للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَازَتْ الْعُمْرَى كَأَعْمَرْتُك أَوْ وَارِثَك

ــ

[منح الجليل]

ابْنُ رَحَّالٍ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ الَّذِي رَجَّحَهُ النَّاسُ هُوَ شَرْطُ صَرْفِ الْغَلَّةِ لِلْمَحْجُورِ فِي الْهِبَةِ وَالْحَبْسِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا، قَالَ وَانْظُرْ دَلِيلَهُ وَاضِحًا بَيِّنًا.

(وَجَازَتْ) أَيْ نُدِبَتْ (الْعُمْرَى) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مَقْصُورًا مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُمْرِ بِمَعْنَى مُدَّةِ الْحَيَاةِ لِوُقُوعِهِ ظَرْفًا لِمَنْفَعَتِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ الْعُمْرَى تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ حَيَاةَ الْمُعْطِي بِغَيْرِ عِوَضٍ إنْشَاءً فَيَخْرُجُ الْحُكْمُ بِاسْتِحْقَاقِهَا وَيَصْدُقُ عَلَيْهَا قَبْلَ حَوْزِهَا؛ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ عُمْرَى وَحُكْمُهَا النَّدْبُ لِذَاتِهَا، وَيَتَعَذَّرُ عُرُوضُ وُجُوبِهَا لَا كَرَاهَتُهَا وَتَحْرِيمُهَا. الصِّيغَةُ الْبَاجِيَّ مَا دَلَّ عَلَى هِبَةِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الذَّاتِ كَأَسْكَنْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ وَهَبْتُك سُكْنَاهَا عُمْرَك. وَفِيهَا مَنْ قَالَ قَدْ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَيَاتَك جَازَ ذَلِكَ، وَتَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى الَّذِي أَعْمَرَهَا، أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ ثُمَّ قَالَ وَمَنْ قَالَ دَارِي هَذِهِ لَك صَدَقَةٌ سَكَنًا فَإِنَّمَا لَهُ السُّكْنَى دُونَ ذَاتِهَا، وَإِنْ قَالَ لَهُ قَدْ أَسْكَنْتُك هَذِهِ الدَّارَ وَعَقِبَك مِنْ بَعْدِك أَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَك وَلِعَقِبِك سُكْنَى، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَيْهِ مِلْكًا بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ، فَإِنْ مَاتَ فَإِلَى أُولِي الْبَأْسِ بِهِ يَوْمَ مَاتَ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مَنْ قِيلَ لَهُ هِيَ لَك صَدَقَةُ سُكْنَى فَلَيْسَ لَهُ إلَّا سُكْنَاهَا دُونَ رَقَبَتِهَا مُحَمَّدٌ حَيَاتَهُ.

(كَأَعْمَرْتُك) دَارِي أَوْ عَبْدِي أَوْ دَابَّتِي، أَيْ وَهَبْتُك مَنْفَعَتَهَا مُدَّةَ حَيَاتِك (أَوْ) أَعْمَرْتُ (وَارِثَك) مَا ذُكِرَ " غ " كَأَعْمَرْتُك أَوْ وَارِثَك كَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِوَاوِ الْعَطْفِ بَعْدَ كَأَعْمَرْتُك فَقَطْ أَوْ أَعْمَرْتُك وَوَارِثَك فَهُمَا مِثَالَانِ.

(تَنْبِيهَانِ)

الْأَوَّلُ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " جَوَازَهَا فِي الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ، قَالَ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الثِّيَابِ شَيْئًا وَهِيَ عِنْدِي عَلَى مَا أَعَارَهَا عَلَيْهِ وَالْحُلِيُّ عِنْدَهُ كَذَلِكَ، فِيهَا قِيلَ فَإِنْ أَعْمَرَ ثَوْبًا أَوْ حُلِيًّا، قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الثِّيَابِ شَيْئًا، وَأَمَّا الْحُلِيُّ فَأَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>