للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عُمْدَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْأَخْيَارِ،

فَإِنِّي أَرْوِيهِ عَنْ شَيْخِنَا الشَّيْخِ عَبْدِ النَّبِيِّ الْخَلِيلِيِّ، عَنْ الْمُصَنِّفِ عَنْ ابْنِ نُجَيْمٍ الْمِصْرِيِّ

ــ

[رد المحتار]

زَادَ بَعْدَ إبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ ابْنَ خَلِيلِ بْنِ تُمُرْتَاشِيٍّ. قَالَ الْمُحِبِّيُّ: كَانَ إمَامًا كَبِيرًا حَسَنَ السَّمْتِ قَوِيَّ الْحَافِظَةِ كَثِيرَ الِاطِّلَاعِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَبْقَ مَنْ يُسَاوِيهِ فِي الرُّتْبَةِ، وَقَدْ أَلَّفَ التَّآلِيفَ الْعَجِيبَةَ الْمُتْقَنَةَ، مِنْهَا التَّنْوِيرُ وَهُوَ فِي الْفِقْهِ جَلِيلُ الْمِقْدَارِ جَمُّ الْفَائِدَةِ، دَقَّقَ فِي الْمَسَائِلِ كُلَّ التَّدْقِيقِ وَرُزِقَ فِيهِ السَّعْدُ، فَاشْتُهِرَ فِي الْآفَاقِ، وَهُوَ مِنْ أَنْفَعِ كُتُبِهِ، وَشَرَحَهُ هُوَ، وَاعْتَنَى بِشَرْحِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْعَلَّامَةُ الْحَصْكَفِيُّ مُفْتِي الشَّامِ وَالْمُنْلَا حُسَيْنُ بْنُ إسْكَنْدَرَ الرُّومِيُّ نَزِيلُ دِمَشْقَ.

وَالشَّيْخُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مُدَرِّسُ النَّاصِرِيَّةِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدٌ الْأَنْكُورِيُّ كِتَابَاتٍ فِي غَايَةِ التَّحْرِيرِ وَالنَّفْعِ، وَكَتَبَ عَنْ شَرْحِ مُؤَلِّفِهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خَيْرِ الدِّينِ الرَّمْلِيِّ حَوَاشِيَ مُفِيدَةً. وَلَهُ تَآلِيفُ لَا تُحْصَى، تُوُفِّيَ سَنَةَ (١٠٠٤) عَنْ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً (١٥٦) اهـ. قُلْت: وَمِنْ تَأْلِيفِ الْمُصَنِّفِ كِتَابُ مُعِينُ الْمُفْتِي وَالْمَنْظُومَةُ الْفِقْهِيَّةُ الْمُسَمَّاةُ تُحْفَةُ الْأَقْرَانِ وَشَرْحُهَا مَوَاهِبُ الرَّحْمَنِ وَالْفَتَاوَى الْمَشْهُورَةُ. وَشَرْحُ زَادِ الْفَقِيرِ لِابْنِ الْهُمَامِ وَشَرْحُ الْوِقَايَةِ، وَشَرْحُ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَشَرْحُ يَقُولُ الْعَبْدُ، وَشَرْحُ الْمَنَارِ وَشَرْحُ مُخْتَصَرِ الْمَنَارِ، وَشَرْحُ الْكَنْزِ إلَى كِتَابِ الْإِيمَانِ، وَحَاشِيَةٌ عَلَى الدُّرَرِ لَمْ تَتِمَّ، وَرَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا رِسَالَةٌ فِي الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ، وَفِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي دُخُولِ الْحَمَّامِ، وَفِي لَفْظِ جَوَّزْتُك بِتَقْدِيمِ الْجِيمِ. وَفِي الْقَضَاءِ، وَفِي الْكَنَائِسِ، وَفِي الْمُزَارَعَةِ، وَفِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَفِي الْكَرَاهِيَةِ، وَفِي حُرْمَةِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ. وَفِي جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْخُطْبَةِ.

وَفِي أَحْكَامِ الدُّرُوزِ وَالْأَرْفَاضِ، وَفِي مُشْكِلَاتِ مَسَائِلَ وَشَرْحِهَا، وَلَهُ رِسَالَةٌ فِي التَّصَوُّفِ وَشَرْحُهَا، وَمَنْظُومَةٌ فِيهِ، وَرِسَالَةٌ فِي عِلْمِ الصَّرْفِ. وَشَرْحِ الْقَطْرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: التُّمُرْتَاشِيِّ) نِسْبَةً إلَى تُمُرْتَاشَ. نَقَلَ صَاحِبُ مَرَاصِدِ الِاطِّلَاعِ فِي أَسْمَاءِ الْأَمَاكِنِ وَالْبِقَاعِ أَنَّ تُمُرْتَاشَ بِضَمَّتَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَتَاءٍ وَأَلِفٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى خُوَارِزْمَ. اهـ. ط. قُلْت. وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ نِسْبَةٌ إلَى جَدِّهِ تُمُرْتَاشِيٍّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: الْغَزِّيِّ) نِسْبَةً إلَى غَزَّةِ هَاشِمٍ، وَهِيَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ: بَلَدٌ بِفِلَسْطِينَ، وُلِدَ بِهَا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَمَاتَ بِهَا هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ (قَوْلُهُ: عُمْدَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ) أَيْ مُعْتَمَدِهِمْ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: الْأَخْيَارِ) جَمْعُ خَيِّرٍ بِالتَّشْدِيدِ: كَثِيرُ الْخَيْرِ

(قَوْلُهُ: فَإِنِّي أَرْوِيهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ لِشَيْخِ شَيْخِنَا إلَخْ. فَإِنَّهُ لَمَّا جَزَمَ بِنِسْبَتِهِ إلَيْهِ أَفَادَ أَنَّ ذَلِكَ وَاصِلٌ إلَيْهِ بِالسَّنَدِ. وَالضَّمِيرُ لِتَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ، وَلَكِنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ ابْنِ نُجَيْمٍ بِاعْتِبَارِ الْمَسَائِلِ الَّتِي فِيهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ صُورَتِهِ الْمُشَخَّصَةِ كَمَا أَفَادَهُ ح، أَوْ الضَّمِيرُ لِلْعِلْمِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ لَقَدْ أَضْحَتْ رَوْضَةُ هَذَا الْعِلْمِ كَمَا أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: عَنْ ابْنِ نُجَيْمٍ) هُوَ الشَّيْخُ زَيْنُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ نُجَيْمٍ وَزَيْنٌ اسْمُهُ الْعَلَمِيُّ. تَرْجَمَهُ النَّجْمُ الْغَزِّيِّ فِي الْكَوَاكِبِ السَّائِرَةِ فَقَالَ: هُوَ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ الْمُدَقِّقُ الْفَهَّامَةُ زَيْنُ الْعَابِدِينَ الْحَنَفِيُّ. أَخَذَ الْعُلُومَ عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ وَالشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ الشَّلَبِيُّ وَالشَّيْخُ أَمِينُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الْعَالِ وَأَبُو الْفَيْضِ السُّلَمِيُّ. وَأَجَازَهُ بِالْإِفْتَاءِ وَالتَّدْرِيسِ فَأَفْتَى وَدَرَّسَ فِي حَيَاةِ أَشْيَاخِهِ وَانْتَفَعَ بِهِ خَلَائِقُ. وَلَهُ عِدَّةُ مُصَنَّفَاتٍ: مِنْهَا شَرْحُ الْكَنْزِ وَالْأَشْبَاهُ وَالنَّظَائِرُ. وَصَارَ كِتَابُهُ عُمْدَةَ الْحَنَفِيَّةِ وَمَرْجِعَهُمْ. وَأَخَذَ الطَّرِيقَ عَنْ الشَّيْخِ الْعَارِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى سُلَيْمَانَ الْخُضَيْرِيِّ، وَكَانَ لَهُ ذَوْقٌ فِي حَلِّ مُشْكِلَاتِ الْقَوْمِ. قَالَ الْعَارِفُ الشَّعْرَانِيُّ: صَحِبْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ. فَمَا رَأَيْت عَلَيْهِ شَيْئًا يَشِينُهُ، وَحَجَجْت مَعَهُ فِي سَنَةِ (٩٥٣) فَرَأَيْته عَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ مَعَ جِيرَانِهِ وَغِلْمَانِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا مَعَ أَنَّ السَّفَرَ يُسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ (٩٦٩) كَمَا أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ تِلْمِيذُهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ الْعَلَمِيُّ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>