وَالْكَعْبِ (امْرَأَةٌ) وَلَوْ أَمَةً (مُشْتَهَاةً) حَالًا كَبِنْتِ تِسْعٍ مُطْلَقًا وَثَمَانٍ وَسَبْعٍ لَوْ ضَخْمَةً أَوْ مَاضِيًا كَعَجُوزٍ (وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُمَا) أَقَلُّهُ قَدْرُ ذِرَاعٍ فِي غِلَظِ أُصْبُعٍ، أَوْ فُرْجَةٌ تَسَعُ رَجُلًا (فِي صَلَاةٍ) وَإِنْ لَمْ تَتَّحِدْ
ــ
[رد المحتار]
الصَّحِيحُ لِلْمُحَاذَاةِ مَا فِي الْمُجْتَبَى: الْمُحَاذَاةُ الْمُفْسِدَةُ أَنْ تَقُومَ بِجَنْبِ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ أَوْ قُدَّامَهُ. اهـ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ إنَّمَا تُفْسِدُ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهَا إذَا كَانَ مُحَاذِيًا لَهَا، كَمَا قَيَّدَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ، وَذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ أَيْضًا، وَصَرَّحَ بِهِ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي كَافِيهِ اهـ وَيَأْتِي تَمَامُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ امْرَأَةٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مُحَاذَاةَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ لَا تُفْسِدُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ وَلَوْ أَمَةً) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْإِمْدَادِ ح، وَلَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ بِالْأَمَةِ وَلَعَلَّهَا وَلَوْ أُمَّهُ بِهَاءِ الضَّمِيرِ ط. وَعِبَارَتُهُ فِي الْخَزَائِنِ: وَلَوْ مَحْرَمَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ، وَخَرَجَ بِهِ الْأَمْرَدُ. اهـ. (قَوْلُهُ كَبِنْتِ تِسْعٍ مُطْلَقًا) يُفَسِّرُهُ لَاحِقُهُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْمُشْتَهَاةِ وَصَحَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالسِّنِّ مِنْ السَّبْعِ عَلَى مَا قِيلَ أَوْ التِّسْعِ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ أَنْ تَصْلُحَ لِلْجِمَاعِ بِأَنْ تَكُونَ عَبْلَةً ضَخْمَةً. وَالْعَبْلَةُ: الْمَرْأَةُ التَّامَّةُ الْخَلْقِ اهـ فَكَلَامُ الشَّارِحِ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ خُصُوصًا فِي هَذَا الزَّمَانِ بِنْتُ تِسْعٍ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ ط (قَوْلُهُ أَوْ فُرْجَةٌ تَسَعُ رَجُلًا) مَعْطُوفٌ عَلَى حَائِلٍ لَكِنَّهُ مُنَوَّنٌ لِوَصْفِهِ بِالْجُمْلَةِ. اهـ. ح. وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ تَسَعُ الرَّجُلَ أَوْ أُسْطُوَانَةٌ، قِيلَ لَا تَفْسُدُ، وَكَذَا إذَا قَامَتْ أَمَامَهُ وَبَيْنَهُمَا هَذِهِ الْفُرْجَةُ. اهـ.
وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْبَحْرِ بِمَا اتَّفَقُوا عَلَى نَقْلِهِ عَنْ أَصْحَابِنَا، مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُفْسِدُ صَلَاةَ رَجُلَيْنِ مِنْ جَانِبَيْهَا، وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهَا، وَوَاحِدٌ عَنْ يَسَارِهَا، وَكَذَا الْمَرْأَتَانِ وَالثَّلَاثُ؛ وَكَذَا تُفْسِدُ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهَا، فَالْوَاحِدَةُ تُفْسِدُ مِنْ خَلْفِهَا صَلَاةَ رَجُلٍ، وَلَوْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَصَلَاةَ رَجُلَيْنِ، وَلَوْ ثَلَاثًا فَصَلَاةَ ثَلَاثَةٍ ثَلَاثَةٍ إلَى آخِرِ الصُّفُوفِ، وَلَوْ كُنَّ صَفًّا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالْإِمَامِ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الرِّجَالِ. قَالَ: وَوَجْهُ إشْكَالِهِ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي هُوَ خَلْفَهَا أَوْ الصَّفُّ الَّذِي هُوَ خَلْفَهُنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فُرْجَةٌ قَدْرُ مَقَامِ الرَّجُلِ، وَقَدْ جَعَلُوا الْفُرْجَةَ كَالْحَائِلِ فِيمَنْ عَنْ جَانِبِهَا أَوْ خَلْفَهَا، فَتَعَيَّنَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ خَلْفَهَا مِنْ غَيْرِ فُرْجَةٍ مُحَاذِيًا لَهَا بِحَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَدْرُ مَقَامِ رَجُلٍ، وَلِهَذَا قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَلَوْ قَامَتْ وَسْطَ الصَّفِّ تُفْسِدُ صَلَاةَ وَاحِدٍ عَنْ يَمِينِهَا وَوَاحِدٍ عَنْ يَسَارِهَا وَوَاحِدٍ خَلْفَهَا بِحِذَائِهَا دُونَ الْبَاقِينَ، فَقَدْ شُرِطَ أَنْ يَكُونَ مَنْ خَلْفَهَا مُحَاذِيًا لَهَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ وُجُودِ الْفُرْجَةِ، وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَالْحَاكِمُ الشَّهِيدُ اهـ مُلَخَّصًا، وَقَدَّمْنَا نَحْوَهُ قَرِيبًا عَنْ النَّهْرِ. وَأَفَادَ فِي النَّهْرِ أَيْضًا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْمُحَاذَاةِ لِلْفَسَادِ لَيْسَ خَاصًّا بِتَقَدُّمِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ بَلْ الصَّفُّ مِنْ النِّسَاءِ كَذَلِكَ، أَيْ فَحَيْثُ لَمْ يُحَاذِهِنَّ صُفُوفُ الرِّجَالِ فَلَا فَسَادَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ إفْسَادِ صَلَاةِ مَنْ خَلْفَهَا أَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا لَهَا مِنْ خَلْفِهَا: أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُسَامِتًا لَهَا غَيْرَ مُنْحَرِفٍ عَنْهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً قَدْرَ مَقَامِ الرَّجُلِ لَا مُطْلَقُ كَوْنِهِ خَلْفَهَا، وَمُرَادُ الْبَحْرِ مِنْ تَعْيِينِ الْحَمْلِ عَلَى الْمُحَاذَاةِ مَا ذَكَرْنَا، وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِالْمُحَاذَاةِ مَا فَهِمَهُ الْمُحَشِّي مِنْ قِيَامِ الرَّجُلِ خَلْفَهَا، بِأَنْ يَكُونَ وَجْهُهُ إلَى ظَهْرِهَا قَرِيبًا مِنْهَا بِحَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَدْرُ مَقَامِ الرَّجُلِ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهَا تَفْسُدُ صَلَاةُ رَجُلٍ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ فُرْجَةٍ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ مَقَامِ الرَّجُلِ، وَهَذَا مَنْشَأُ الْإِشْكَالِ؛ وَقَدْ اسْتَشْهَدَ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَلَى جَوَابِهِ بِعِبَارَةِ السِّرَاجِ وَغَيْرِهَا مِمَّا فِيهِ التَّصْرِيحُ بِالصُّفُوفِ، فَعُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ اشْتِرَاطُ مُحَاذَاتِهَا لِمَنْ خَلْفَهَا فِي الصَّفِّ الْمُتَأَخِّرِ، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يُفْسِدَ الصَّفُّ سِوَى صَلَاةِ صَفٍّ وَاحِدٍ مِنْ الرِّجَالِ، وَلَا الثَّلَاثُ سِوَى صَلَاةِ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُنَّ فَقَطْ دُونَ بَاقِي الصُّفُوفِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فِي صَلَاةٍ وَإِنْ لَمْ تَتَّحِدْ) أَشَارَ إلَى تَعْمِيمِ الصَّلَاةِ بِمَا ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ بِقَوْلِهِ: فَرِيضَةٌ أَوْ نَافِلَةٌ، وَاجِبَةٌ أَوْ سُنَّةٌ: أَيْ تَطَوُّعٌ أَوْ فَرِيضَةٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ تَطَوُّعٌ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِينَ. قَالَ: وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُحَاذَاةَ الْمَجْنُونَةِ لَا تُفْسِدُ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهَا لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ فِي الْحَقِيقَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute