وَمِنْهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَسَكَتَ الْوَلِيُّ حَتَّى وَلَدَتْ كَانَ سُكُوتُهُ رِضًا زَيْلَعِيُّ. وَمِنْهَا مَا فِي الْمُحِيطِ: رَجُلٌ زَوَّجَ رَجُلًا بِغَيْرِ أَمَرَهُ فَهَنَّأَهُ الْقَوْمُ وَقَبِلَ التَّهْنِئَةَ فَهُوَ رِضًا لِأَنَّ قَبُولَ التَّهْنِئَةِ دَلِيلُ الْإِجَازَةِ. وَمِنْهَا أَنَّ الْوَكَالَةَ تَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ، وَلِذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ. لَوْ قَالَ ابْنُ الْعَمِّ لِلْكَبِيرَةِ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُزَوِّجَك مِنْ نَفْسِي فَسَكَتَتْ فَزَوَّجَهَا جَازَ، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَحْرِهِ مِنْ بَحْثِ الْأَوْلِيَاءِ. وَمِنْهَا سُكُوتُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ فِي التَّعْدِيلِ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْبَحْرِ. قَالَ: وَيُكْتَفَى بِالسُّكُوتِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ فَيَكُونُ سُكُوتُهُ تَزْكِيَةً لِلشَّاهِدِ؛ لِمَا فِي الْمُلْتَقَطِ: وَكَانَ اللَّيْثُ بْنُ مُسَاوِرٍ قَاضِيًا فَاحْتَاجَ إلَى تَعْدِيلٍ وَكَانَ الْمُزَكِّي مَرِيضًا فَعَادَهُ الْقَاضِي وَسَأَلَهُ عَنْ الشَّاهِدِ فَسَكَتَ الْمُعَدَّلُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَسَكَتَ، فَقَالَ أَسْأَلُك وَلَا تُجِيبُنِي؟ فَقَالَ الْمُعَدَّلُ: أَمَا يَكْفِيك مِنْ مِثْلِي السُّكُوتُ. قُلْت: قَدْ عَدَّ هَذِهِ فِي الْأَشْبَاهِ مَعْزِيًّا لِشَهَادَاتِ شَرْحِهِ فَكَيْفَ تَكُونُ زَائِدَةً نَعَمْ زَادَ تَقْيِيدَهُ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ فَعَدَّهَا مِنْ الزَّوَائِدِ. وَمِنْهَا لَوْ أَنَّ الْعَبْدَ خَرَجَ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَرَآهُ مَوْلَاهُ فَسَكَتَ حَلَّ لَهُ الْخُرُوجُ لَهَا، لِأَنَّ السُّكُوتَ بِمَنْزِلَةِ الرِّضَا كَمَا فِي جَمْعِهِ الْبَحْرُ. وَمِنْهَا مَا فِي الْقُنْيَةِ بَعْدَ أَنْ رَقَّمَ بِعَلَامَةٍ (قَعْ عت) وَلَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِمَا بَعَثَ إلَيْهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ وَإِنْ كَانَ الْجِهَازُ قَلِيلًا فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمَا يَلِيقُ بِالْمَبْعُوثِ فِي عُرْفِهِمْ (نج) يُفْتَى بِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُجَهَّزْ بِمَا يَلِيقُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا بَعَثَ -
ــ
[رد المحتار]
الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَشْبَاهِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ تَزَوَّجَتْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ إلَخْ) هَذِهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ الْمُفْتَى بِهَا فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ ط (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَبُولَ التَّهْنِئَةِ دَلِيلُ الْإِجَازَةِ) أَيْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سُكُوتَهُ وَقْتَ التَّزْوِيجِ كَانَ رِضًا وَإِجَازَةً، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَبُولُ التَّهْنِئَةِ بِدُونِ قَوْلٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَنَّ الْوَكَالَةَ تَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: تَثْبُتُ بِالسُّكُوتِ كَمَا تَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ. وَفِي نُسْخَةٍ: كَمَا تَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ تَثْبُتُ بِالسُّكُوتِ وَهِيَ أَوْضَحُ، وَالْمُرَادُ بِالْوَكَالَةِ التَّوْكِيلُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّمْثِيلُ، وَإِلَّا فَقَدْ عُدَّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الْمَزِيدِ عَلَيْهَا وَهُوَ السَّابِعُ مِنْهَا سُكُوتُ الْوَكِيلِ قَبُولٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ التَّوَكُّلُ لَا التَّوْكِيلُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَكَيْفَ تَكُونُ إلَخْ) اخْتَلَفَتْ النُّسَخُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ فَاَلَّذِي فِي أَغْلَبِ النُّسَخِ: فَكَيْفَ يَكُونُ أَنَّ فِيهِ تَقْيِيدَهُ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ فَعَدَّهَا مِنْ الزَّوَائِدِ، وَفِي بَعْضِهَا لِكَوْنِ بِاللَّامِ وَنَعُدُّهَا بِالنُّونِ بَدَلَ الْفَاءِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ لِكَوْنِ عِلَّةٌ لِقَوْلِ نَعُدُّهَا، وَالْمَعْنَى كَيْفَ نَعُدُّهَا مِنْ الزَّوَائِدِ لِأَجْلِ كَوْنِهِ قَيَّدَ الْمُزَكِّي بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ.
وَحَاصِلُهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى صَاحِبِ زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ بِأَنَّ قَوْلَ الْأَشْبَاهِ سُكُوتُ الْمُزَكِّي عِنْدَ السُّؤَالِ عَنْ الشَّاهِدِ تَعْدِيلٌ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ فَلَا يَكُونُ بِزِيَادَةِ هَذَا الْقَيْدِ، زَادَ عَلَيْهِ مَسْأَلَةً أُخْرَى وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: فَكَيْفَ تَكُونُ مِنْ الزَّوَائِدِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: فِيهِ تَقْيِيدُهُ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ فَعَدَّهَا مِنْ الزَّوَائِدِ اهـ وَعَلَيْهِ فَهُوَ اعْتِذَارٌ لَا اعْتِرَاضٌ (قَوْلُهُ: بِعَلَامَةِ قَعْ عت) الْأَوَّلُ بِالْقَافِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ رَمْزٌ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَالثَّانِي بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالتَّاءِ رَمْزٌ لِعَلَاءِ الدِّينِ التَّرْجُمَانِيِّ اهـ ح (قَوْلُهُ: مِنْ الدَّنَانِيرِ) أَيْ الَّتِي يَبْعَثُهَا الزَّوْجُ إلَى أَبِي الزَّوْجَةِ بِمُقَابَلَةِ الْجِهَازِ، وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ فِي عُرْفِهِمْ بِالدَّسْتِيمَانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَقَدَّمْنَا تَحْقِيقَهُ فِي بَابِ الْمَهْرِ وَاخْتِلَافِ التَّصْحِيحِ وَالتَّوْفِيقِ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسَمَّى فِي الْمَهْرِ أَوْ كَانَ الْمُسَمَّى غَيْرَهُ، فَفِي الثَّانِي لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْجِهَازِ لَا فِي الْأَوَّلِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: نج) بِالنُّونِ وَالْجِيمِ كَمَا رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَةٍ مُصَحَّحَةٍ مِنْ الْقُنْيَةِ، وَهُوَ رَمْزٌ لِنَجْمِ الْأَئِمَّةِ الْحَكِيمِيِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute