للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْهَبُ إمَامِهِ وُجُوبَ تَجْدِيدِ الِاجْتِهَادِ عِنْدَ نِسْبَةِ بَعْضِهَا إلَيْهِ مَذْهَبًا لَهُ: يَنْظُرُ، فَإِنْ قِيلَ: رُبَّمَا لَا يَكُونُ مَذْهَبُ أَحَدٍ الْقَوْلُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَضْلًا عَنْ الْإِمَامِ، قُلْنَا: نَحْنُ لَمْ نَجْزِمْ بِحُكْمٍ فِيهَا، بَلْ رَدَّدْنَاهُ، وَقُلْنَا: إنْ كَانَ كَذَا: لَزِمَ مِنْهُ كَذَا، وَيَكْفِي فِي إيقَافِ إقْدَامِ هَؤُلَاءِ تَكْلِيفُهُمْ نَقْلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَنْ الْإِمَامِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَكَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ قَدْ ذَهَبَ إلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ.

وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ بَيَانِهِ، وَإِنَّمَا يُقَابِلُونَ هَذَا التَّحْقِيقَ بِكَثْرَةِ نَقْلِ الرِّوَايَاتِ، وَالْأَوْجُهِ، وَالِاحْتِمَالَاتِ، وَالتَّهَجُّمِ عَلَى التَّخْرِيجِ وَالتَّفْرِيعِ، حَتَّى لَقَدْ صَارَ هَذَا عِنْدَهُمْ عَادَةً وَفَضِيلَةً، فَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةٍ، فَالْتَزَمُوا لِلْحَمِيَّةِ نَقْلَ مَا لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ، لِمَا عَلِمْته آنِفًا، ثُمَّ لَقَدْ عَمَّ أَكْثَرَهُمْ بَلْ كُلَّهُمْ نَقْلُ أَقَاوِيلَ يَجِبُ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا فِي نَظَرِهِمْ، بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ قَوْلًا ثَالِثًا وَهُوَ بَاطِلٌ عِنْدَهُمْ، أَوْ لِأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ فِي سَنَدِهَا عَنْ قَائِلِهَا، وَخَرَّجُوا مَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلٍ ثَالِثٍ، بِنَاءً عَلَى مَا يَظْهَرُ لَهُمْ مِنْ الدَّلِيلِ، فَمَا هَؤُلَاءِ بِمُقَلِّدِينَ حِينَئِذٍ، وَقَدْ يَحْكِي أَحَدُهُمْ فِي كِتَابِهِ أَشْيَاءَ، يَتَوَهَّمُ الْمُسْتَرْشِدُ: أَنَّهَا إمَّا مَأْخُوذَةٌ مِنْ نُصُوصِ الْإِمَامِ، أَوْ مِمَّا اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى نِسْبَتِهَا إلَى الْإِمَامِ مَذْهَبًا لَهُ، وَلَا يَذْكُرُ الْحَاكِي لَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا أَنَّهُ اخْتِيَارٌ لَهُ، وَلَعَلَّهُ يَكُونُ قَدْ اسْتَنْبَطَهُ أَوْ رَآهُ وَجْهًا لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ أَوْ احْتِمَالًا، فَهَذَا أَشْبَهَ التَّدْلِيسَ، فَإِنْ قَصَدَهُ فَشِبْهُ الْمَيْنِ، وَإِنْ وَقَعَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا، فَهُوَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْبَلَادَةِ وَالشَّيْنِ.

كَمَا قِيلَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>