فَأَعَارَنِي طَالِبٌ بَيْتًا فِي مَدْرَسَةِ شَيْخُونٍ وَأَعَارَنِي آخَرُ أُخْرَى فِي الْمَدْرَسَةِ المُسْتَنْصِرِيَّة حَالَةَ الرَّجْعَةِ فَاعْتَرَضُوا عَلَيَّ بِمَا كُنْت أَفْتَيْتُ، فَأَجَبْتُ بِأَنِّي مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ لَكِنْ سَبَقَنِي فِيهِ غَيْرِي فَإِذَا طَابَتْ نَفْسُهُ زَمَنًا مَا بِرَفْعِ يَدِهِ أَوْ مُطْلَقًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَقَوَّيْته بِمَا أَجَابَنِي بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي التَّطَهُّرِ فِي مَطَاهِرِ الْمَدَارِسِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْحَبْسِ فَيَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: يَجُوزُ لِسَاكِنِ الْمَدَارِسِ إنْزَالُ الضَّيْفِ الْمُدَّةَ الْيَسِيرَةَ بِخِلَافِ الْمُدَّةِ الْكَثِيرَةِ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا يُبَاحُ لِذِي الْفِنَاءِ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي دَارِهِ، فَإِنْ فَعَلَ وَهُوَ يَضُرُّ بِالطَّرِيقِ هُدِمَ عَلَيْهِ وَرُدَّ كَمَا كَانَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ فَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ: يُهْدَمُ كَذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَصْبَغَ: إذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَحْمُوهُ فَابْتَنَى مِنْهُمْ مُبْتَنٍ وَأَدْخَلَهُ فِي بُنْيَانِهِ لَمْ يُمْنَعْ إنْ كَانَ الطَّرِيقُ وَرَاءَهُ وَاسِعًا وَأَكْرَهُهُ ابْتِدَاءً، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ أَحْكُمْ عَلَيْهِ بِزَوَالِهِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلَ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْقَائِلُونَ بِالْهَدْمِ أَكْثَرُ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْهَدْمِ أَظْهَرُ، وَأَفْتَى بِالْأَوَّلِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ، وَأَفْتَى بِعَدَمِ الْهَدْمِ ابْنُ لُبَابَةَ وَغَيْرُهُ.
(وَبِجُلُوسِ بَاعَةٍ بِأَفْنِيَةِ الدُّورِ لِلْبَيْعِ إنْ خَفَّ) تَقَدَّمَ أَوَّلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute