للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ لَجَازَ وَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ. وَإِنْ قَالَ: اعْصِرْ زَيْتُونِي أَوْ جُلْجُلَانِي فَمَا عَصَرْت فَلَكَ نِصْفُهُ لَمْ يَجُزْ إذْ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَخْرُجُ وَإِذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّرْكِ إذَا شَرَعَ، وَلَيْسَ هَكَذَا الْجُعْلُ وَالْحَصَادُ يَدْعُهُ مَتَى شَاءَ إذَا قَالَ فَمَا حَصَدْت مِنْ شَيْءٍ فَلَكَ نِصْفُهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: " اُحْصُدْهُ وَلَكَ نِصْفُهُ " فَتِلْكَ أُجْرَةٌ لَازِمَةٌ. وَإِنْ قَالَ: اُحْصُدْهُ وَادْرُسْهُ وَلَكَ نِصْفُهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَبِّ فَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ يَخْرُجُ وَلَا كَيْفَ يَخْرُجُ، وَلِأَنَّكَ بِعْتَهُ زَرْعًا جُزَافًا قَدْ يَبِسَ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ حَصَادَهُ وَدَرْسَهُ وَذَرْيَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى حَبًّا جُزَافًا لَمْ يُعَايِنْ جُمْلَتَهُ. وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ لِكُلِّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْكَيْلِ وَهُوَ يَصِلُ إلَى صِفَةِ الْقَمْحِ بِفَرْكِ سُنْبُلِهِ.

وَإِنْ تَأَخَّرَ فِي دَرْسِهِ إلَى نِصْفِ شَهْرٍ فَهُوَ قَرِيبٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَحِنْطَةٍ فِي بَيْتِكَ، تِلْكَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ صِفَةٍ أَوْ عِيَانٍ، وَهَذَا مُعَيَّنٌ. اُنْظُرْ قَوْلَهُ: " فَمَا لَقَطْتَ فَرَضَهَا " ابْنُ رُشْدٍ قَالَ: لِكَوْنِ أَوَّلِهَا أَسْهَلَ مِنْ آخِرِهَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَتْ الْإِجَارَةُ بِهِ إلَّا مَا جَدَدْت مِنْ نَخْلِي فَلَكَ نِصْفُهُ وَمَا قَبَضْت مِنْ دَيْنِي فَلَكَ نِصْفُهُ وَمَا حَصَدْت مِنْ زَرْعِي فَلَكَ نِصْفُهُ، فَذَكَرَ هَذَا مُسَلَّمًا ثُمَّ رَدَّدَ النَّظَرَ فِي مَسْأَلَةِ اللَّقْطِ ثَالِثِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ. (كَاحْصُدْ وَادْرُسْ وَلَكَ نِصْفُهُ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ قَوْلَهُ: " اُحْصُدْهُ وَلَكَ نِصْفُهُ جَائِزٌ ". فَإِنْ قَالَ: اُحْصُدْهُ وَادْرُسْهُ وَلَكَ نِصْفُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ.

قَالَ عِيَاضٌ: وَالْآتِي عَلَى أُصُولِهِمْ فِي: " اُحْصُدْهُ وَلَكَ نِصْفُهُ " أَنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِالْعَقْدِ قَالَ: أَلَا تَرَاهُمْ كَيْفَ جَعَلُوا مَا هَلَكَ قَبْلَ حَصَادِهِ وَبَعْدَ حَصَادِهِ مِنْ الْأَجِيرِ فَهُوَ يَحْصُدُ النِّصْفَ لَهُ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِنَفْسِهِ وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ: إنْ قَالَ مَنْ حَلَّ بَيْعُ زَرْعِهِ لِرَجُلٍ: اُحْصُدْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>