لِأَنَّهُ نَوْعُ قَرَابَةٍ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ (ثُمَّ) يُوضَعُ (فِي بَيْتِ الْمَالِ) لَا إرْثًا بَلْ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ.
(وَمَوَانِعُهُ) عَلَى مَا هُنَا أَرْبَعَةٌ (الرِّقُّ) وَلَوْ نَاقِصًا كَمُكَاتَبٍ وَكَذَا مُبَعَّضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَا حُرٌّ فَيَرِثُ وَيَحْجُبُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، لَا يَرِثُ بَلْ يُورَثُ وَقَالَ أَحْمَدُ يَرِثُ وَيُورَثُ وَيَحْجُبُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ. قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ مَسْأَلَةً يُورَثُ فِيهَا الرَّقِيقُ مَعَ رِقِّ كُلِّهِ. صُورَتُهَا مُسْتَأْمَنٌ جَنَى عَلَيْهِ فَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَاسْتُرِقَّ وَمَاتَ رَقِيقًا بِسِرَايَةِ تِلْكَ الْجِنَايَةِ فَدِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا فَيُحَرَّرُ (وَالْقَتْلُ)
ــ
[رد المحتار]
أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَأْخُذُ الزَّائِدَ بِطَرِيقِ الِاسْتِحْقَاقِ، بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى إجَارَةٍ فَلَا يَرِدُ أَنَّ أَخْذَ الزَّائِدِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ الْوَرَثَةِ إذْ لَوْ أَجَازُوا جَازَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَوْعُ قَرَابَةٍ) الْأَوْلَى قَوْلُ السَّيِّدِ أَنَّ لَهُ نَوْعَ قَرَابَةٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُوضَعُ) أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ مُوصًى لَهُ بِالزَّائِدِ يُوضَعُ كُلُّ التَّرِكَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْبَاقِي عَنْ الزَّائِدِ إنْ وَجَدَ مُوصًى لَهُ بِمَا دُونَ الْكُلِّ وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ يُقَدِّمُ إذْ لَا شَيْءَ بَعْدَهُ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ:
عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا
(قَوْلُهُ لَا إرْثًا) نَفْيٌ لِمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيَّةُ لِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إرْثًا لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ بِالثُّلُثِ لِلْفُقَرَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، فَتَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، وَمِنْ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهِ وَلِلْوَلَدِ مَعَ وَالِدِهِ، وَلَوْ كَانَ إرْثًا لَمَا صَحَّ ذَلِكَ لَكِنْ أَفْتَى مُتَأَخِّرُو الشَّافِعِيَّةِ بِالرَّدِّ إنْ لَمْ يَنْتَظِمْ بَيْتُ الْمَالِ
(قَوْلُهُ وَمَوَانِعُهُ) الْمَانِعُ لُغَةً: الْحَائِلُ وَاصْطِلَاحًا: مَا يَنْتَفِي لِأَجْلِهِ الْحُكْمُ عَنْ شَخْصٍ لِمَعْنًى فِيهِ بَعْدَ قِيَامِ سَبَبِهِ، وَيُسَمَّى مَحْرُومًا فَخَرَجَ مَا انْتَفَى لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ فَإِنَّهُ مَحْجُوبٌ، أَوْ لِعَدَمِ قِيَامِ السَّبَبِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَالْمُرَادُ بِالْمَانِعِ هَاهُنَا الْمَانِعُ عَنْ الْوِرَاثِيَّةِ لَا الْمَوْرُوثِيَّةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا كَاخْتِلَافِ الدِّينِ مَانِعًا عَنْهُمَا كَمَا حَرَّرْته فِي الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا هُنَا) لِأَنَّ بَعْضَهُمْ زَادَ عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ غَيْرَهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ كَمُكَاتَبٍ) الْمُصَرَّحُ بِهِ أَنَّ رِقَّهُ كَامِلٌ، وَمِلْكُهُ نَاقِصٌ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: كَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ اهـ ح وَقَدْ يُقَالُ كَمَالُ رِقِّهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ وَلِذَا أَجَازَ عِتْقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَمَلَكَ أَكْسَابَهُ دُونَهُمَا، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقِنِّ فَهُوَ نَاقِصٌ مِنْ حَيْثُ انْعِقَادُ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ مِثْلُ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ وَكَذَا مُبَعَّضٌ إلَخْ) هُوَ مَنْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ فَيَسْعَى فِي فِكَاكِ بَاقِيهِ، وَهُوَ عِنْدَ الْإِمَامِ بِمَنْزِلَةِ الْمَمْلُوكِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَقَالَا هُوَ حُرٌّ مَدْيُونٌ فَيَرِثُ وَيَحْجُبُ بِنَاءً عَلَى تَجَزِّي الْإِعْتَاقِ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَرِثُ بَلْ يُورَثُ) قِيلَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ يُورَثُ فِيهَا الرَّقِيقُ) أَيْ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ إلَى أَوَّلِ الْإِصَابَةِ ط (قَوْلُهُ جُنِيَ عَلَيْهِ) أَيْ بِجِرَاحَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ بِسِرَايَةِ تِلْكَ الْجِنَايَةِ) أَيْ الَّتِي أَصَابَتْهُ قَبْلَ الرِّقِّ ط (قَوْلُهُ فَدِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ إلَخْ) أَيْ نَظَرًا إلَى وَقْتِ الْإِصَابَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ بِهَا قَبْلَ الِاسْتِرْقَاقِ كَانَ إرْثُهُ لَهُمْ فَكَذَا بَعْدَهُ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ قَبْلَهُ ط (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا) هُمْ قَدْ اعْتَبَرُوا وَقْتَ الْإِصَابَةِ فِي مَسَائِلَ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْهَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَوْتَهُ صَدَرَ وَهُوَ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ فَالدِّيَةُ لَهُ ط. أَقُولُ: يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَانِي شَيْءٌ عِنْدَنَا لِمَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ الْمُسْتَأْمَنِ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَقَدْ تَرَكَ وَدِيعَةً أَوْ دَيْنًا فَأُسِرَ أَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَأُخِذَ أَوْ قُتِلَ سَقَطَ دَيْنُهُ، وَمَا غُصِبَ مِنْهُ وَصَارَ مَالُهُ كَوَدِيعَتِهِ وَمَا عِنْدَ شَرِيكِهِ، أَوْ فِي بَيْتِهِ فِي دَارِنَا فَيْئًا، وَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ بِلَا غَلَبَةٍ عَلَيْهِمْ فَدَيْنُهُ وَقَرْضُهُ وَوَدِيعَتُهُ لِوَرَثَتِهِ لِأَنَّ نَفْسَهُ لَمْ تَصِرْ مَغْنُومَةً اهـ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدِّيَةَ دَيْنٌ عَلَى الْجَانِي فَتَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَاسْتِرْقَاقُهُ فَلَا تَكُونُ لِوَرَثَتِهِ وَلَا لِسَيِّدِهِ أَيْضًا، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا عَلَى مِلْكِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَرَقَّهُ مَجْنِيًّا عَلَيْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute