للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسَهْوٍ) لَا شُكْرٍ قُنْيَةٌ (مَعَ شُرُوقٍ) إلَّا الْعَوَّامَ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ فِعْلِهَا؛ لِأَنَّهُمْ يَتْرُكُونَهَا، وَالْأَدَاءُ الْجَائِزُ عِنْدَ الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ التَّرْكِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا (وَاسْتِوَاءٍ) إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي

ــ

[رد المحتار]

عَطْفًا عَلَى الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ الَّذِي هُوَ خَبَرُ كَانَ الْمُقَدَّرَةِ ح. وَالْأَحْسَنُ رَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى صَلَاةِ نَائِبِ فَاعِلِ كُرِهَ لِيَكُونَ مُقَابِلًا لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَيْسَتْ صَلَاةً حَقِيقِيَّةً فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَسَهْوٍ) حَتَّى لَوْ سَهَا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ فِي قَضَاءِ فَائِتَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَطَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ احْمَرَّتْ عَقِبَ السَّلَامِ سَقَطَ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ الْمُتَمَكِّنِ فِي الصَّلَاةِ فَجَرَى مَجْرَى الْقَضَاءِ وَقَدْ وَجَبَ كَامِلًا فَلَا يَتَأَدَّى فِي نَاقِصٍ حِلْيَةٌ.

(قَوْلُهُ: لَا شُكْرٍ قُنْيَةٌ) هَذَا مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. وَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ الْآتِي وَسَجْدَةَ تِلَاوَةٍ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْقُنْيَةِ يُكْرَهُ أَنْ يَسْجُدَ شُكْرًا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكْرَهُ فِيهِ النَّفَلُ وَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِهِ. اهـ. وَفِي النَّهْرِ أَنَّ سَجْدَةَ الشُّكْرِ لِنِعْمَةٍ سَابِقَةٍ يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ كَامِلَةً وَهَذِهِ لَمْ تَجِبْ اهـ فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ النَّهْرِ مَعَ كَلَامِ الْقُنْيَةِ أَنَّهَا تَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ: أَيْ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ النَّافِلَةِ، ثُمَّ قَالَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ: وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ عَقِبَ الصَّلَاةِ مِنْ السَّجْدَةِ فَمَكْرُوهٌ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْعَوَامَّ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ أَوْ سُنَّةٌ اهـ أَيْ وَكُلُّ جَائِزٍ أَدَّى إلَى اعْتِقَادِهِ ذَلِكَ كُرِهَ.

(قَوْلُهُ: مَعَ شُرُوقٍ) وَمَا دَامَتْ الْعَيْنُ لَا تَحَارُ فِيهَا فِي حُكْمِ الشُّرُوقِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغُرُوبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح. أَقُولُ: يَنْبَغِي تَصْحِيحُ مَا نَقَلُوهُ عَنْ الْأَصْلِ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّهُ مَا لَمْ تَرْتَفِعْ الشَّمْسُ قَدْرَ رُمْحٍ فَهِيَ فِي حُكْمِ الطُّلُوعِ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْمُتُونِ مَشَوْا عَلَيْهِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ حَيْثُ جَعَلُوا أَوَّلَ أَوْقَاتِهَا مِنْ الِارْتِفَاعِ وَلِذَا جَزَمَ بِهِ هُنَا فِي الْفَيْضِ وَنُورِ الْإِيضَاحِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ فِعْلِهَا) أَفَادَ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى الْمَنْعُ لَا الْحُكْمُ بَعْدَ الصِّحَّةِ عِنْدَنَا فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ وَالضَّمِيرُ لِلصَّلَاةِ وَالْمُرَادُ بِهَا صَلَاةُ الصُّبْحِ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْبَعْضِ) أَيْ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ كَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ هُنَا.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا) وَعَزَاهُ صَاحِبُ الْمُصَفَّى إلَى الْإِمَامِ حَمِيدِ الدِّينِ عَنْ شَيْخِهِ الْإِمَامِ الْمَحْبُوبِيِّ وَإِلَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ، وَعَزَاهُ فِي الْقُنْيَةِ إلَى الْحَلْوَانِيِّ وَالنَّسَفِيِّ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ صَاحِبَ الْقُنْيَةِ بَنَاهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ مِنْ أَنَّ الْعَامِّيَّ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ مَا يَهْوَاهُ. وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ، وَأَنَّ تَتَبُّعَ الرُّخَصِ فِسْقٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتِوَاءٍ) التَّعْبِيرُ بِهِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِوَقْتِ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الزَّوَالِ لَا تُكْرَهُ فِيهِ الصَّلَاةُ إجْمَاعًا بَحْرٌ عَنْ الْحِلْيَةِ: أَيْ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ بِهِ وَقْتُ الظُّهْرِ كَمَا مَرَّ. وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ: وَقَدْ وَقَعَ فِي عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْوَقْتَ الْمَكْرُوهَ هُوَ عِنْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ إلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ زَوَالَ الشَّمْسِ إنَّمَا هُوَ عَقِيبَ انْتِصَافِ النَّهَارِ بِلَا فَصْلٍ، وَفِي هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الزَّمَانِ لَا يُمْكِنُ أَدَاءُ صَلَاةٍ فِيهِ، فَلَعَلَّ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِحَيْثُ يَقَعُ جُزْءٌ مِنْهَا فِي هَذَا الزَّمَانِ، أَوْ الْمُرَادُ بِالنَّهَارِ هُوَ النَّهَارُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ مِنْ أَوَّلِ طُلُوعِ الصُّبْحِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ نِصْفُ النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ بِزَمَانٍ يُعْتَدُّ بِهِ. اهـ. إسْمَاعِيلُ وَنُوحٌ وَحَمَوِيٌّ.

وَفِي الْقُنْيَةِ: وَاخْتُلِفَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الزَّوَالِ، فَقِيلَ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إلَى الزَّوَالِ لِرِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ» ) قَالَ رُكْنُ الدِّينِ الصَّبَّاغِيُّ: وَمَا أَحْسَنَ هَذَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ يُعْتَمَدُ تَصَوُّرُهَا فِيهِ اهـ وَعَزَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْمُرَادَ انْتِصَافُ النَّهَارِ الْعُرْفِيِّ إلَى أَئِمَّةِ مَا رَوَاهُ النَّهْرُ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ انْتِصَافُ النَّهَارِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الضَّحْوَةُ الْكُبْرَى إلَى الزَّوَالِ إلَى أَئِمَّةِ جُوَارِزْمَ.

(قَوْلُهُ: إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ) لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ «نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>