لَا تَسْبِيبًا كَمَا مَرَّ (إلَّا بِإِجَازَةِ وَرَثَتِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ» يَعْنِي عِنْدَ وُجُودِ وَارِثٍ آخَرَ كَمَا يُفِيدُهُ آخِرُ الْحَدِيثِ وَسَنُحَقِّقُهُ (وَهُمْ كِبَارٌ) عُقَلَاءُ فَلَمْ تَجُزْ إجَازَةُ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَإِجَازَةُ الْمَرِيضِ كَابْتِدَاءِ وَصِيَّةٍ وَلَوْ أَجَازَ الْبَعْضُ وَرَّدَ الْبَعْضُ جَازَ عَلَى الْمُجِيزِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ (أَوْ يَكُونُ الْقَاتِلُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) فَتَجُوزُ بِلَا إجَازَةٍ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا أَهْلًا لِلْعُقُوبَةِ (أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ) كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَيْ سِوَى الْمُوصَى لَهُ الْقَاتِلِ أَوْ الْوَارِثِ، حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِزَوْجَتِهِ أَوْ هِيَ لَهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ وَارِثٌ آخَرُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ ابْنُ كَمَالٍ. زَادَ فِي الْمُحِبِّيَّةِ: فَلَوْ أَوْصَتْ لِزَوْجِهَا بِالنِّصْفِ كَانَ لَهُ الْكُلُّ. قُلْت وَإِنَّمَا قَيَّدُوا بِالزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ غَيْرَهُمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ يَرِثُ الْكُلَّ بِرَدٍّ أَوْ رَحِمٍ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ فِي الْإِقْرَارِ مَعْزِيًّا للشُّرُنبُلاليَّة، وَفِي فَتَاوَى النَّوَازِلِ: أَوْصَى لِرَجُلٍ بِكُلِّ مَالِهِ وَمَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا إلَّا امْرَأَتَهُ، فَإِنْ لَمْ تَجُزْ فَلَهَا السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّ الثُّلُثَ بِلَا إجَازَةٍ فَيَبْقَى الثُّلُثَانِ فَلَهَا رُبْعُهُمَا وَهُوَ سُدُسُ الْكُلِّ وَلَوْ كَانَ مَكَانَهَا زَوْجٌ فَإِنْ لَمْ يَجُزْ فَلَهُ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْمُوصَى لَهُ
(وَلَا مِنْ صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ أَصْلًا) وَلَوْ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَكَذَا) لَا تَصِحُّ (مِنْ مُمَيِّزٍ إلَّا فِي تَجْهِيزِهِ وَأَمْرِ دَفْنِهِ) فَتَجُوزُ اسْتِحْسَانًا
ــ
[رد المحتار]
[فَرْعٌ] جَرَحَهُ رَجُلٌ وَقَتَلَهُ آخَرُ جَازَتْ لِلْجَارِحِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَاتِلٍ وَلْوَالِجِيَّةٌ (قَوْلُهُ لَا تَسْبِيبًا) كَحَافِرِ الْبِئْرِ وَوَاضِعِ الْحَجَرِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ قَاتِلٍ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِإِجَازَةِ وَرَثَتِهِ) الِاسْتِثْنَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ الْوَصِيَّةُ لِلْقَاتِلِ تَجُوزُ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَجُوزُ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ قَتْلِهِ عَمْدًا بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ مُلْغَاةً بِالِاتِّفَاقِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَسَنُحَقِّقُهُ) أَيْ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَإِجَازَةُ الْمَرِيضِ كَابْتِدَاءِ وَصِيَّةٍ) فَإِذَا كَانَ وَارِثُ الْمُوصِي مَرِيضًا فَأَجَازَ الْوَصِيَّةَ وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ إنْ بَرِئَ صَحَّتْ إجَازَتُهُ وَإِنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرِيضُ، فَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ وَارِثَهُ لَا تَجُوزُ إجَازَتُهُ إلَّا أَنْ تُجِيزَهُ وَرَثَةُ الْمَرِيضِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا تَجُوزُ إجَازَتُهُ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ جَازَ عَلَى الْمُجِيزِ إلَخْ) بِأَنْ يُقَدَّرَ فِي حَقِّ الْمُجِيزِ كَأَنَّ كُلَّهُمْ أَجَازُوا وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ كَأَنَّ كُلَّهُمْ لَمْ يُجِيزُوا وَقَدَّمْنَا بَيَانَهُ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِإِجَازَةِ وَرَثَتِهِ، لِأَنَّهُ فِي تَأْوِيلِ أَنْ يُجِيزَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا أَهْلًا لِلْعُقُوبَةِ) وَلِذَا لَمْ يُحْرَمَا الْمِيرَاثَ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بَحْثًا مِنْهُ وَلِي فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي الْكَبِيرِ الْعُقُوبَةَ لَمْ تَجُزْ الْوَصِيَّةُ بِالْإِجَازَةِ كَالْمِيرَاثِ: نَعَمْ هُوَ ظَاهِرُهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ لِلْقَاتِلِ، وَإِنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ، وَعَلَّلُوا لَهُ بِأَنَّ جِنَايَتَهُ بَاقِيَةٌ وَالِامْتِنَاعُ لِأَجْلِهَا عُقُوبَةٌ لَهُ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَهُوَ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ دَفْعًا لِلْغَيْظِ عَنْهُمْ حَتَّى لَا يُشَارِكَهُمْ فِي مَالِ مَنْ سَعَى فِي قَتْلِهِ، وَهَذَا يَنْعَدِمُ بِإِجَازَتِهِمْ وَالصَّبِيُّ بِمَعْزِلٍ مِنْ الْغَيْظِ، فَلَمْ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ مَا ثَبَتَ فِي حَقِّ الْبَالِغِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ أَيْ سِوَى الْمُوصَى لَهُ) تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ فِي سِوَاهُ وَقَوْلُهُ الْقَاتِلِ: أَوْ الْوَارِثِ بَدَلٌ مِنْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَوْصَى إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ الْوَارِثِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَلَوْ أَوْصَى لِقَاتِلِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَهَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَهَا رُبُعُهُمَا) لِأَنَّ الْإِرْثَ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَفَرْضهَا رُبُعُ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَهُ الثُّلُثُ) وَهُوَ نِصْفُ الْبَاقِي.
[فَرْعٌ] تَرَكَ امْرَأَةً وَأَوْصَى لَهَا بِالنِّصْفِ، وَلِأَجْنَبِيٍّ بِالنِّصْفِ يُعْطَى لِلْأَجْنَبِيِّ أَوَّلًا الثُّلُثُ وَلِلْمَرْأَةِ رُبُعُ الْبَاقِي إرْثًا وَالْبَاقِي يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمَا تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَفِيهَا تَرَكَتْ زَوْجَهَا فَقَطْ وَقَدْ كَانَتْ أَوْصَتْ لِأَجْنَبِيٍّ بِالنِّصْفِ فَلِلْمُوصَى لَهُ نِصْفُ الْمَالِ وَلِلزَّوْجِ الثُّلُثُ وَالسُّدُسُ لِبَيْتِ الْمَالِ اهـ وَلَوْ أَوْصَى لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْكُلِّ فَقَدْ أَوْضَحَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ
(قَوْلُهُ إلَّا فِي تَجْهِيزِهِ وَأَمْرِ دَفْنِهِ) لَكِنَّهُ تُرَاعَى فِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الرَّوْضَةِ: لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ بِأَلْفِ دِينَارٍ يُكَفَّنُ بِكَفَنٍ وَسَطٍ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْنِ لَا يُرَاعَى شَرَائِطُ الْوَصِيَّةِ وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ أَوْ سِتَّةِ أَثْوَابٍ يُرَاعَى شَرَائِطُهُ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُدْفَنَ فِي مَقْبَرَةِ كَذَا بِقُرْبِ فُلَانٍ الزَّاهِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute