صَرِيحًا صَاحِيًا، وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الْآخَرُ، وَلَا ظَهَرَ كَذِبُهُ بِجَبِّهِ أَوْ رَتَقِهَا، وَلَا أَقَرَّ بِزِنَاهُ بِخَرْسَاءَ أَوْ هِيَ بِأَخْرَسَ لِجَوَازِ إبْدَاءِ مَا يُسْقِطُ الْحَدَّ؛ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ بِسَرِقَةٍ فِي حَالِ سُكْرِهِ لَا حَدَّ؛ وَلَوْ سَرَقَ أَوْ زَنَى حُدَّ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ لَا يَحْتَمِلُ التَّكْذِيبَ وَالْإِقْرَارَ يَحْتَمِلُهُ نَهْرٌ (أَرْبَعًا فِي مَجَالِسِهِ) أَيْ الْمُقِرِّ (الْأَرْبَعَةِ كُلَّمَا أَقَرَّ رَدَّهُ) بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ (وَسَأَلَهُ كَمَا مَرَّ) حَتَّى عَنْ الْمَزْنِيِّ بِهَا لِجَوَازِ بَيَانِهِ بِأَمَةِ ابْنِهِ نَهْرٌ (فَإِنْ بَيَّنَهُ) كَمَا يَحِقُّ (حُدَّ) فَلَا يَثْبُتُ بِعِلْمِ
ــ
[رد المحتار]
قَبُولَهَا فِي الِابْتِدَاءِ فَكَذَا يَمْنَعُ الْإِقَامَةَ بَعْدَ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ صَرِيحًا) أَخْرَجَ بِهِ إقْرَارَ الْأَخْرَسِ بِكِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ فَلَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ بِعَدَمِ الصَّرَاحَةِ، بِخِلَافِ الْأَعْمَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بَحْرٌ، وَقَدْ مَرَّ (قَوْلُهُ صَاحِيًا) احْتِرَازٌ عَنْ السُّكْرِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ الْآخَرُ) فَلَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا بِفُلَانَةَ فَكَذَّبَتْهُ دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُ سَوَاءٌ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي أَوْ لَا أَعْرِفُهُ أَصْلًا، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ إنْ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ، وَإِنْ أَقَرَّتْ بِالزِّنَا بِفُلَانٍ فَكَذَّبَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا أَيْضًا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ رَتَقِهَا) بِأَنْ تُخْبِرَ النِّسَاءُ بِأَنَّهَا رَتْقَاءَ قَبْلَ الْحَدِّ؛ لِأَنَّ إخْبَارَهُنَّ بِالرَّتَقِ يُوجِبُ شُبْهَةً فِي شَهَادَةِ الشُّهُودِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِجَوَازِ إبْدَاءِ مَا يُسْقِطُ الْحَدَّ) أَيْ مِنْ الْخَرْسَاءِ أَوْ الْأَخْرَسِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْخَرَسِ.
وَاسْتَشْكَلَ مَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ زَنَى بِغَائِبَةٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَبْلَ حُضُورِهَا مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَذْكُرَ مُسْقِطًا عَنْهُ وَعَنْهَا إذَا حَضَرَتْ فَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ.
قُلْت: يُؤْخَذُ جَوَابُهُ مِمَّا فِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ أَنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُ الْحَدِّ فِي الثَّانِيَةِ لِجَوَازِ أَنْ تَحْضُرَ فَتَجْحَدَ فَتَدَّعِي حَدَّ الْقَذْفِ أَوْ تَدَّعِيَ نِكَاحَهَا فَتَطْلُبَ الْمَهْرَ، وَفِي حَدِّهِ إبْطَالُ حَقِّهَا وَالِاسْتِحْسَانُ أَنْ يُحَدَّ لِحَدِيثِ مَاعِزٍ فَإِنَّهُ حُدَّ مَعَ غَيْبَةِ الْمَرْأَةِ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَكِنَّهُ حُدَّ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلْحَدِيثِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ عَلَّلَ الثَّانِيَةَ بِأَنَّ حُضُورَ الْغَائِبَةِ وَدَعْوَاهَا النِّكَاحَ شُبْهَةٌ وَاحْتِمَالُ ذَلِكَ يَكُونُ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ، وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الشُّبْهَةُ دُونَ شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ، لِمَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَذَلِكَ.
قُلْت: وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ نَفْسَ الْخَرَسِ شُبْهَةٌ مُحَقَّقَةٌ مَانِعَةٌ بِخِلَافِ الْغَيْبَةِ، وَلِذَا لَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا بِمَنْ لَا يَعْرِفُهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ. قَالَ فِي الْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْقِطًا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجْهَلُ زَوْجَتَهُ وَأَمَتَهُ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ الْغَائِبَةَ إنَّمَا حُدَّ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبْدِ مُسْقِطًا، بِخِلَافِ الْخَرْسَاءِ فَإِنَّ الْخَرَسَ نَفْسَهُ مُسْقِطٌ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ فِي حَالِ سُكْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَقَرَّ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَرَقَ أَوْ زَنَى) أَيْ فِي حَالِ سُكْرِهِ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ) أَيْ إنْشَاءَ الزِّنَا أَوْ السَّرِقَةِ الْمُعَايِنَ لِلشُّهُودِ فِي حَالِ سُكْرِهِ لَا يَحْتَمِلُ التَّكْذِيبَ فَيُحَدُّ، بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ فِي حَالِ سُكْرِهِ (قَوْلُهُ أَرْبَعًا فِي مَجَالِسِهِ) وَلَوْ كُلَّ شَهْرٍ مَرَّةً، أَمَّا لَوْ أَقَرَّ أَرْبَعًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَانَ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُقِرِّ) وَقِيلَ مَجَالِسِ الْقَاضِي، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
وَفَسَّرَ مُحَمَّدٌ تَفَرُّقَ الْمَجْلِسِ بِأَنْ يَذْهَبَ الْمُقَرُّ عَنْهُ بِحَيْثُ يَتَوَارَى عَنْ بَصَرِ الْقَاضِي: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ لَا بُدَّ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَجَالِسِ، وَهُوَ أَنْ يَرُدَّهُ الْقَاضِي كُلَّمَا أَقَرَّ فَيَذْهَبُ حَتَّى لَا يَرَاهُ فَإِنَّ اخْتِلَافَ الْمَجَالِسِ لَا يَكُونُ إلَّا بِرَدِّهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ كُلَّمَا أَقَرَّ رَدَّهُ) فِيهِ تَسَامُحٌ كَمَا قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي الرَّابِعَةِ لَا يَرُدُّهُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْإِصْلَاحِ إلَّا الرَّابِعَةَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ سَأَلَهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ سُؤَالًا مُمَاثِلًا لِمَا مَرَّ، وَهَذَا السُّؤَالُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ كَمَا فِي الْكَافِي، وَذَكَرَ أَنَّهُ يَسْأَلُ عَنْ عَقْلِهِ وَعَنْ إحْصَانِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى عَنْ الْمَزْنِيِّ بِهَا إلَخْ) سَقَطَ لَفْظُ حَتَّى مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ إفَادَةُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ السُّؤَالِ عَنْ الْخَمْسَةِ الْمَارَّةِ، وَصَرَّحَ بِالْمَزْنِيِّ بِهَا رَدًّا عَلَى ابْنِ الْكَمَالِ حَيْثُ قَالَ: لَك أَنْ تَقُولَهُ إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، لَكِنْ كَانَ عَلَيْهِ التَّصْرِيحُ بِالزَّمَانِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قِيلَ لَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّ التَّقَادُمَ يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ دُونَ الْإِقْرَارِ، وَرُدَّ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ احْتِمَالُ أَنَّهُ زَنَى فِي حَالَ صِبَاهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَثْبُتُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَا فُهِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute