وَيَصْطَفُّونَ كَصُفُوفِ الصَّلَاةِ لِرَجْمِهِ، كُلَّمَا رَجَمَ قَوْمٌ تَنَحَّوْا وَرَجَمَ آخَرُونَ.
(فَلَوْ قَتَلَهُ شَخْصٌ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِهِ فَهَدَرٌ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَذَّرَ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ نَهْرٌ (وَ) لَوْ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِهِ (يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا لَا حُكْمَ لَهَا.
(وَالشَّرْطُ بُدَاءَةُ الشُّهُودِ بِهِ) وَلَوْ بِحَصَاةٍ صَغِيرَةٍ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ فَيَرْجُمُ الْقَاضِي بِحَضْرَتِهِمْ (فَإِنْ أَبَوْا أَوْ مَاتُوا أَوْ غَابُوا) أَوْ قُطِعُوا بَعْدَ الشَّهَادَةِ (أَوْ بَعْضُهُمْ سَقَطَ) الرَّجْمُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ، وَلَا يُحَدُّونَ فِي الْأَصَحِّ (كَمَا لَوْ خَرَجَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ) لِلشَّهَادَةِ (بِفِسْقٍ أَوْ عَمًى أَوْ خَرَسٍ) أَوْ قَذْفٍ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْحُدُودِ وَهَذَا لَوْ مُحْصَنًا، أَمَّا غَيْرُهُ فَيُحَدُّ فِي الْمَوْتِ وَالْغَيْبَةِ كَمَا فِي الْحَاكِمِ (ثُمَّ الْإِمَامِ) هَذَا لَيْسَ حَتْمًا كَيْفَ وَحُضُورُهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ، وَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْكَمَالِ رَدَّهُ فِي النَّهْرِ (ثُمَّ النَّاسِ) أَفَادَ فِي النَّهْرِ أَنَّ حُضُورَهُمْ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَرَمْيُهُمْ كَذَلِكَ فَلَوْ امْتَنَعُوا لَمْ يَسْقُطْ.
ــ
[رد المحتار]
لَا بَأْسَ لِكُلِّ مَنْ رَمَى أَنْ يَتَعَمَّدَ مَقْتَلَهُ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبُ الْقَتْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَحِمٍ مِنْهُ، فَإِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَعَمَّدَهُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَيَأْتِي تَمَامُهُ
(قَوْلُهُ فَهَدَرٌ) أَيْ لَا قِصَاصَ فِيهِ لَوْ عَمْدًا وَلَا دِيَةَ لَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا (قَوْلُهُ لِافْتِيَاتِهِ) افْتِعَالٌ مِنْ فَاتَ يَفُوتُ فَوْتًا وَفَوَاتًا.
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَفَاتَهُ فُلَانٌ بِذِرَاعٍ سَبَقَهُ بِهَا، وَمِنْهُ قِيلَ افْتَاتَ فُلَانٌ افْتِيَاتًا إذَا سَبَقَ بِفِعْلِ شَيْءٍ وَاسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ وَلَمْ يُؤَامِرْ فِيهِ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِالْأَمْرِ فِيهِ
(قَوْلُهُ وَالشَّرْطُ بُدَاءَةُ الشُّهُودِ بِهِ) أَيْ بِالرَّجْمِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَتَجَاسَرُونَ عَلَى الْأَدَاءِ ثُمَّ يَسْتَعْظِمُونَ الْمُبَاشَرَةَ فَيَرْجِعُونَ، وَفِيهِ احْتِيَالٌ لِلدَّرْءِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ قُطِعُوا بَعْدَ الشَّهَادَةِ) وَكَذَا لَوْ مَرِضُوا بَعْدَهَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ قُطِعُوا قَبْلَهَا رَمَى الْقَاضِي بِحَضْرَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا كَانُوا مَقْطُوعِي الْأَيْدِي لَمْ تُسْتَحَقَّ الْبُدَاءَةُ بِهِمْ وَإِنْ قُطِعَتْ بَعْدَهَا فَقَدْ اُسْتُحِقَّتْ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ كَوْنَ الْبُدَاءَةِ بِهِمْ شَرْطًا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ قُدْرَتِهِمْ عَلَى الرَّجْمِ بَحْرٌ وَفَتْحٌ، وَالْمُرَادُ الْقَطْعُ بِلَا جِنَايَةٍ مُفَسِّقَةٍ وَإِلَّا خَرَجُوا عَنْ الْأَهْلِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُحَدُّونَ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُمْ لَيْسَ صَرِيحًا فِي رُجُوعِهِمْ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِيهِ لِامْتِنَاعِ بَعْضِ النَّاسِ مِنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ الْحَلَالِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَإِنْ أَبَوْا، أَمَّا فِي الْمَوْتِ وَالْغَيْبَةِ فَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُمْ لَا يُحَدُّونَ، وَإِنَّمَا سَقَطَ الرَّجْمُ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِمْ لَوْ حَضَرُوا (قَوْلُهُ أَوْ قَذْفٍ) أَيْ إذَا حُدَّ بِهِ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ) أَيْ إمْضَاءَ الْحَدِّ وَإِيقَاعَهُ بِالْفِعْلِ مِنْ الْقَضَاءِ فَإِذَا لَمْ يُمْضِهِ ثُمَّ حَصَلَ مَانِعٌ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا فَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الْقَضَاءُ بِهَا أَصْلًا ط (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْحَاكِمِ) أَيْ الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ أَيْ كِتَابِهِ الْكَافِي.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمِيمَ فِي كَمَا زَائِدَةٌ وَالْأَصْلُ كَافِي الْحَاكِمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي غَيْرِ الْمُحْصَنِ. قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْمَوْتِ وَالْغَيْبَةِ اهـ أَيْ مَوْتِ الشُّهُودِ وَغَيْبَتِهِمْ، وَبِهِ سَقَطَ مَا قِيلَ أَنَّ الْمُرَادَ كَمَا فِي الْحَاكِمِ أَيْ كَمَا يُحَدُّ لَوْ مَاتَ الْحَاكِمُ أَوْ غَابَ وَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْإِمْضَاءَ مِنْ الْقَضَاءِ كَمَا سَمِعْت، وَلِذَا قَالَ فِي الْكَافِي: وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالرَّجْمِ ثُمَّ عُزِلَ قَبْلَ أَنْ يَرْجُمَهُ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ لَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْإِمَامِ) اسْتِظْهَارًا فِي حَقِّهِ، فَرُبَّمَا يَرَى فِي الشُّهُودِ مَا يُوجِبُ دَرْءَ الْحَدِّ. اهـ. جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ) لَمْ يَنْقُلْهُ ابْنُ الْكَمَالِ عَنْ أَحَدٍ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى النَّقْلِ، فَإِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُتُونِ (قَوْلُهُ وَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْكَمَالِ رَدَّهُ فِي النَّهْرِ) يَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ قَرِيبًا (قَوْلُهُ أَفَادَ فِي النَّهْرِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ: وَفِي الدِّرَايَةِ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَ طَائِفَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَحْضُرُوا لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِهَا، فَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاحِدٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ اثْنَانِ. وَالزُّهْرِيُّ ثَلَاثَةٌ. وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَشَرَةٌ اهـ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ حُضُورَهُمْ لَيْسَ شَرْطًا فَرَمْيُهُمْ كَذَلِكَ، فَلَوْ امْتَنَعُوا لَمْ يَسْقُطْ. اهـ.