أَبُو شُرَيْحٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَمِينِهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ الْحَقَّ ثُمَّ يَرُدَّهُ إلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: رَعْيُ الْمَقْصِدِ يُوجِبُ بِرَّهُ بِذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ: حَمَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ وَلَمْ يُرَاعِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا الْمَعْنَى الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْحَالِفَ قَصَدَ إلَيْهِ فِي يَمِينِهِ.
(لَا إنْ جُنَّ وَدَفَعَ الْحَاكِمُ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ فَقَوْلَانِ) . ابْنُ عَرَفَةَ: فِي الْحِنْثِ بِتَعَذُّرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِجُنُونِ الْحَالِفِ خِلَافٌ. وَمِنْ ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَوْ حَلَفَ لَأَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى أَجَلٍ فَجُنَّ الْحَالِفُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقْضِي عَنْهُ وَيَبَرُّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ حِينَئِذٍ لَمْ يَلْزَمْهُ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: هُوَ حَانِثٌ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ.
(وَبِعَدَمِ قَضَاءٍ فِي غَدٍ فِي لَأَقْضِيَنَّكَ غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ هُوَ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَإِذَا هُوَ يَوْمُ الْخَمِيسِ قَالَ: إنْ لَمْ يَقْضِهِ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمَ الْخَمِيسِ حَنِثَ لِأَنَّ يَمِينَهُ كَانَتْ عَلَى الْخَمِيسِ حِينَ قَالَ: غَدًا فَكَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى غَدٍ. قِيلَ لَهُ: فَإِنْ قَالَ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَدًا فَإِذَا هُوَ يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ قَالَ: هَذَا ضَلَالٌ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ إذَا قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ. وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ كُلَّهُ وَاحِدًا. ابْنُ رُشْدٍ: يَدُلُّ قَوْلُهُ: " وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ " إلَى آخِرِهِ عَلَى أَنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ. وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَيْضًا قَوْلُهُ: " هَذَا ضَلَالٌ " لِأَنَّهُ يُعْرَفُ مِنْ مَذْهَبِهِ الطَّعْنُ عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَكَثِيرًا مَا يَمِيلُ إلَى مَذْهَبِهِمْ فِي مَسَائِلِهِ وَيُرَاعِي أَقْوَالَهُمْ. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صَحِيحٌ. وَانْظُرْ قَبْلَ قَوْلِهِ: " وَبِدَوَامِ رُكُوبِهِ ".
(لَا إنْ قَضَى قَبْلَهُ بِخِلَافِ لَآكُلَنَّهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ غَدًا فَقَضَاهُ الْيَوْمَ فَقَدْ بَرَّ، وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ غَدًا فَأَكَلَهُ الْيَوْمَ حَنِثَ إذْ الطَّعَامُ قَدْ يَخُصُّ بِهِ الْيَوْمَ، وَالْغَرِيمُ إنَّمَا الْقَصْدُ فِيهِ الْقَضَاءُ. قَالَ أَشْهَبُ: إنْ سُئِلَ فِي أَكْلِهِ الْيَوْمَ فَقَالَ: دَعَوْنِي الْيَوْمَ فَأَنَا وَاَللَّهِ آكُلُهُ غَدًا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إذَا أَكَلَهُ الْيَوْمَ لِأَنَّ قَصْدَهُ الْأَكْلُ لَا تَعْيِينُ الْيَوْمِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ حَنِثَ.
(وَلَا إنْ بَاعَهُ بِهِ عَرْضًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَنَانِيرَك وَلَمْ يَقُلْ حَقَّك فَذَلِكَ سَوَاءٌ وَيَبَرُّ إنْ دَفَعَ إلَيْك عَرْضًا سِوَى دَنَانِيرِك إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَلَمْ تَكُنْ عَلَى أَعْيَانِ الدَّنَانِيرِ، وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى أَعْيَانِ الدَّنَانِيرِ لَمْ يَبَرَّ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute