للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[منح الجليل]

مَا يَرُدُّ عَلَيْهِمَا، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدُلُّ لَهُمَا لِأَنَّ مَنْ يَشُكُّ بِلَا سَبَبٍ مُوَسْوِسٌ فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَ مَنْ يَشُكُّ لِسَبَبٍ وَبَيْنَ الْمُوَسْوَسِ وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ تَقْسِيمُ ابْنِ رُشْدٍ، قَالَ يَنْقَسِمُ الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يُتَّفَقُ عَلَى لَغْوِهِ بِلَا أَمْرٍ وَلَا جَبْرٍ كَحَلِفِهِ عَلَى شَخْصٍ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ يَشُكُّ فِي فِعْلِهِ بِلَا سَبَبٍ يُوجِبُ شَكَّهُ فِيهِ، وَمِنْهُ مَا يُتَّفَقُ عَلَى الْأَمْرِ بِهِ بِلَا جَبْرٍ كَحَلِفِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا ثُمَّ يَشُكُّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا لِسَبَبٍ اقْتَضَى شَكَّهُ، وَمِنْهُ مَا يُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ الْجَبْرِ بِهِ وَيُخْتَلَفُ فِي الْأَمْرِ بِهِ كَشَكِّهِ هَلْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَمْ لَا أَوْ هَلْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ فِيهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤْمَرُ وَلَا يُجْبَرُ. وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُجْبَرُ وَلَا يُؤْمَرُ. وَمِنْهُ مَا اُخْتُلِفَ فِي الْجَبْرِ بِهِ وَعَدَمِهِ كَطَلَاقِهِ ثُمَّ شَكِّهِ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَكَحَلِفِهِ وَحِنْثِهِ وَشَكِّهِ هَلْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ عِتْقٍ، أَوْ قَوْلُهُ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَتْ فُلَانَةُ حَائِضَةً فَقَالَتْ لَسْت بِحَائِضَةٍ، أَوْ إنْ كَانَ فُلَانٌ يُبْغِضُنِي فَقَالَ أَنَا أُحِبُّك، أَوْ إنْ لَمْ يُخْبِرْنِي بِالصِّدْقِ فَيُخْبِرُهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ صَدَقَ وَلَا يَدْرِي حَقِيقَةَ ذَلِكَ.

وَمِنْهُ مَا يُتَّفَقُ عَلَى الْجَبْرِ بِهِ كَقَوْلِهِ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ أَمْسِ كَذَا لِشَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَأَنْ لَا يَكُونَ وَلَا طَرِيقَ إلَى اسْتِعْلَامِهِ. وَكَشَكِّهِ فِي أَيِّ امْرَأَةٍ مِنْ امْرَأَتَيْنِ طَلَّقَهَا فَيُجْبَرُ عَلَى فِرَاقِهِمَا جَمِيعًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. طفى قَوْلُهُ وَلَا يُؤْمَرُ إنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا جَازَ عَلَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ وَالْأَوْلَى الْجَرْيُ عَلَى نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ لِتَقْدِيمِهِ عِنْدَ الشُّيُوخِ عَلَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ إذَا تَعَارَضَا.

الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ لِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ يُؤْمَرُ إنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا خِلَافًا لِأَصْبَغَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ شَكُّهُ لِسَبَبٍ وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ اتِّفَاقًا كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ فَابْنُ رُشْدٍ اسْتَغْنَى عَنْ التَّقَيُّدِ فِي هَذَا بِالْقَيْدِ فِيمَا قَبْلَهُ، فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ عَلَى غَيْرِ السَّبَبِ انْتَفَى التَّعَارُضُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ أَوْ يَشُكُّ هَلْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ فِيهَا إلَخْ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَاهُ هَلْ حَلَفَ وَحَنِثَ أَمْ لَا فَهَذَا مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ هَلْ يُؤْمَرُ أَمْ لَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهُ مِنْ تَحَقُّقِ الْحَلِفِ وَالشَّكِّ فِي الْحِنْثِ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْقِسْمَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>