عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ ظَنَّ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ أَوْ لَا (فَإِنْ كَثُرَتْ وَصَارَتْ الْفَوَائِتُ مَعَ الْفَائِتَةِ سِتًّا ظَهَرَ صِحَّتُهَا) بِخُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ الَّتِي هِيَ سَادِسَةُ الْفَوَائِتِ لِأَنَّ دُخُولَ وَقْتِ السَّادِسَةِ غَيْرُ شَرْطٍ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ فَجْرَ يَوْمٍ وَأَدَّى بَاقِيَ صَلَوَاتِهِ انْقَلَبَتْ صَحِيحَةً
ــ
[رد المحتار]
عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُبْطِلُ لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ عُقِدَتْ لِلْفَرْضِ، فَإِذَا بَطَلَتْ الْفَرْضِيَّةُ بَطَلَتْ التَّحْرِيمَةُ أَصْلًا. وَلَهُمَا أَنَّهَا عُقِدَتْ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ بِوَصْفِ الْفَرْضِيَّةِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ ضَرُورَةِ بُطْلَانِ الْوَصْفِ بُطْلَانُ الْأَصْلِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بِالْقَهْقَهَةِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ. اهـ. ح.
(قَوْلُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَالْفَسَادُ بَاتٌّ.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ ظَنَّ وُجُوبَ التَّرْتِيبِ أَوْ لَا) خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْمُحِيطِ، مِنْ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ مَا صَلَّاهُ إذَا كَانَ عِنْدَ الْمُصَلِّي أَنَّ التَّرْتِيبَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَإِلَّا أَعَادَ الْكُلَّ؛ فَقَدْ نَصَّ فِي الْبَحْرِ عَلَى ضَعْفِهِ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ تَعْلِيلَ قَوْلِ الْإِمَامِ يَقْطَعُ بِالْإِطْلَاقِ، وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ.
لَا يُقَالُ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِالظَّنِّ الْمُعْتَبَرِ. وَأَمَّا الْجَاهِلُ يُلْحَقُ بِالنَّاسِي. لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ مَا هُنَا مُصَوَّرٌ فِيمَا إذَا تَرَكَ صَلَاةً ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا خَمْسًا ذَاكِرًا لِلْمَتْرُوكَةِ، فَظَنُّهُ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ هُنَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا كَانَ الْفَسَادُ ضَعِيفًا كَمَا مَرَّ عَنْ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَثُرَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّاهَا تَارِكًا فِيهَا التَّرْتِيبَ، بِأَنْ صَلَّاهَا قَبْلَ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ ذَاكِرًا لَهَا، وَهَذَا التَّفْرِيعُ لِبَيَانِ قَوْلِهِ مَوْقُوفٌ.
وَتَوْضِيحُهُ أَنَّهُ إذَا فَاتَتْهُ صَلَاةٌ وَلَوْ وِتْرًا فَكُلَّمَا صَلَّى بَعْدَهَا وَقْتِيَّةً وَهُوَ ذَاكِرٌ لِتِلْكَ الْفَائِتَةِ فَسَدَتْ تِلْكَ الْوَقْتِيَّةُ فَسَادًا مَوْقُوفًا عَلَى قَضَاءِ تِلْكَ الْفَائِتَةِ، فَإِنْ قَضَاهَا قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ صَارَ الْفَسَادُ بَاتًّا وَانْقَلَبَتْ الصَّلَوَاتُ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَ قَضَاءِ الْمَقْضِيَّةِ نَفْلًا، وَإِنْ لَمْ يَقْضِهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الْخَامِسَةِ وَصَارَتْ الْفَوَاسِدُ مَعَ الْفَائِتَةِ سِتًّا انْقَلَبَتْ صَحِيحَةً لِأَنَّهُ ظَهَرَتْ كَثْرَتُهَا وَدَخَلَتْ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ الْمُسْقِطِ لِلتَّرْتِيبِ، وَبَيَانُ وَجْهِ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ قَالَ ط: وَقَيَّدُوا أَدَاءَ الْخَمْسَةِ بِتَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ، فَلَوْ لَمْ يَتَذَكَّرْهَا سَقَطَ لِلنِّسْيَانِ؛ وَلَوْ تَذَكَّرَ فِي الْبَعْضِ وَنَسِيَ فِي الْبَعْضِ يُعْتَبَرُ الْمَذْكُورُ فِيهِ، فَإِنْ بَلَغَ خَمْسًا صَحَّتْ وَلَا نَظَرَ لِمَا نُسِيَ فِيهِ لِمَا قُلْنَا.
(قَوْلُهُ وَصَارَتْ الْفَوَائِتُ) أَيْ الْحُكْمِيَّةُ. وَفِي نُسْخَةٍ: الْفَوَاسِدُ: أَيْ الْمَوْقُوفَةُ (قَوْلُهُ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْخَامِسَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ كَالْمَبْسُوطِ وَالْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالتَّبْيِينِ وَغَيْرِهَا أَنَّ صِحَّةَ الْكُلِّ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَدَاء سِتِّ صَلَوَاتٍ بَعْدَ الْمَتْرُوكَةِ. وَادَّعَى فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ خَطَأٌ. وَحَقَّقَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الصِّحَّةَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى دُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ لَا عَلَى أَدَائِهَا. وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ، بِأَنَّ دُخُولَ وَقْتِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الْمَتْرُوكَةِ غَيْرُ شَرْطٍ، بَلْ الْمُعْتَبَرُ خُرُوجُ وَقْتِ الْخَامِسَةِ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ تَصِيرُ الْفَوَائِتُ سِتًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مَعَ بَيَانِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ مِنْ أَدَاءِ السَّادِسَةِ إنَّمَا هُوَ لِتَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا بِيَقِينٍ لَا لِكَوْنِهِ شَرْطًا أَلْبَتَّةَ، وَذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الْإِمْدَادِ عَنْ الْمِعْرَاجِ أَيْضًا وَمَجْمَعِ الرِّوَايَاتِ والتتارخانية وَالسِّغْنَاقِيِّ وَقَاضِي خَانْ وَحَاصِلُ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَخَّصَهُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute