للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَتَّى يُقْتَلَ، وَلَا يَسْتَأْسِرَ. وَإِنْ اسْتَأْسَرَ جَازَ. لِقِصَّةِ خُبَيْبٍ وَأَصْحَابِهِ، وَيَأْتِي كَلَامُ الْآجُرِّيِّ قَرِيبًا. قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِمْ الظَّفَرُ. فَلَيْسَ لَهُمْ الْفِرَارُ. وَلَوْ زَادُوا عَلَى أَضْعَافِهِمْ) . وَظَاهِرُهُ: وُجُوبُ الثَّبَاتِ عَلَيْهِمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْوَجِيزِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشِّيرَازِيِّ. فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا كَانَ الْعَدُوُّ أَكْثَرَ مِنْ مِثْلَيْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُطِيقُوا قِتَالَهُمْ: لَمْ يَعْصِ مَنْ انْهَزَمَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ الثَّبَاتُ، بَلْ يُسْتَحَبُّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ الْأَصْحَابِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا: وَهُوَ قَوْلُ مَنْ عَلِمْنَا مِنْ الْأَصْحَابِ.

فَائِدَةٌ: لَوْ ظَنُّوا الْهَلَاكَ فِي الْفِرَارِ، وَفِي الثَّبَاتِ. فَالْأَوْلَى لَهُمْ: الْقِتَالُ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْهِدَايَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ الْمُخْتَارُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ: يَلْزَمُ الْقِتَالُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ. قُلْت: وَهُوَ أَوْلَى. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَسْتَأْسِرَ. يُقَاتِلُ أَحَبُّ إلَيَّ. الْأَسْرُ شَدِيدٌ. وَلَا بُدَّ مِنْ الْمَوْتِ. وَقَدْ قَالَ عَمَّارٌ " مَنْ اسْتَأْسَرَ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ " فَلِهَذَا قَالَ الْآجُرِّيُّ: يَأْثَمُ بِذَلِكَ. فَإِنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّهُ يُسَنُّ انْغِمَاسُهُ فِي الْعَدُوِّ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِلَّا نُهِيَ عَنْهُ. وَهُوَ مِنْ التَّهْلُكَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أُلْقِيَ فِي مَرْكَبِهِمْ نَارٌ فَعَلُوا مَا يَرَوْنَ السَّلَامَةَ فِيهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>