وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ عَنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْخِيَارُ. فَعَلَيْهَا يَكُونُ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ.
وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ حَكَى أَنَّ الْمِلْكَ يَخْرُجُ عَنْ الْبَائِعِ وَلَا يَدْخُلُ إلَى الْمُشْتَرِي. قَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ.
فَائِدَةٌ:
حُكْمُ انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ حُكْمُ انْتِقَالِهِ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ. خِلَافًا وَمَذْهَبًا.
تَنْبِيهٌ:
لِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ. ذَكَرَهَا الْعَلَّامَةُ ابْنُ رَجَبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوَاعِدِهِ، وَغَيْرُهُ.
مِنْهَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، أَوْ زَوْجَتَهُ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُعْتَقُ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا. وَعَلَى الثَّانِيَةِ: لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ، فَبَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ: خَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ. قَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. وَقَالَ: ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَأَنْكَرَ الْمَجْدُ ذَلِكَ، وَقَالَ: يَحْنَثُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَأَمَّا لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ: فَلَا يَثْبُتُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، عَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ، عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ.
فَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَ بِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَسْتَقِرَّ بَعْدُ. وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَ بِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ يُسْقِطُ حَقَّ الْبَائِعِ مِنْ الْخِيَارِ. فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ الْمُطَالَبَةُ بِهِ فِي مُدَّتِهِ. وَهُوَ تَعْلِيلُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ.
فَعَلَى هَذَا: لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ احْتِمَالَانِ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ مُطْلَقًا، إذَا قُلْنَا بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: تَفْرِيعًا عَلَى الْمَذْهَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute