للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي فَتِلْكَ مُصِيبَةٌ ... وَإِنْ كُنْتَ تَدْرِي فَالْمُصِيبَةُ أَعْظَمُ

وَقَدْ يَحْكُونَ فِي كُتُبِهِمْ مَا لَا يَعْتَقِدُونَ صِحَّتَهُ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ الْعَمَلُ بِهِ، وَيُرْهِقُهُمْ إلَى ذَلِكَ: تَكْثِيرُ الْأَقَاوِيلِ؛ لِأَنَّ مَنْ يَحْكِي عَنْ الْإِمَامِ أَقْوَالًا مُتَنَاقِضَةً، أَوْ يُخَرِّجُ خِلَافَ الْمَنْقُولِ عَنْ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْجَمْعِ، بَلْ إمَّا التَّخْيِيرُ، أَوْ الْوَقْفُ، أَوْ الْبَدَلُ، أَوْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهٍ يَلْزَمُ عَنْهُ قَوْلٌ وَاحِدٌ بِاعْتِبَارِ حَالَيْنِ، أَوْ مَحَلَّيْنِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ: حُكْمُهُ خِلَافُ هَذِهِ الْحِكَايَةِ عِنْدَ تَعَرِّيهَا عَنْ قَرِينَةٍ مُفِيدَةٍ لِذَلِكَ، وَالْغَرَضُ كَذَلِكَ، وَقَدْ يَشْرَحُ أَحَدُهُمْ كِتَابًا، وَيَجْعَلُ مَا يَقُولُهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ الْمَشْرُوحِ رِوَايَةً، أَوْ وَجْهًا، أَوْ اخْتِيَارًا لِصَاحِبِ الْكِتَابِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ أَنَّهُ ظَاهِرٌ الْمَذْهَبِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا إجْمَالٌ، أَوْ إهْمَالٌ، وَقَدْ يَقُولُ أَحَدُهُمْ " الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ " أَوْ " ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَذَا " وَلَا يَقُولُ " وَعِنْدِي " وَيَقُولُ غَيْرُهُ خِلَافَ ذَلِكَ، فَلِمَنْ يُقَلِّدُ الْعَامِّيُّ إذًا؟ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَعْمَلُ بِمَا يَرَى، فَالتَّقْيِيدُ إذًا لَيْسَ لِلْإِمَامِ، بَلْ لِلْأَصْحَابِ فِي أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ، ثُمَّ إنَّ أَكْثَرَ الْمُصَنِّفِينَ وَالْحَاكِينَ قَدْ يَفْهَمُونَ مَعْنًى، وَيُعَبِّرُونَ عَنْهُ بِلَفْظٍ يَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُ وَافٍ بِالْغَرَضِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِذَا نَظَرَ أَحَدٌ فِيهِ وَفِي قَوْلِ مَنْ أَتَى بِلَفْظٍ وَافٍ بِالْغَرَضِ رُبَّمَا يَتَوَهَّمُ أَنَّهَا مَسْأَلَةُ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ يَفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مَعْنًى قَدْ يَكُونُ عَلَى وَفْقِ مُرَادِ الْمُصَنِّفِ لِلَّفْظِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ، فَيُحْصَرُ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي لَفْظٍ وَجِيزٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>