للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ تَتَوَقَّفَ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى الْمَفْهُومِ عَلَى تَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ، وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَفْهُومِ أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى النَّفْيِ تَتَوَقَّفُ عَلَى وَضْعِهِ لَهُ، وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَكْثِيرِ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ وَضْعَهُ لَهُ مُعَلَّلًا بِتَكْثِيرِهَا فَيَكُونُ عِلَّةً لِوَضْعِهِ لَهُ، وَالْمَعْلُولُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى عِلَّتِهِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ تَكْثِيرَ الْفَائِدَةِ إنَّمَا هُوَ بِوَاسِطَةِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الثُّبُوتِ لِلْمَنْطُوقِ وَالنَّفْيِ عَمَّا عَدَاهُ فَمَتَى لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى الثُّبُوتِ لِلْمَنْطُوقِ لَا غَيْرُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَكْثِيرُهَا، وَهَذَا دَوْرٌ ظَاهِرٌ.

(وَلَيْسَ) هَذَا النَّقْضُ (بِشَيْءٍ) قَادِحٍ فِي صِحَّةِ الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ (لِظُهُورِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ الدَّلَالَةُ) أَيْ دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ (وَتَعَقُّلُهَا) أَيْ تَعَقُّلُ الْوَاضِعِ كَثْرَةَ الْفَائِدَةِ (وَاقِعَةٌ) فِي وَضْعِ اللَّفْظِ لِلنَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ مَعَ الثُّبُوتِ لِلْمَذْكُورِ ثُمَّ وَضْعُهُ لِذَلِكَ لَا حُصُولُ كَثْرَةِ الْفَائِدَةِ الْمُسَبَّبِ عَنْ الْوَضْعِ الْمَذْكُورِ (وَتَحَقُّقُهَا) أَيْ: وَحُصُولُ كَثْرَةِ الْفَائِدَةِ فِي الْخَارِجِ (وَهُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الدَّلَالَةِ الَّتِي هِيَ فَرْعُ الْوَضْعِ الْمَذْكُورِ فَلَا دَوْرَ لِاخْتِلَافِ جِهَتَيْ التَّوَقُّفِ (بَلْ الْجَوَابُ) عَنْ النَّقْضِ الْمَذْكُورِ (مَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إثْبَاتُ اللُّغَةِ بِالْفَائِدَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ (وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَسْكُوتُ مُخَالِفًا لَزِمَ حُصُولُ الطَّهَارَةِ قَبْلَ السَّبْعِ فِي طُهُورِ إنَاءِ أَحَدِكُمْ) أَيْ وَمِنْ أَدِلَّةِ مُثْبِتِيهِ الْمُزَيَّفَةِ عَلَى مَفْهُومِ الْعَدَدِ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَسْكُوتُ مُخَالِفًا لِلْمَذْكُورِ فِي حُكْمِهِ لَلَزِمَ حُصُولُ طَهَارَةِ الْإِنَاءِ الَّذِي وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُغْسَلَ سَبْعًا فِيمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرْفُوعًا «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» (وَالتَّحْرِيمُ) أَيْ وَحُصُولُ تَحْرِيمِ نِكَاحِ الشَّخْصِ مَنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ مُوجِبٌ مِنْ مُوجِبَاتِ التَّحْرِيمِ عَلَيْهِ إذَا اشْتَرَكَا فِي الرَّضَاعِ فِي مُدَّتِهِ (قَبْلَ الْخَمْسِ فِي خَمْسِ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمْنَ) أَيْ قَبْلَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ فِيمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا عَلَيْهَا كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ فِيمَا نَقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ.

وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ فَيَكُونُ الثَّابِتُ الْإِثْبَاتَ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا (وَيَلْزَمُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ) حِينَئِذٍ فِي كِلَيْهِمَا لِحُصُولِ كُلٍّ مِنْ الطَّهَارَةِ وَالتَّحْرِيمِ قَبْلَ السَّبْعِ وَالْخَمْسِ، وَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ، فَإِثْبَاتُ السَّبْعِ الطَّهَارَةَ وَالْخَمْسِ التَّحْرِيمَ كَذَلِكَ وَهُوَ يُنَاقِضُ النَّصَّ الْمُفِيدَ لِكُلٍّ مِنْ إثْبَاتِ السَّبْعِ الطَّهَارَةَ وَالْخَمْسِ التَّحْرِيمَ (وَالْجَوَابُ مَنْعُ الْمُلَازَمَةِ) أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدُلَّ اللَّفْظُ عَلَى النَّفْيِ عَنْ الْمَسْكُوتِ لَزِمَ حُصُولُ الطَّهَارَةِ وَالتَّحْرِيمِ قَبْلَ السَّبْعِ وَالْخَمْسِ فِيهِمَا (بَلْ اللَّازِمُ) فِيهِمَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ (عَدَمُ الدَّلَالَةِ عَلَى نَفْيِ الطَّهَارَةِ وَالتَّحْرِيمِ) قَبْلَ وُجُودِ السَّبْعِ وَالْخَمْسِ (وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مَا ذُكِرَ) مِنْ التَّحْرِيمِ قَبْلَ الْخَمْسِ (لَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَصْلُ) فِيمَنْ قَامَ بِهِ هَذَا الْأَثَرُ (عَدَمَ التَّحْرِيمِ) لَكِنْ الْفَرْضُ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ عَدَمُ التَّحْرِيمِ (فَيَبْقَى) هَذَا الْأَصْلُ فِيهِ مُسْتَمِرًّا (إلَى وُجُودِ مَا عُلِّقَ بِهِ) وَهُوَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ (ضِدُّهُ) وَهُوَ التَّحْرِيمُ (وَكَذَا صَارَتْ النَّجَاسَةُ مُتَقَرِّرَةً بِالدَّلِيلِ فَيَبْقَى كَذَلِكَ) أَيْ إنَّمَا يَلْزَمُ طَهَارَةُ الْإِنَاءِ قَبْلَ السَّبْعِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَصْلُ الْمُتَقَرِّرُ لَهُ بَعْدَ الْوُلُوغِ فِيهِ النَّجَاسَةَ بِدَلِيلِهَا، وَهُوَ الْعِلْمُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْوُلُوغِ الطَّهَارَةَ لَكِنْ الْأَصْلُ الْمُتَقَرِّرُ لَهُ إنَّمَا هُوَ ذَلِكَ فَتَبْقَى النَّجَاسَةُ مُسْتَمِرَّةً إلَى وُجُودِ مَا عُلِّقَ بِهِ، وَهُوَ الْغَسْلُ سَبْعًا ضِدُّهَا، وَهُوَ الطَّهَارَةُ هَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّافِعِيَّةِ.

(وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَالتَّحْرِيمُ) بِالرَّضَاعِ لَا يَتَوَقَّفُ عِنْدَهُمْ عَلَى خَمْسٍ بَلْ يَثْبُتُ (بِقَلِيلِهِ، وَالطَّهَارَةُ قَبْلَهُ) أَيْ طَهَارَةُ الْإِنَاءِ الَّذِي وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى السَّبْعِ بَلْ تَثْبُتُ قَبْلَ السَّبْعِ (بِالثَّلَاثِ) عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي إشَارَتِهِ وَهُوَ أَيْضًا مُقْتَضَى نَقْلِ بَعْضِهِمْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وُجُوبَهَا، وَاسْتِحْبَابُ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَهَا وَبِغَلَبَةِ ظَنِّ زَوَالِهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْوَبَرِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا تَوْقِيتَ فِي غَسْلِهَا بَلْ الْعِبْرَةُ فِيهِ لِأَكْبَرِ الرَّأْيِ وَلَوْ مَرَّةً وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضُهُمْ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ (وَهُمَا) أَيْ تَوَقُّفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>