وَتَخْفِيفُهُ جَارٍ عَلَى الْخِيَارِ الْحُكْمِيِّ اهـ. اُنْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا أَبْضَعَ الرَّجُلُ بِدَنَانِيرَ مَعَ رَجُلٍ وَأَبْضَعَ آخَرُ مَعَهُ بِدَرَاهِمَ يَشْتَرِي لَهُمَا حَاجَتَهُمَا، لَا بَأْسَ أَنْ يَصْرِفَ الدَّنَانِيرَ بِالدَّرَاهِمِ بِصَرْفِ النَّاسِ. وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لِمَنْ وُكِّلَ عَلَى الصَّرْفِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ نَفْسِهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ: وَلَا بَأْسَ بِهَذَا إذْ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ فَلَا تُشَدِّدُوا عَلَى النَّاسِ هَكَذَا جَرَى فَلَيْسَ كَمَا تُشَدِّدُونَ، وَالْخِلَافُ فِي هَذَا هُوَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ خِيَارٌ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَيْهِ الصَّرْفُ وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ الْحُكْمُ. اُنْظُرْ الْقَبَّابَ (بِسُدُسٍ سُدُسٍ) ابْنُ شَاسٍ: أَبْلَغُ مَا اُعْتُبِرَ مِنْ النَّقْصِ سُدُسُ دِينَارٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَزَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ تَحْدِيدًا بَلْ فَرْضًا وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَبْدَلَ لَك ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ تَنْقُصُ سُدُسًا سُدُسًا بِوَازِنَةٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ جَازَ. وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ التَّحْدِيدَ بِالسُّدُسِ لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَالصَّقَلِّيِّ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَدَلُ الطَّعَامِ الْمَعْفُونِ بِالصَّحِيحِ السَّالِمِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَمَنَعَ ذَلِكَ أَشْهَبُ كَالدَّنَانِيرِ إذَا نَقَصَتْ كَثِيرًا. ابْنُ عَرَفَةَ: فَظَاهِرُهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَنْعِهِ فِي الدَّنَانِيرِ الْكَثِيرَةِ النَّقْصِ وَلَمْ يَحُدَّ فِيهِ حَدًّا وَهُوَ اخْتِيَارُ مَنْ لَقِينَاهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute