للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ نَوَى) يَعْنِي بِالصَّدْرِ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى بِطَالِقٍ وَاحِدَةً وَبِالطَّلَاقِ أُخْرَى وَقَعَتَا رَجْعَتَيْنِ لَوْ مَدْخُولًا بِهَا كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ زَيْلَعِيٌّ (وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ) لِأَنَّهُ صَرِيحُ مَصْدَرٍ لَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ (فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ) لِأَنَّهُ فَرْدٌ حُكْمِيٌّ (وَلِذَا) كَانَ (الثِّنْتَانِ فِي الْأَمَةِ) وَكَذَا فِي حَرَّةٍ تَقَدَّمَهَا وَاحِدَةٌ جَوْهَرَةٌ، لَكِنْ جَزَمَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ سَهْوٌ (بِمَنْزِلَةِ الثَّلَاثِ فِي الْحَرَّةِ) .

وَمِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي، وَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي، وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ، وَعَلَيَّ الْحَرَامُ فَيَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ لِلْعُرْفِ،

ــ

[رد المحتار]

بَعْدَهُ مَصْدَرٌ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ يَعْنِي بِالْمَصْدَرِ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ ثِنْتَيْنِ. (قَوْلُهُ وَقَعَتَا رَجْعِيَّتَيْنِ) هَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ وَيُرْوَى عَنْ الثَّانِي، وَبِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ. وَمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَبِهِ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ، وَأَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ. وَذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ الْمُرَجَّحُ فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ لَوْ مَدْخُولًا بِهَا) وَإِلَّا بِأَنْتِ بِالْأَوَّلِ فَيَلْغُو الثَّانِي (قَوْلُهُ أَوْ ثِنْتَيْنِ) أَيْ فِي الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ مَصْدَرٌ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ ثِنْتَيْنِ، يَعْنِي أَنَّ الْمَصْدَرَ مِنْ أَلْفَاظِ الْوَاحِدَانِ لَا يُرَاعَى فِيهَا الْعَدَدُ الْمَحْضُ بَلْ التَّوْحِيدُ وَهُوَ بِالْفَرْدِيَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ الْجِنْسِيَّةِ وَالْمُثَنَّى بِمَعْزِلٍ عَنْهُمَا نَهْرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فَرْدٌ حُكْمِيٌّ) لِأَنَّ الثَّلَاثَ كُلُّ الطَّلَاقِ فَهِيَ الْفَرْدُ الْكَامِلُ مِنْهُ، فَإِرَادَتُهَا لَا تَكُونُ إرَادَةَ الْعَدَدِ ط (قَوْلُهُ وَلِذَا كَانَ) أَيْ لِلْفَرْدِيَّةِ الْحُكْمِيَّةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ جَزَمَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ سَهْوٌ) حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا مَا فِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى الْحُرَّةِ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ إذَا نَوَاهُمَا يَعْنِي مَعَ الْأُولَى فَسَهْوٌ ظَاهِرٌ. اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ صَاحِبُ النَّهْرِ، بِأَنَّهُ إذَا نَوَى الثِّنْتَيْنِ مَعَ الْأُولَى فَقَدْ نَوَى الثَّلَاثَ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ فِي مِلْكِهِ الِاثْنَتَانِ وَقَعَتَا. اهـ. ح أَقُولُ: إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ نَوَى الثِّنْتَيْنِ مَضْمُومَتَيْنِ إلَى الْأُولَى لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ نِيَّةِ الثِّنْتَيْنِ وَذَلِكَ عَدَدٌ مَحْضٌ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ نَوَى الثَّلَاثَ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْأُولَى فَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الثَّلَاثَ فَرْدٌ اعْتِبَارِيٌّ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ طَلَّقَ الْحُرَّةَ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يَنْوِي ثِنْتَيْنِ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ، وَلَوْ نَوَى الثَّلَاثَ تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَتَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ أُخْرَيَانِ اهـ فَافْهَمْ. [فَرْعٌ] فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى الثَّلَاثَ فِي إحْدَاهُمَا وَالْوَاحِدَةَ فِي الْأُخْرَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

(قَوْلُهُ فَيَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ لِلْعُرْفِ) أَيْ فَيَكُونُ صَرِيحًا لَا كِنَايَةً، بِدَلِيلِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ فِي لَفْظِ الْحَرَامِ الْبَائِنَ لِأَنَّ الصَّرِيحَ قَدْ يَقَعُ بِهِ الْبَائِنُ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ فِي وُقُوعِ الْبَائِنِ بِهِ بَحْثٌ سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْكِنَايَاتِ، وَإِنَّمَا كَانَ مَا ذَكَرَهُ صَرِيحًا لِأَنَّهُ صَارَ فَاشِيًا فِي الْعُرْفِ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّلَاقِ لَا يَعْرِفُونَ مِنْ صِيَغِ الطَّلَاقِ غَيْرَهُ وَلَا يَحْلِفُ بِهِ إلَّا الرِّجَالُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الصَّرِيحَ مَا غَلَبَ فِي الْعُرْفِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّلَاقِ بِحَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ عُرْفًا إلَّا فِيهِ مِنْ أَيِّ لُغَةٍ كَانَتْ، وَهَذَا فِي عُرْفِ زَمَانِنَا كَذَلِكَ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ صَرِيحًا كَمَا أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ فِي أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ بِأَنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ لِلْعُرْفِ بِلَا نِيَّةٍ مَعَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ تَوَقُّفُهُ عَلَى النِّيَّةِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: طَلَاقُك عَلَيَّ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ ذَاكَ عِنْدَ عَدَمِ غَلَبَةِ الْعُرْفِ. وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ، وَمِنْ أَنَّ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ يَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ: أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَعَارَفْ فِي زَمَنِهِ. وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مِنَحِهِ: أَنَّهُ فِي دِيَارِنَا صَارَ الْعُرْفُ فَاشِيًا فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّلَاقِ لَا يَعْرِفُونَ مِنْ صِيَغِ الطَّلَاقِ غَيْرَهُ فَيَجِبُ الْإِفْتَاءُ بِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْحَرَامِ يَلْزَمُنِي وَعَلَيَّ الْحَرَامُ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ لِلتَّعَارُفِ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ، وَإِفْتَاءُ أَبِي السُّعُودِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ فِي دِيَارِهِمْ فِي الطَّلَاقِ أَصْلًا كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ قَاسِمُ ذَكَرَهُ قَبْلَهُ شَيْخُهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. وَلِسَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيِّ رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ سَمَّاهَا [رَفْعُ الِانْغِلَاقِ فِي عَلَيَّ الطَّلَاقُ] وَنَقَلَ فِيهَا الْوُقُوعَ عَنْ بَقِيَّةِ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>