للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَوْنُهُ مِنْ خُصُوصِ الْمَادَّةِ وَهُوَ قَبُولُ دُعَائِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا مِنْ دَلَالَةِ اللَّفْظِ فَعِلْمٌ مُبْتَدَأً وَيَجِبُ خَبَرُهُ.

وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَجَابَ بِجَوَابَيْنِ عَلَى تَقْدِيرَيْنِ الْأَوَّلِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ السَّبْعِينَ كِنَايَةٌ عَنْ السَّبْعِينَ فَمَا زَادَ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ حُكْمُ الزَّائِدِ مِثْلَ حُكْمِ السَّبْعِينَ، وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرِهِ فَلَمْ يَكُنْ فَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتِفَاءَ الْحُكْمِ عَنْ الْمَسْكُوتِ فَقَوْلُهُ لَأَزِيدَنَّ تَأْلِيفٌ لِقُلُوبِ أَقَارِبِهِمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِإِظْهَارِ الْحَدَبِ عَلَيْهِمْ وَبُلُوغِ الْغَايَةِ فِي طَلَبِ الْمَغْفِرَةِ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُفِدْ، وَلَا يُقَالُ فَهُوَ حِينَئِذٍ شُغْلٌ بِمَا لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الِاسْتِغْفَارِ تَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ مَطْلُوبٌ مَعَ أَنَّهُ يُفِيدُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّأْلِيفِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَالثَّانِي عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُرَادَ بِالسَّبْعِينَ خُصُوصُهَا فَيُعْلَمُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ السَّبْعِينَ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا جَائِزٌ فَعُلِمَ أَنَّهُ جَائِزٌ حَتَّى زَادَ عَلَيْهَا جَازَ كَوْنُهُ مُسْتَنِدًا إلَى الْأَصْلِ مِنْ قَبُولِ دُعَائِهِ لَا اللَّفْظِ اهـ هَذَا وَقَدْ ذَهِلَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَسَاطِينِ عَنْ رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَأَنْكَرُوا صِحَّتَهُ بِالتَّصْمِيمِ فَلَا يُتَّبَعُونَ فِيهِ {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: ٧٦] «وَقَوْلُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ لِعُمَرَ مَا بَالُنَا نَقْصُرُ، وَقَدْ أَمِنَّا فِي الشَّرْطِ فَقَالَ عَجِبْت مِمَّا عَجِبْت مِنْهُ فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ» ) أَيْ وَمِنْ أَدِلَّةِ مُثْبِتِيهِ الْمُزَيَّفَةِ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ هَذَا الْمَرْوِيُّ فَإِنَّ عُمَرَ وَيَعْلَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَهِمَا تَقْيِيدَ قَصْرِ الصَّلَاةِ بِحَالِ الْخَوْفِ وَعَدَمِ قَصْرِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْخَوْفِ، وَأَقَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْلَا إفَادَتُهُ ذَلِكَ لُغَةً لَمَا كَانَا ثَمَّ هَذَا مُخْرِجُ لَفْظِ أَكْثَرِهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالسُّنَنِ وَمُسْنَدَيْ أَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى وَالْبَاقِي فِيهَا مَعْنًى وَفِي آخِرِهِ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ.

(وَالْجَوَابُ) لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَازَمَ فَهْمَهُمَا عَدَمُ الْقَصْرِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْخَوْفِ؛ إذْ مِنْ الْجَائِزِ (جَوَازُ بِنَائِهِمَا) الْعَجَبَ مِنْ الْقَصْرِ (عَلَى الْأَصْلِ) فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ السَّفَرِ الْوَاقِعِ فِيهِ الْخَوْفُ (وَهُوَ الْإِتْمَامُ، وَإِنَّمَا خُولِفَ) الْأَصْلُ فِيهَا (فِي الْخَوْفِ) بِالْآيَةِ وَلِهَذَا ذَكَرَاهَا عِنْدَ التَّعَجُّبِ أَيْ الْقَصْرُ حَالَ الْخَوْفِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْآيَةِ فَمَا بَالُ حَالِ الْأَمْنِ لَمْ يَبْقَ مَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا مِنْ الْإِتْمَامِ قُلْت إلَّا أَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا: الْأَصْلُ فِيهَا الْقَصْرُ وَالْإِتْمَامُ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ بِعَارِضِ الْإِقَامَةِ حَتَّى لَوْ صَلَّى الْمُسَافِرُ الرُّبَاعِيَّةَ إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا أَرْبَعًا إنْ أَتَى بِالْقَعْدَةِ الْأُولَى أَسَاءَ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَيَشْهَدُ لَهُمْ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَيُشْكِلُ بِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَهُوَ الْحَامِلُ لِبَعْضِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَصْرِ فِيهَا قَصْرُ الْأَحْوَالِ لَا الذَّاتِ يَعْنِي إبَاحَةَ الصَّلَاةِ بِالْإِيمَاءِ مَعَ تَخْفِيفِ الْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحَاتِ لَا أَعْدَادَ الرَّكَعَاتِ وَالْحَدِيثُ يَنْبُو عَنْهُ سِيَاقًا وَنَصًّا، وَاَلَّذِي سَنَحَ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ غَفَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - لَهُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنْ يُقَالَ - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ -: لَمَّا تَقَرَّرَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْإِقَامَةِ كَانَ مَظِنَّةَ أَنْ يَكُونَ فِي السَّفَرِ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اخْتِلَافِ الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ فِي الْأَحْكَامِ فَأَبَانَتْ الْآيَةُ اخْتِلَافَهُمَا فِي هَذَا الْحُكْمِ وَسَمَّتْ تَقْرِيرَ الْحَالَةِ الْأُولَى قَصْرًا نَظَرًا إلَى مَا اسْتَقَرَّ الْحَالُ عَلَيْهِ إقَامَةً وَخَرَجَ التَّقْيِيدُ بِالشَّرْطِ مَخْرَجَ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ حَالِهِمْ وَقْتَ نُزُولِهَا، وَإِنَّمَا تَعَجَّبَا لِظَنِّهِمَا ثُبُوتَ الزِّيَادَةِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ الْغَيْرِ الْخَائِفِ بِالنَّظَرِ إلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ مِنْ عَدَمِ اخْتِلَافِ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ فِي الْأَحْكَامِ، وَمِنْ كَوْنِ الشَّرْطِ غَيْرَ خَارِجٍ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَكَانَ تَرْكُ الزِّيَادَةِ فِي السَّفَرِ مُطْلَقًا - كَمَا وَقَعَتْ فِي الْإِقَامَةِ مُطْلَقًا - صَدَقَةً مِنْ اللَّهِ، وَصَدَقَةُ اللَّهِ لَا تُرَدُّ فَانْزَاحَ الْإِشْكَالُ

(وَإِنَّ فِي الْقَوْلِ بِهِ تَكْثِيرَ الْفَائِدَةِ) أَيْ وَمِنْ أَدِلَّةِ مُثْبِتِيهِ الْمُزَيَّفَةِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا هَذَا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ بِخِلَافِ عَدَمِ الْقَوْلِ بِهِ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْحُكْمِ لِلْمَذْكُورِ، وَمَا كَثُرَتْ فَائِدَتُهُ رَاجِحٌ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِمُلَاءَمَتِهِ لِغَرَضِ الْعُقَلَاءِ (وَنُقِضَ) هَذَا الدَّلِيلُ نَقْضًا إجْمَالِيًّا (بِلُزُومِ الدَّوْرِ) وَالْمُعْتَرِضِ بِهِ الْآمِدِيُّ وَحَاصِلُهُ: لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمْ لَزِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>