للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْكُوتِ، وَلَا مُسَاوَاةَ، (وَنَقْضُهُ) أَيْ دَلِيلِ مُثْبِتِيهِ لَوْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا (بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ) أَيْ بِأَنَّهُ يَجِيءُ فِيهِ أَيْضًا مِثْلُهُ بِأَنْ يُقَالَ: لَوْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا فَيَلْزَمُ أَنْ يُعْتَبَرَ، وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ إلَّا عِنْدَ شُذُوذٍ (مَدْفُوعٌ بِأَنَّهُ) أَيْ ذِكْرَ اللَّقَبِ (لِيَصِحَّ الْأَصْلُ) فَإِنَّهُ يَخْتَلُّ بِإِسْقَاطِهِ، وَعَدَمُ الِاخْتِلَالِ أَعْظَمُ فَائِدَةً فَلَمْ يَصْدُقْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَثْبُتْ الْمَفْهُومُ لَمْ يَكُنْ ذِكْرُهُ مُفِيدًا وَهُوَ الْمُقْتَضِي لِإِثْبَاتِ الْمَفْهُومِ فَتَنْتَفِي دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَفْهُومِ، وَتَعَقَّبَ الْفَاضِلُ الْكَرْمَانِيُّ إيَّاهُ بِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ فِي السَّائِمَةِ مِنْ: فِي السَّائِمَةِ زَكَاةٌ لَاخْتَلَّ الْكَلَامُ فَلَمْ يَبْقَ الْفَرْقُ قَائِمًا اهـ غَيْرُ مُتَّجَهٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَخْتَلُّ الْكَلَامُ فِي مَفْهُومِ الصِّفَةِ بِحَذْفِهَا إذَا كَانَ الْمَوْصُوفُ مَذْكُورًا، وَهُوَ فِي هَذَا غَيْرُ مَذْكُورٍ ثُمَّ هَذَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَأَنَّهُ الْأَوْجَهُ وَإِلَّا فَقَدْ عَلِمْت ثَمَّةَ أَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ عِنْدَ السُّبْكِيّ

(وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ) أَيْ الْقَائِلِينَ بِالْمَفْهُومِ (الْمُزَيَّفَةِ) أَيْ الْمُضَعِّفَةِ لِمَفْهُومِ الصِّفَةِ (لَوْ لَمْ يَكُنْ) ذِكْرُ الصِّفَةِ (لِلْحَصْرِ) أَيْ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ لِلْمَذْكُورِ وَنَفْيِهِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (لَزِمَ اشْتِرَاكُ الْمَسْكُوتِ وَالْمَذْكُورِ فِي الْحُكْمِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ اخْتِصَامِهِ بِالْمَذْكُورِ بَيْنَ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ لَكِنْ اللَّازِمُ الَّذِي هُوَ الِاشْتِرَاكُ (مُنْتَفٍ لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ) أَيْ الْحُكْمَ (لَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمَسْكُوتِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلْمَذْكُورِ (بَلْ) كَوْنُهُ لِلْمَسْكُوتِ أَيْضًا (مُحْتَمَلٌ) فَتَعَيَّنَ الْحَصْرُ (وَدُفِعَ) هَذَا الدَّلِيلُ (بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ) أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذِكْرَ الْوَصْفِ لَوْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ تَعَيَّنَ الِاشْتِرَاكُ (بَلْ اللَّازِمُ عَدَمُ الدَّلَالَةِ عَلَى اخْتِصَاصٍ وَلَا اشْتِرَاكَ بَلْ) الدَّلَالَةُ (عَلَى مُجَرَّدِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالْمَذْكُورِ) وَهَذَا وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْحَصْرِ وَالِاشْتِرَاكِ فَدَعْوَى عَدَمِهَا مَمْنُوعٌ (وَلِلْإِمَامِ) أَيْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ اسْتِدْلَالٌ (قَرِيبٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ هَذَا الدَّلِيلِ، وَهُوَ ذِكْرُ الْوَصْفِ (لَوْ لَمْ يُفِدْ الْحَصْرَ) أَيْ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي الْمَذْكُورِ وَنَفْيَهُ عَنْ الْمَسْكُوتِ (لَمْ يُفِدْ اخْتِصَاصَ الْحُكْمِ) بِالْمَذْكُورِ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِلْحَصْرِ فِيهِ إلَّا اخْتِصَاصُهُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ.

فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَمْ يَحْصُلْ (لَكِنَّهُ) أَيْ الْوَصْفَ (يُفِيدُهُ) أَيْ الِاخْتِصَاصَ (فِي الْمَذْكُورِ) بِهِ فَيُفِيدُ الْحَصْرَ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ (وَجَوَابُهُ مَنْعُ انْتِفَاءِ اللَّازِمِ) أَيْ لَا نُسَلِّمُ انْتِفَاءَ عَدَمِ إفَادَتِهِ اخْتِصَاصَ الْحُكْمِ بِالْمَذْكُورِ (بَلْ إنَّمَا يُفِيدُ) هَذَا الْكَلَامُ (الْحُكْمَ عَلَى الْمَذْكُورِ لَا اخْتِصَاصَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (بِهِ) أَيْ بِالْمَذْكُورِ (مَعَ مَا فِي تَرْكِيبِهِ) أَيْ هَذَا الدَّلِيلِ مِنْ الْمُصَادَرَةِ عَلَى الْمَطْلُوبِ؛ (إذْ هُوَ) فِي الْمَعْنَى (لَوْ لَمْ يُفِدْ الْحَصْرَ لَمْ يُفِدْ الْحَصْرَ) غَايَتُهُ أَنَّ لَفْظَ الِاخْتِصَاصِ أَوْضَحُ دَلَالَةً مِنْ الْحَصْرِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ فِي تَالِي هَذِهِ الشَّرْطِيَّةِ تَفْصِيلٌ لَيْسَ فِي مُقَدَّمِهَا فَلَا يُعَدُّ مِنْ اسْتِلْزَامِ الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ وَفِي نَقِيضِ تَالِيهَا تَفْصِيلٌ لَيْسَ فِي نَقِيضِ مُقَدَّمِهَا فَلَا يُعَدُّ مِنْ الْمُصَادَرَةِ عَلَى الْمَطْلُوبِ بَلْ هُوَ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ التَّفْصِيلِ عَلَى الْجُمْلَةِ اهـ ثُمَّ إنَّمَا قَالَ: وَلِلْإِمَامِ قَرِيبٌ مِنْهُ مَعَ أَنَّ حَاصِلَهُمَا وَاحِدٌ لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ.

(وَمَا رُوِيَ لَأَزِيدَنَّ عَلَى السَّبْعِينَ) أَيْ وَمِنْ أَدِلَّةِ مُثْبِتِيهِ عَلَى مَفْهُومِ الْعَدَدِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «لَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُصَلِّيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَرَفَةَ ابْنِ سَلُولَ قَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُصَلِّي عَلَيْهِ، وَقَدْ نَهَاك رَبُّك أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ فَقَالَ {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: ٨٠] وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ» وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ قَتَادَةَ وَالطَّبَرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا بِلَفْظِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِمَ أَنَّ حُكْمَ مَا زَادَ عَلَى السَّبْعِينَ خِلَافُ حُكْمِهَا (وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ) أَيْ ذِكْرَ السَّبْعِينَ فِي الْآيَةِ (لَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ ذِكْرَهَا لِلْمُبَالَغَةِ) فِي الْكَثْرَةِ عَلَى عَادَةِ ذِكْرِهِمْ إيَّاهَا فِي مَعْرِضِ التَّكْثِيرِ (وَاتِّحَادِ الْحُكْمِ) أَيْ وَلِلْعِلْمِ بِاتِّحَادِ الْحُكْمِ، وَهُوَ عَدَمُ الْمَغْفِرَةِ (فِي الزَّائِدِ) عَلَيْهَا، وَفِيهَا (فَكَيْفَ يَفْهَمُ) رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (الِاخْتِلَافَ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّائِدِ عَلَيْهَا فِي الْحُكْمِ (فَلَأَزِيدَنَّ تَأْلِيفٌ وَعُلِمَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ) أَيْ اخْتِلَافَ السَّبْعِينَ وَالزَّائِدِ عَلَيْهَا فِي الْحُكْمِ (جَائِزٌ) فِي جِنْسِ هَذَا الْمَقَامِ (إنْ ثَبَتَ يَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>