للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا تَخْلُو عَنْ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ تَقْدِيرًا (وَصَحَّتْ لَوْ صَلَّى كُلٌّ مِنْ الْأُمِّيِّ وَالْقَارِئِ وَحْدَهُ) فِي الصَّحِيحِ (بِخِلَافِ حُضُورِ الْأُمِّيِّ بَعْدَ افْتِتَاحِ الْقَارِئِ إذَا لَمْ يَقْتَدِ بِهِ وَصَلَّى مُنْفَرِدًا فَإِنَّهَا تَفْسُدُ فِي الْأَصَحِّ) لِمَا مَرَّ.

ــ

[رد المحتار]

تَفْسُدُ عِنْدَهُ، وَهِيَ مِنْ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ ح عَنْ الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَقْدِيرًا) أَيْ وَلَا تَقْدِيرَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ لِانْعِدَامِ الْأَهْلِيَّةِ فَقَدْ اسْتَخْلَفَ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فَفَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ. أَمَّا صَلَاةُ الْإِمَامِ فَلِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَصَحَّتْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَإِذَا اقْتَدَى إلَخْ، وَاحْتَرَزَ بِالصَّحِيحِ عَنْ قَوْلِ أَبِي حَازِمٍ: لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْأُمِّيِّ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ وَصَحَّحَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَوَّلَ وَقَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمَا رَغْبَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ قُدْرَتُهُ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالِاقْتِدَاءِ حَيْثُ ظَهَرَتْ مِنْهُمَا رَغْبَةٌ فِي الْجَمَاعَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكِفَايَةِ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الرَّغْبَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، حَتَّى لَوْ حَصَلَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا تَكْفِي، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي ح مِنْ أَنَّ مَا ذُكِرَ عَنْ الْهِدَايَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ اقْتَدَى أُمِّيٌّ بِمِثْلِهِ وَصَلَّى قَارِئٌ وَحْدَهُ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْأُمِّيَّيْنِ لِظُهُورِ رَغْبَتِهِمَا فِي الْجَمَاعَةِ اهـ وَيَدْفَعُهُ أَيْضًا مَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْكَافِي: إذَا كَانَ بِجِوَارِهِ قَارِئٌ لَيْسَ عَلَيْهِ طَلَبُهُ وَانْتِظَارُهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ لِيَلْزَمهُ وَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْقُدْرَةُ إذَا صَادَفَهُ حَاضِرًا مُطَاوِعًا. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَنْ الْمُحِيطِ: إذَا كَانَ الْقَارِئُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ بِجِوَارِ الْمَسْجِدِ وَالْأُمِّيُّ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي وَحْدَهُ جَازَتْ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْقَارِئُ فِي صَلَاةٍ غَيْرِ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ جَازَتْ، وَلَا يَنْتَظِرُ فَرَاغَ الْقَارِئِ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ وَصَلَاتُهُمَا مُتَوَافِقَةٌ، فَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو حَازِمٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْقَارِئِ رَغْبَةٌ فِي أَدَاءِ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ اهـ فَإِذَا رَغِبَ الْأُمِّيُّ فِي الْجَمَاعَةِ دُونَ الْقَارِئِ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ فَيُصَلِّي وَحْدَهُ أَوْ يَقْتَدِي بِأُمِّيٍّ آخَرَ رَاغِبٍ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَغْبَةِ الْقَارِئِ أَيْضًا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ الَّتِي مَرَّ تَصْحِيحُهَا عَنْ الْهِدَايَةِ فَافْهَمْ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَا صَحَّحَهُ الشَّارِحُ هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ لَهُ فِي الْأَلْثَغِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَهُ الِاقْتِدَاءُ لَزِمَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَفْسُدُ فِي الْأَصَحِّ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِلْقُدْرَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ، وَتَصْحِيحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، فَإِنَّ مَا قَبْلَهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا شَرَعَا مَعًا أَوْ افْتَتَحَ الْأُمِّيُّ أَوَّلًا ثُمَّ الْقَارِئُ أَوْ بِالْعَكْسِ. وَوَفَّقَ فِي الْفَتْحِ بِحَمْلِ مَا فِي الْهِدَايَةِ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ تَعْلِيلَ الْهِدَايَةِ بِعَدَمِ ظُهُورِ الرَّغْبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ يَشْمَلُ صُورَةَ الْعَكْسِ أَيْضًا فَيُخَالِفُ مَا فِي النِّهَايَةِ الْمَبْنِيَّ عَنْ اعْتِبَارِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالِاقْتِدَاءِ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُمَا الرَّغْبَةُ فِي الْجَمَاعَةِ. وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي حَازِمٍ: وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ أَفَنْدِي بَعْدَ كَلَامٍ. أَقُولُ: الَّذِي تَحَصَّلَ لَنَا مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْمُوجِبَ لِفَسَادِ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا بَعْدَ ظُهُورِ الرَّغْبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَإِلَيْهِ جَنَحَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَمَنْ حَذَا حَذْوَهُ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْمُوجِبَ لِفَسَادِهَا تَرْكُ الْقِرَاءَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا بِالِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ سَوَاءٌ ظَهَرَتْ الرَّغْبَةُ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَوْ لَا، وَإِلَيْهِ مَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُ. مَطْلَبٌ الْأَخْذُ بِالصَّحِيحِ أَوْلَى مِنْ الْأَصَحِّ

وَالتَّحْقِيقُ الْأَوَّلُ الَّذِي فِي الْهِدَايَةِ، وَلِهَذَا انْحَطَّ كَلَامُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَيَّدَهُ بِمَا مَرَّ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ مِنْ أَنَّ الْأَخْذَ بِالصَّحِيحِ أَوْلَى مِنْ الْأَصَحِّ لِأَنَّ مُقَابِلَ الْأَوَّلِ فَاسِدٌ، وَمُقَابِلُ الثَّانِي صَحِيحٌ، فَقَائِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>