للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَضْمُونِهَا وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا مَا قَدَّمْنَاهُ (فَاللَّازِمُ حَقٌّ) أَيْ جَوَابُهُمْ عَنْ هَذَيْنِ الدَّلِيلَيْنِ أَنَّ حُصُولَ الطَّهَارَةِ قَبْلَ السَّبْعِ بِالثَّلَاثِ أَوْ بِغَلَبَةِ ظَنِّ زَوَالِهَا وَالتَّحْرِيمُ قَبْلَ وُجُودِ خَمْسِ رَضَعَاتٍ حَقٌّ (فَيَسْقُطَانِ) أَيْ الدَّلِيلَانِ الْمَذْكُورَانِ

(تَنْبِيهٌ) وَلَوْ حُوِّلَ الِاسْتِدْلَال الْمَذْكُورُ فِي السَّبْعِ إلَى الثَّلَاثِ بَعْدَ الْقَوْلِ بِلُزُومِهَا عِنْدَ مَشَايِخِنَا لِيَتِمَّ عَلَى قَوْلِهِمْ فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِثْلُ مَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ فِي السَّبْعِ وَتَقْرِيرُهُ ظَاهِرٌ مِمَّا بَيَّنَّاهُ ثُمَّ غَيْرُ خَافٍ أَنَّ هَذَيْنِ الدَّلِيلَيْنِ بَعْدَ مَا فِيهِمَا إنَّمَا يَتَمَشَّيَانِ عَلَى قَوْلِ الْقَائِلِ بِأَنَّ دَلِيلَ الْمَفْهُومِ الشَّرْعُ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ الْأَكْثَرِ ثُمَّ قَدْ كَانَ الْأَحْسَنُ ذِكْرَهُمَا وَلَاءَ قَوْلِهِ وَمَا رُوِيَ لَأَزِيدَنَّ عَلَى سَبْعِينَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّهَا أَدِلَّةٌ عَلَى مَفْهُومِ الْعَدَدِ

(وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ) مِنْ الْحُجَّةِ (فِي نَفْيِ الْمَفْهُومِ) أَيْ فِي عَدَمِ الْقَوْلِ بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (عَدَمُ مَا يُوجِبُهُ) أَيْ الْقَوْلَ بِهِ (إذْ عُلِمَ أَنَّ الْأَوْجُهَ) الْمَذْكُورَةَ لِإِثْبَاتِهِ (لَمْ تُفِدْهُ) أَيْ إثْبَاتَهُ (وَأَيْضًا الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْمُصَيِّرَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْقَوْلِ بِهِ إنَّمَا هُوَ (عِنْدَ عَدَمِ فَائِدَةٍ أُخْرَى) سِوَاهُ لِتَخْصِيصِ ذَلِكَ بِالذِّكْرِ (وَهِيَ لَازِمَةٌ) أَيْ لَكِنْ الْفَائِدَةُ الَّتِي لَيْسَتْ إيَّاهُ لَازِمَةٌ لَهُ أَبَدًا فِي كُلِّ صُورَةٍ (إذْ ثَوَابُ الِاجْتِهَادِ لِلْإِلْحَاقِ) أَيْ لِإِلْحَاقِ الْمَسْكُوتِ بِالْمَذْكُورِ فِي حُكْمِهِ بِجَامِعٍ بَيْنَهُمَا إنْ أَمْكَنَ (فَائِدَةٌ لَازِمَةٌ) لَهُ كَمَا ذَكَرْنَا فَحِينَئِذٍ لَا تَحَقُّقَ لَهُ أَصْلًا كَمَا سَلَفَ (وَالدَّفْعُ) لِهَذَا (بِأَنَّ شَرْطَهُ) أَيْ الْقَوْلِ بِالْمَفْهُومِ (عَدَمُ الْمُسَاوَاةِ) وَالرُّجْحَانُ فِي الْمَنَاطِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا تَقَدَّمَ مَعَ ظُهُورِهِ (فَعِنْدَهَا) أَيْ الْمُسَاوَاةِ أَوْ الرُّجْحَانِ ذَلِكَ الْمَحَلُّ (غَيْرُ) مَحَلِّ (النِّزَاعِ) كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (لَيْسَ بِشَيْءٍ) يَقْوَى عَلَى دَفْعِهِ (لِأَنَّ فَائِدَةَ الثَّوَابِ) أَيْ الْفَائِدَةَ الَّتِي هِيَ الثَّوَابُ (تَلْزَمُ الِاجْتِهَادَ) السَّائِغَ مُطْلَقًا كَمَا عُرِفَ (أَوْصَلَ) الِاجْتِهَادُ الْمُجْتَهِدَ (إلَى ظَنِّ الْمُسَاوَاةِ) أَيْ مُسَاوَاةِ الْمَسْكُوتِ فِي الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ فِي الْمَذْكُورِ فَيَثْبُتُ ذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمَسْكُوتِ أَيْضًا (أَوْ) أَوْصَلَهُ (إلَى عَدَمِهَا) أَيْ الْمُسَاوَاةِ الْمَذْكُورَةِ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يُوصِلْهُ إلَى أَحَدِهِمَا (ثُمَّ يَنْتَفِي الْحُكْمُ) لِلْمَذْكُورِ عَنْ الْمَسْكُوتِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ (بِالْأَصْلِ) وَإِنَّمَا غَايَتُهُ أَنَّ الْمُصِيبَ أَكْثَرُ أَجْرًا ثُمَّ لَمَّا كَانَ هُنَا مَظِنَّةَ أَنْ يُقَالَ: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الِاجْتِهَادُ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ التَّخْصِيصِ وَعَدَمُ مُسَاوَاةِ الْمَسْكُوتِ لِلْمَذْكُورِ فِي الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِحُكْمِهِ قَدْ يَكُونُ مَعْلُومًا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَيَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ؛ إذْ لَا قِيَاسَ مَعَ انْتِفَائِهَا، قَدَّرَهُ مُجِيبًا عَنْهُ بِقَوْلِهِ:

(وَعَدَمُ الْمُسَاوَاةِ لَيْسَ لَازِمًا بَيِّنًا لِكُلِّ تَخْصِيصٍ لِيَمْتَنِعَ الِاجْتِهَادُ لِاسْتِكْشَافِ حَالِ الْمَسْكُوتِ) لِظُهُورِ عَدَمِهَا لِسَامِعِهِ بِبَادِئِ الرَّأْيِ فَيَكُونُ حَالُ الْمَسْكُوتِ مَكْشُوفًا بِدُونِ الِاجْتِهَادِ حِينَئِذٍ لَكِنْ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِي تَسْلِيمِ كَوْنِ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ لَيْسَ لَازِمًا بَيِّنًا لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ التَّخْصِيصِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ تَأَمُّلًا ثُمَّ هَذَا مَا تَقَدَّمَ الْوَعْدُ بِهِ بِقَوْلِهِ وَسَيُدْفَعُ (وَلَهُمْ) أَيْ وَلِلْحَنَفِيَّةِ كَأَنَّهُمْ ذَكَرُوا بِذِكْرِ نَفْيِ الْمَفْهُومِ إذْ هُوَ يَسْتَلْزِمُ النَّافِيَ (غَيْرُهُ) أَيْ هَذَا الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ (أَدِلَّةٌ مَنْظُورٌ فِيهَا) غَالِبُهَا فِي الْحَقِيقَةِ اعْتِرَاضَاتٌ (مِنْهَا انْتِفَاؤُهُ) أَيْ الْمَفْهُومِ (فِي الْخَبَرِ نَحْوِ فِي الشَّامِ غَنَمٌ سَائِمَةٌ) فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمَعْلُوفَةِ فِيهَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ قَطْعًا (مَعَ عُمُومِ أَوْجُهِ الْإِثْبَاتِ) لَهُ فِي الْخَبَرِ كَمَا فِي الْإِنْشَاءِ فَإِنَّهَا مُتَوَاطِئَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُلْجِئَ لِلْقَوْلِ بِهِ لُزُومُ عَدَمِ الْفَائِدَةِ لِلتَّخْصِيصِ لَوْلَاهُ، وَهَذَا قَائِمٌ فِي الْخَبَرِ كَمَا فِي الْإِنْشَاءِ فَحَيْثُ انْتَفَى فِي الْخَبَرِ انْتَفَى فِي الْإِنْشَاءِ فَانْتَفَى أَصْلًا.

(وَأُجِيبَ) بِوَجْهَيْنِ (بِالْتِزَامِهِ) أَيْ الْمَفْهُومِ فِي الْخَبَرِ أَيْضًا (إلَّا لِدَلِيلٍ) خَارِجِيٍّ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إرَادَتِهِ فِيهِ (وَمِنْهُ) أَيْ: وَمِنْ الْخَبَرِ الَّذِي دَلَّ الدَّلِيلُ الْخَارِجِيُّ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْمَفْهُومِ فِيهِ (الْمِثَالُ) الْمَذْكُورُ فَإِنَّ الْعِلْمَ مُحِيطٌ بِوُجُودِ الْمَعْلُوفَةِ فِي الشَّامِ (وَبِالْفَرْقِ) بَيْنَ الْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرِ (بِأَنَّ كَوْنَ الْمَسْكُوتِ فِي الْخَبَرِ غَيْرُ مُخْبَرٍ عَنْهُ) كَمَا هُوَ الْحَالُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْقَوْلِ بِالْمَفْهُومِ فِيهِ (لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) لِلْمَسْكُوتِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْإِخْبَارِ عَنْ الشَّيْءِ عَدَمُهُ فِي الْخَارِجِ لِجَوَازِ أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ مَا لَمْ يُخْبَرْ عَنْهُ قَطُّ (بِخِلَافِ الْأَمْرِ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْإِنْشَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>