للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُفِيدَ كَوْنِ الْفَائِدَةِ الْمُرَادَةِ مِنْ التَّخْصِيصِ نَفْيَ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ هُوَ اللَّفْظُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْوَاضِعِ أَوْ أَهْلِ اللُّغَةِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ مَشْرُوحًا وَمِنْ أَنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ بِقَصْدِ الْفَائِدَةِ فِي التَّخْصِيصِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ وَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ يَجِبُ تَقْدِيرُهَا لِاتِّسَاعِ دَائِرَةِ اعْتِبَارَاتِهِ فَلَا يَلْزَمُ انْتِفَاؤُهَا فِي كَلَامِهِ لَوْلَا أَنْ يَكُونَ نَفْيَ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ

(قَوْلُهُمْ) أَيْ الْمُثْبِتِينَ لِلْمَفْهُومِ أَيْضًا (تَثْبُتُ دَلَالَةُ الْإِيمَاءِ دَفْعًا لِلِاسْتِبْعَادِ) كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ (فَالْمَفْهُومُ) أَيْ فَلْتَثْبُتْ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ (لِدَفْعِ عَدَمِ الْفَائِدَةِ) عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ هُوَ الْفَائِدَةَ فِي التَّخْصِيصِ (أَوْلَى) لِأَنَّ الْحَذَرَ مِنْ لُزُومِ غَيْرِ الْمُفِيدِ أَجْدَرُ مِنْ لُزُومِ الْبَعِيدِ وَفِي قَوْلِهِ: (وَلَوْ جَعَلَ) هَذَا (إثْبَاتًا لِإِثْبَاتِ الْوَضْعِ بِالْفَائِدَةِ) إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ افْتِرَاقِ حَالِ هَذَا فِي الِانْدِفَاعِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ دَلِيلًا مُسْتَقِلًّا عَلَى الْمَطْلُوبِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ وُجُوبًا ثَانِيًا لِلْجَوَابِ الْقَائِلِ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إثْبَاتُ الْوَضْعِ بِالْفَائِدَةِ بَلْ بِالِاسْتِقْرَاءِ عَنْ اعْتِرَاضِ النَّافِينَ بِأَنَّ فِي الْقَوْلِ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ إثْبَاتَ الْوَضْعِ بِالْفَائِدَةِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ شَارِحِي مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ حَتَّى يَكُونَ تَقْرِيرُهُ كَمَا قَالَ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ: لَا نُسَلِّمُ بُطْلَانَ إثْبَاتِ الْوَضْعِ بِالْفَائِدَةِ، وَالسَّنَدُ أَنَّهُ جَازَ ذَلِكَ تَفَادِيًا عَنْ لُزُومِ الْمُسْتَبْعَدِ فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ تَفَادِيًا عَنْ لُزُومِ الْمُمْتَنِعِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَاءِ إلَى أَنْ لِلْقَوْمِ فِي ذَلِكَ طَرِيقَيْنِ، وَوَجْهُ الِانْدِفَاعِ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إثْبَاتِ كَوْنِ الْوَصْفِ الْمُقْتَرِنِ بِحُكْمِ الصَّالِحِ لِعَلِيَّتِهِ دَالًّا عَلَيْهَا دَفْعًا لِاسْتِبْعَادِ اقْتِرَانِهِ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى تَعْيِينِهِ لَهُ مُعَيِّنٌ مَعَ إفْضَاءِ الْقَوْلِ بِهِ إلَى نِسْبَةِ الْوَاضِعِ الْحَكِيمِ إلَى إيقَاعِ السَّامِعِينَ فِي الْجَهْلِ، وَأَيْضًا نَمْنَعُ انْتِفَاءَ الْفَائِدَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ عَلَى تَقْدِيرِ انْتِفَاءِ الْمَفْهُومِ كَمَا ذَكَرْنَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِدَلَالَةِ الْإِيمَاءِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ الْقَوْلُ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فِيهِ أَيْضًا بِطَرِيقِ الْمُسَاوَاةِ فَضْلًا عَنْ الْأَوْلَوِيَّةِ.

(وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ) مِنْ النَّافِينَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الْمُثْبِتِينَ لَوْ لَمْ يَدُلَّ التَّخْصِيصُ بِالْوَصْفِ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ غَيْرِهِ لَخَلَا عَنْ الْفَائِدَةِ (بِأَنَّ تَقْوِيَةَ دَلَالَتِهِ) أَيْ الْمَوْصُوفِ (عَلَى الثُّبُوتِ فِي الْمَوْصُوفِ) أَيْ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمِهِ فِي أَفْرَادِهِ الْمُتَّصِفَةِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ حَتَّى لَا يُتَوَهَّمَ تَخْصِيصُهَا مِنْهُ بِالِاجْتِهَادِ (فَائِدَةٌ) ثَابِتَةٌ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ أَيْضًا فَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ فَائِدَةُ ذِكْرِهَا النَّفْيَ عَنْ الْمَسْكُوتِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: يُفِيدُ التَّقْوِيَةَ الْمَذْكُورَةَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْعَامِّ دُونَهَا أَمْكَنَ تَخْصِيصُهُ بِالِاجْتِهَادِ فَفِي الْغَنَمِ زَكَاةٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمَعْلُوفَةَ تَخْصِيصًا فَإِذَا ذَكَرَ السَّائِمَةَ زَالَ هَذَا الْوَهْمُ (وَكَذَا ثَوَابُ الْقِيَاسِ) أَيْ ثَوَابُ الِاجْتِهَادِ فِي إلْحَاقِ الْمَسْكُوتِ بِالْمَذْكُورِ بِمَعْنًى جَامِعٍ بَيْنَهُمَا فَائِدَةٌ ثَابِتَةٌ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ أَيْضًا فَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ فَائِدَةُ ذِكْرِهَا النَّفْيَ عَنْ الْمَسْكُوتِ فَإِذَنْ لَا يَتَحَقَّقُ مَفْهُومُ الصِّفَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ (فَدُفِعَ الْأَوَّلُ) وَهُوَ أَنَّ تَقْوِيَةَ الدَّلَالَةِ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْمَوْصُوفِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَائِدَةٌ ثَابِتَةٌ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ مَفْهُومِهَا (بِأَنَّهُ) أَيْ جَوَازَ التَّخْصِيصِ فِي الْمَوْصُوفِ (فَرْعُ عُمُومِ الْمَوْصُوفِ فِي نَحْوِ فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ وَلَا قَائِلَ بِهِ) أَيْ بِعُمُومِ الْمَوْصُوفِ فِي مِثْلِ الْغَنَمِ الْمَوْصُوفَةِ بِالسَّائِمَةِ حَتَّى تَكُونَ الْغَنَمُ مُتَنَاوِلَةً لِلسَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ وَإِنْ كَانَ الْغَنَمُ بِدُونِ التَّقْيِيدِ بِأَحَدِهِمَا عَامًّا مُتَنَاوِلًا لَهُمَا فَيَجِبُ رَدُّهُ.

(وَلَوْ ثَبَتَ) الْعُمُومُ (فِي مَادَّةٍ) كَالصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ مَثَلًا (فَصَارَ الْمَعْنَى فِي الْغَنَمِ سِيَّمَا السَّائِمَةَ) زَكَاةٌ (خَرَجَ عَنْ النِّزَاعِ) لِأَنَّ النِّزَاعَ فِيمَا لَا شَيْءَ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ فِيهِ سِوَى مُخَالَفَةِ الْمَسْكُوتِ لِلْمَذْكُورِ وَدَفَعَ التَّخْصِيصَ فَائِدَةٌ سِوَاهَا

(وَالثَّانِي) أَيْ وَدُفِعَ أَنَّ ثَوَابَ الِاجْتِهَادِ فِي إلْحَاقِ الْمَسْكُوتِ بِالْمَذْكُورِ بِجَامِعٍ بَيْنَهُمَا فَائِدَةٌ ثَابِتَةٌ فِي كُلِّ صُورَةٍ (بِأَنَّا شَرَطْنَا فِي دَلَالَتِهِ) أَيْ التَّخْصِيصِ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (عَدَمَ الْمُسَاوَاةِ فِي الْمَنَاطِ وَالرُّجْحَانِ وَسَيَدْفَعُ هَذَا) أَيْ عَدَمَ مُسَاوَاةِ الْمَسْكُوتِ لِلْمَنْطُوقِ فِي الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِحُكْمِهِ، وَعَدَمَ كَوْنِهِ أَوْلَى مِنْ الْمَنْطُوقِ بِهِ فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ حِينَئِذٍ، وَهُوَ أَنْ لَا يَظْهَرَ أَوْلَوِيَّةٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>