للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَجَازِيٍّ لِلَّفْظِ بِقَرِينَةٍ صَارِفَةٍ عَنْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ إلَيْهِ فِي كَوْنِهِ مَدْلُولًا لَفْظِيًّا فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى نَفْيِ انْتِفَاءِ الْقَرِينَةِ عَلَى غَيْرِ النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (وَالثَّابِتُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِقَرِينَةِ الْغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (لَا عَدَمُهَا) أَيْ قَرِينَةِ غَيْرِ نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ وَعَدَمُ الْعِلْمِ بِالْقَرِينَةِ لَا يُوجِبُ عَدَمَ الْقَرِينَةِ إذْ مِنْ الْجَائِزِ وُجُودُهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ الْعِلْمُ بِهَا لِفَقْدِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ (فَيَكُونُ) الْمُتَوَاطِئُ (مُجْمَلًا فِي الْمَسْكُوتِ وَغَيْرِهِ) لِخَفَاءِ الْمُرَادِ بِهِ فَيَتَوَقَّفُ كَوْنُهُ لِنَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ عَلَى الْمُعَيِّنِ لَهُ (لَا مُوجِبًا فِيهِ) أَيْ فِي الْمَسْكُوتِ (شَيْئًا كَرَجُلٍ بِلَا قَرِينَةٍ فِي زَيْدٍ) فَإِنَّ رَجُلًا مُجْمَلٌ فِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ يَتَوَقَّفُ كَوْنُهُ الْمُرَادَ بِهِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ عَلَى قَرِينَةٍ تُعَيِّنُهُ وَلَا يُوجِبُهُ بِخُصُوصِهِ مُجَرَّدُ إطْلَاقِهِ لِكَوْنِهِ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ مَعْنَاهُ (فَإِنْ قِيلَ) لَا نُسَلِّمُ كَوْنَ الثَّابِتِ عَدَمَ الْعِلْمِ بِقَرِينَةِ غَيْرِ النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ لَا عَدَمَ الْقَرِينَةِ (بَلْ) عَدَمُ الِاطِّلَاعِ عَلَى قَرِينَةِ مَا سِوَاهُ (ظَاهِرٌ فِي عَدَمِهَا) أَيْ قَرِينَةِ غَيْرِ النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (بَعْدَ فَحْصِ الْعَالِمِ) عَنْ الْقَرِينَةِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ.

(قُلْنَا) ظُهُورُ عَدَمِهَا (مَمْنُوعٌ، وَإِلَّا) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الظُّهُورُ مَمْنُوعًا (لَمْ يَتَوَقَّفْ فِي حُكْمٍ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ الْأَئِمَّةِ) أَيْ لَكِنْ ثَبَتَ التَّوَقُّفُ عَنْ الْمُجْتَهِدِينَ فِي أَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ ظُهُورِهَا قُلْت لَكِنْ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ لُزُومَ عَدَمِ التَّوَقُّفِ فِي حُكْمٍ أَصْلًا لِظُهُورِ قَرِينَةِ مَا سِوَى النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ، وَإِنَّمَا هُوَ لَازِمٌ لِلظُّهُورِ مَعَ انْتِفَاءِ الْمُعَارِضِ الْمُسَاوِي وَالرَّاجِحِ، وَلَيْسَ هَذَا بِالْمُدَّعَى، وَإِنَّمَا الْمُدَّعَى مُجَرَّدُ الظُّهُورِ (فَإِنْ قِيلَ) التَّوَقُّفُ (نَادِرٌ) فَيَلْزَمُ ثُبُوتُ الظُّهُورِ.

