَتِهِ (وَهَذَا) أَيْ: إنَّمَا لَمْ يُفِدْهُ مَدْلُولُ اللَّفْظِ الِاسْتِقْرَاءَ (لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا انْتَفَى فِيهِ الْحُكْمُ عَنْ الْمَسْكُوتِ يُوَافِقُ الْأَصْلَ) الْمُقَرَّرَ لَهُ قَبْلَ ظُهُورِ تَعَلُّقِ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِذَلِكَ الْمُخَصِّصِ.

(وَالِاسْتِقْرَاءُ يُفِيدُهُ) أَيْ اسْتِقْرَاءُ الْمِثْلِ يُفِيدُ مُوَافَقَةَ الْأَصْلِ مِنْهَا مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ مِنْ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَلَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» فَإِنَّ عَدَمَ الظُّلْمِ، وَحِلُّ الْعِرْضِ وَالْعُقُوبَةِ هُوَ الْأَصْلُ، وَهُوَ الثَّابِتُ عِنْدَ عَدَمِ الْغِنَى (فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إثْبَاتِهِ) أَيْ إثْبَاتِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (بِاللَّفْظِ) لِأَنَّهُ إذَا قَالَ: دَلَّ اللَّفْظُ عَلَى الِانْتِفَاءِ يُقَالُ لَهُ: لِمَ لَمْ يَكُنْ لِدَلَالَةِ الْأَصْلِ عَلَيْهِ؛ إذْ كَانَ الْأَصْلُ الْعَدَمَ (وَفِيهِ) أَيْ وَفِي إثْبَاتِهِ بِاللَّفْظِ (النِّزَاعُ وَإِذْ قَدْ ظَهَرَ أَنَّ الدَّلِيلَ) لِلِانْتِفَاءِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (الْفَهْمُ) لَهُ (وَفِي مُفِيدِهِ) أَيْ الْفَهْمِ (احْتِمَالٌ لِمَا ذَكَرْنَا) مِنْ احْتِمَالِ كَوْنِهِ اللَّفْظَ أَوْ النَّظَرَ إلَى الْأَصْلِ أَوْ عِلْمَ الْوَاقِعِ (اتَّحَدَ حَالُ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ) فَيَجِبُ أَنْ لَا يَثْبُتَ ذَلِكَ وَلَا يُنْفَى إلَّا بِنَقْلِ اللُّغَةِ بِطَرِيقِهَا فِيهِ.

(فَإِنْ أُجِيبَ عَنْ الْمَنْعِ) أَيْ عَنْ الْجَوَابِ الْقَائِلِ بِمَنْعِ انْحِصَارِ الْفَائِدَةِ فِي النَّفْيِ عَنْ الْغَيْرِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ بِتَسْلِيمِ الْمَنْعِ ثُمَّ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ (وَضْعُ التَّخْصِيصِ لِلْفَائِدَةِ وَضْعُ الْمُشْتَرَكِ الْمَعْنَوِيِّ) بَيْنَ أَفْرَادِهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لِإِفَادَةِ مَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ كَوْنِهِ لَغْوًا (وَكُلُّ فَائِدَةِ فَرْدٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الْكُلِّيِّ (تَتَعَيَّنُ) أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُرَادَةَ (بِالْقَرِينَةِ) الْمُعَيِّنَةِ لَهَا (فِي الْمَوْرُودِ وَهِيَ) أَيْ الْقَرِينَةُ الْمُعَيِّنَةُ لِلْفَائِدَةِ الَّتِي هِيَ النَّفْيُ عَنْ الْمَسْكُوتِ (عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةٍ) غَيْرِ النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ لُزُومُ عَدَمِ الْفَائِدَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ النَّفْيُ عَنْ الْمَسْكُوتِ هُوَ الْفَائِدَةَ حِينَئِذٍ مِنْ ذَلِكَ (فَيَجِبُ) النَّفْيُ عَنْ الْمَسْكُوتِ حِينَئِذٍ (مَدْلُولًا لَفْظِيًّا) ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَاطِئَ يَدُلُّ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ بِاللَّفْظِ عِنْدَ قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْفَرْدَ هُوَ الْمُرَادُ (قُلْنَا: لَا دَلَالَةَ لِلْأَعَمِّ عَلَى الْأَخَصِّ) بِخُصُوصِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الدَّلَالَاتِ الثَّلَاثِ (فَلَيْسَ) النَّفْيُ عَنْ الْمَسْكُوتِ مَدْلُولًا (لَفْظِيًّا بَلْ) الدَّلَالَةُ (لِلْقَرِينَةِ) الْمُعَيِّنَةِ لَهُ قُلْت لَكِنْ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ: إنْ تَمَّ هَذَا فَإِنَّمَا يَتِمُّ عَلَى الْمَنْطِقِيِّينَ لَا عَلَى الْأُصُولِيِّينَ فَإِنَّ الْمَعْنَى الْمَجَازِيَّ مَدْلُولُ اللَّفْظِ.

وَلَا يَنْزِلُ إرَادَةُ فَرْدٍ مُعَيَّنٍ لِمَعْنًى كُلِّيٍّ بِقَرِينَةٍ مُعَيِّنَةٍ لَهُ بِاللَّفْظِ الْمُؤَدِّي لَهُ عَلَى إرَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>