للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُوجِبُ لِلْقَوَدِ أَوْ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ سَقَطَا بِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ عَلَى مَا مَرَّ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ مُطْلَقًا وَلَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ قَبْلَ الْمَقْتُولِ وَرِثَهُ الْمَقْتُولُ إجْمَاعًا (وَاخْتِلَافُ الدِّينِ) إسْلَامًا وَكُفْرًا وَقَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَرِثَ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَيُورَثُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ قُلْت ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ مَسْأَلَةً يُورَثُ فِيهَا الْكَافِرُ. صُورَتُهَا: كَافِرٌ مَاتَ عَنْ زَوْجَتِهِ حَامِلًا وَوَقَفْنَا مِيرَاثَ الْحَمْلِ فَأَسْلَمَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ وَرِثَ الْوَلَدُ وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا صَرِيحًا (وَ) الرَّابِعُ (اخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ) فِيمَا بَيْنَ الْكُفَّارِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ

ــ

[رد المحتار]

فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْجَانِي بِشَيْءٍ فَتَدَبَّرْهُ (قَوْلُهُ الْمُوجِبُ لِلْقَوَدِ أَوْ الْكَفَّارَةِ) الْأَوَّلُ هُوَ الْعَمْدُ وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَهُ بِمُحَدَّدٍ أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَاهُ فِي تَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ، وَالثَّانِي ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ شِبْهُ عَمْدٍ، وَهُوَ أَنْ يَتَعَمَّدَ قَتْلَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالسَّوْطِ وَخَطَأً كَأَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَ إنْسَانًا وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ كَانْقِلَابِ نَائِمٍ عَلَى شَخْصٍ أَوْ سُقُوطِهِ عَلَيْهِ مِنْ سَطْحٍ، فَخَرَجَ الْقَتْلُ بِسَبَبٍ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُهُمَا كَمَا لَوْ أَخْرَجَ رَوْشَنًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ، فَقَتَلَ مُوَرِّثَهُ أَوْ أَقَادَ دَابَّةً أَوْ سَاقَهَا فَوَطِئَتْهُ، أَوْ قَتَلَهُ قِصَاصًا أَوْ رَجْمًا أَوْ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ وَجَدَ مُوَرِّثَهُ قَتِيلًا فِي دَارِهِ أَوْ قَتَلَ الْعَادِلُ الْبَاغِيَ، وَكَذَا عَكْسُهُ إنْ قَالَ قَتَلْته وَأَنَا عَلَى حَقٍّ، وَأَنَا الْآنَ عَلَى الْحَقِّ، وَخَرَجَ الْقَتْلُ مُبَاشَرَةً مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَالْكَفَّارَةِ وَتَمَامُهُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ رَمْزًا إذَا قَتَلَ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ أَوْ ذَاتَ رَحِمٍ مِنْ مَحَارِمِهِ الْمُؤَنَّثِ لِأَجْلِ الزِّنَا يَرِثُ مِنْهَا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ اهـ يَعْنِي مَعَ تَحَقُّقِ الزِّنَا أَمَّا بِمُجَرَّدِ التُّهْمَةِ، فَلَا كَمَا يَقَعُ مِنْ فَلَّاحِي الْقُرَى بِبِلَادِنَا فَادْرِ ذَلِكَ رَمْلِيٌّ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُوجِبِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ الْحُكْمُ فِيمَا اُسْتُحِبَّ فِيهِ الْكَفَّارَةُ كَذَلِكَ كَمَنْ ضَرَبَ امْرَأَةً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ وَتُسْتَحَبُّ الْكَفَّارَةُ مَعَ أَنَّهُ يُحْرَمُ الْإِرْثَ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ بِحَقٍّ أَوْ لَا مُبَاشَرَةٍ أَوْ لَا، وَلَوْ بِشَهَادَةٍ أَوْ تَزْكِيَةٍ لِشَاهِدٍ بِقَتْلٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ قَبْلَ الْمَقْتُولِ) بِأَنْ جَرَحَهُ جُرْحًا صَارَ بِهِ ذَا فِرَاشٍ فَمَاتَ الْجَارِحُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ إسْلَامًا وَكُفْرًا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الْكُفَّارَ يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ عِنْدَنَا، لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَيُورَثُ عِنْدَنَا) أَيْ مِنْ كَسْبِ إسْلَامِهِ وَكَسْبِ رِدَّتِهِ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَقَالَا لِلْوَارِثِ الْمُسْلِمِ كَكَسْبِ الْمُرْتَدَّةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) فَقَالَ كَسْبَاهُ لِبَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَأَسْلَمَتْ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَلَوْ قَبْلَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَرِثُ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَهُوَ مُسْلِمٌ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَعِنْدَ الْوِلَادَةِ تَبَعًا لَهَا: وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا صَرِيحًا) أَقُولُ: قَيَّدَ بِقَوْلِهِ صَرِيحًا لِأَنَّ كَلَامَهُمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً فَمِنْهُ قَوْلُهُمْ إرْثُ الْحَمْلِ فَأَضَافُوا الْإِرْثَ إلَيْهِ وَهُوَ حَمْلٌ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُمْ خُرُوجَهُ حَيًّا، فَلِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ عِنْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ لَنَا: جَمَادٌ يَمْلِكُ وَهُوَ النُّطْفَةُ.

وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: مَتَى انْفَصَلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا إنَّمَا لَا يَرِثُ إذَا انْفَصَلَ بِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إذَا فُصِلَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْوَرَثَةِ، بَيَانُهُ إذَا ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَرِثَ، لِأَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ عَلَى الضَّارِبِ الْغُرَّةَ وُجُوبَ الضَّمَانِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحَيِّ دُونَ الْمَيِّتِ فَإِذَا حَكَمْنَا بِالْجِنَايَةِ كَانَ لَهُ الْمِيرَاثُ وَيُورَثُ عَنْهُ نَصِيبُهُ، كَمَا يُورَثُ عَنْهُ بَدَلُ نَفْسِهِ وَهُوَ الْغُرَّةُ اهـ. أَقُولُ: فَقَدْ جَعَلُوهُ وَارِثًا وَمَوْرُوثًا، وَهُوَ جَنِينٌ قَبْلَ انْفِصَالِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حِينَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا فَلَمْ يُوجَدْ الْمَانِعُ حِينَ اسْتِحْقَاقِهِ الْإِرْثَ، وَإِنَّمَا وُجِدَ بَعْدَهُ فَكَانَ كَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ الْكَافِرِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ إرْثٌ مُسْلِمٍ مِنْ كَافِرٍ بَلْ هُوَ إرْثُ كَافِرٍ مِنْ كَافِرٍ. نَعَمْ يُتَصَوَّرُ عِنْدَنَا إرْثُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ وَالرَّابِعُ اخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ) اخْتِلَافُهُمَا بِاخْتِلَافِ الْمَنَعَةِ: أَيْ الْعَسْكَرِيِّ، وَاخْتِلَافُ الْمِلْكِ كَأَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>