(قُلْنَا: فَمَوَاضِعُ الْخِلَافِ كَثِيرَةٌ تُفِيدُ عَدَمَ الْوُجُودِ بِالْفَحْصِ لِلْعَالِمِ) أَيْ تَفَحُّصُ الْمُخْطِئِ فِي ذَلِكَ الْخِلَافِ مَعَ أَنَّهُ عَالِمٌ مُجْتَهِدٌ، وَإِلَّا لَمْ يُخَالِفْ فَانْتَفَى الظُّهُورُ قُلْت: إلَّا أَنَّهُ يَطْرُقُ هَذَا أَيْضًا أَنَّ الْخِلَافَ مِنْ الْمُخْطِئِ الْفَاحِصِ لَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ يَكُونَ عَنْ عَدَمِ الْوُجُودِ بَعْدَ الْفَحْصِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ظَفِرَ بِالْقَرِينَةِ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ مُقْتَضَى ذَلِكَ لِعَارِضٍ هُوَ عِنْدَهُ أَرْجَحُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْوَاقِعِ لَيْسَ كَمَا عِنْدَهُ، وَهَذَا كَثِيرٌ بَثِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْطُوقَاتِ الدَّلَائِلِ فَضْلًا عَنْ مَفَاهِيمِهَا الْمُحْتَمَلَةِ (وَلَوْ سُلِّمَ) أَنَّ فَحْصَ الْعَالِمِ مَعَ عَدَمِ الْوِجْدَانِ ظَاهِرٌ فِي انْتِفَاءِ قَرِينَةِ غَيْرِ النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ حَتَّى يُلْزِمُ النَّفْيُ عَنْهُ الْمَسْكُوتَ (فِي غَيْرِ الشَّارِعِ اقْتَصَرَ) أَيْ وَجَبَ أَنْ يَقْتَصِرَ الْحُكْمُ عَنْ الْمَسْكُوتِ عِنْدَ عَدَمِ الظُّهُورِ عَلَى كَلَامِ غَيْرِ الشَّارِعِ (فَقُلْنَا بِهِ) أَيْ بِالِاقْتِصَارِ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الشَّارِعِ (مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ لِلُزُومِ الِانْتِفَاءِ) أَيْ انْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ (لَوْلَاهُ) أَيْ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (أَمَّا الشَّارِعُ فَلِلْقَطْعِ بِقَصْدِهَا) أَيْ الْفَائِدَةِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الشَّارِعِ فِي تَخْصِيصِهِ (يَجِبُ تَقْدِيرُهَا) أَيْ الْفَائِدَةِ فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ كَوْنُهَا غَيْرَ النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ لَا يَلْزَمُ كَوْنُهَا إيَّاهُ لِجَوَازِ كَوْنِهَا غَيْرَهُ مِمَّا لَمْ يَظْهَرْ.

وَالْعِلْمُ وَاقِعٌ بِسَعَةِ اعْتِبَارَاتِ الشَّرْعِ بِمَا يَقْصُرُ عَنْ دَرْكِهِ الْعَقْلُ (فَلَا يَلْزَمُ الِانْتِفَاءُ) أَيْ انْتِفَاءُ الْفَائِدَةِ (لَوْلَا الِانْتِفَاءُ) أَيْ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (فَإِثْبَاتُهُ) أَيْ نَفْيُ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ هُوَ الْفَائِدَةُ الْمُرَادَةُ حِينَئِذٍ (إقْدَامٌ عَلَى تَشْرِيعِ حُكْمٍ بِلَا مُلْجِئٍ) أَيْ مُوجِبٍ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ كَانَ لُزُومَ انْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ مِنْ تَخْصِيصِهِ لَوْلَا انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ، وَهَذَا الْمُوجِبُ مُنْتَفٍ هُنَا؛ لِأَنَّا نَحْكُمُ بِإِرَادَةِ فَائِدَةٍ غَيْرَ أَنَّا لَا نَعْلَمُهَا إذْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى تَعْيِينِهَا دَلِيلٌ كَذَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(فَإِنْ قِيلَ) : نَفْيُ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (ظَنِّيٌّ) فَيَكْفِي فِي ثُبُوتِهِ ظَنُّ أَنْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّخْصِيصِ سِوَاهُ (قُلْنَا) : كَوْنُهُ ظَنِّيًّا مُسَلَّمٌ لَكِنْ ظَنُّهُ (ظَنُّ) الْفَرْدِ (الْمُعَيَّنِ) مِنْ أَفْرَادِ الْمُتَوَاطِئِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِهَا، وَذَلِكَ (عِنْدَ انْتِفَاءِ مُعَيِّنِهِ مَمْنُوعٌ) ؛ إذْ لَا مُوجِبَ لَهُ حِينَئِذٍ وَهَذَا الظَّنِّيُّ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعَيِّنَ لَهُ كَمَا قَالَ (وَعَلِمْت أَنَّهُ) أَيْ الْمُعَيِّنَ لِنَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (لُزُومُ انْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ) عَلَى تَقْدِيرِ انْتِفَائِهِ (وَانْتِفَاءَهُ) أَيْ وَعَلِمْت انْتِفَاءَ لُزُومِ انْتِفَاءِ الْفَائِدَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ هُوَ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ لِسَعَةِ اعْتِبَارَاتِ الشَّارِعِ بِمَا يَقْصُرُ الْعَقْلُ عَنْ دَرْكِهَا فَلَا يُجْدِي مُجَرَّدُ ظَنِّ أَنْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّخْصِيصِ سِوَى ثُبُوتِهِ (وَانْدَفَعَ بِمَا ذَكَرْنَا) مِنْ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>