للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَجَعَتْ لِلْمُعْمِرِ أَوْ وَارِثِهِ:

ــ

[منح الجليل]

الثَّانِي: الْحَطّ إنْ قَالَ أَعْمَرْتُك وَلَمْ يَقُلْ حَيَاتَك وَلَا حَيَاتِي وَلَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا فَهِيَ عُمْرَى وَكَذَلِكَ أَسْكَنْتُك اللَّخْمِيُّ قَدْ أَتَتْ هِبَاتٌ مُتَقَارِبَةُ اللَّفْظِ مُخْتَلِفَةُ الْأَحْكَامِ حُمِلَ بَعْضُهَا عَلَى هِبَةِ الرِّقَابِ وَبَعْضُهَا عَلَى هِبَةِ الْمَنَافِعِ، وَهُوَ يَقُولُ كَسَوْتُك هَذَا الثَّوْبَ وَآخُذُ مِنْك هَذَا الْعَبْدَ وَحَمَلْتُك عَلَى هَذَا الْبَعِيرِ وَأَسْكَنْتُك هَذِهِ الدَّارَ وَأَعْمَرْتُك، فَحُمِلَ قَوْلُهُ أَعْمَرْتُك وَأَسْكَنْتُك وَأَخْدَمْتُك عَلَى أَنَّهَا هِبَةُ مَنَافِعَ حَيَاةَ الْمَخْدُومِ وَالْمُسْكَنِ وَالْمُعْمَرِ، وَقَوْلُك كَسَوْتُك هَذَا الثَّوْبَ وَحَمَلْتُك عَلَى هَذَا الْبَعِيرِ أَوْ الْفَرَسِ عَلَى هِبَةِ الرِّقَابِ، ثُمَّ قَالَ وَالْعُمْرَى ثَلَاثَةٌ: مُقَيَّدَةٌ بِأَجَلِ أَوْ حَيَاةِ الْمُعْمَرِ، وَمُطْلَقَةٌ وَمُعَقَّبَةٌ، فَإِنْ قُيِّدَتْ بِأَجَلٍ بِأَنْ قَالَ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً أَوْ عَشْرًا أَوْ حَيَاتِي فَهِيَ عَلَى مَا أَعْطَى، وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُقَيِّدْ حُمِلَ عَلَى عُمْرِ الْمُعْطَى حَتَّى يَقُولَ عُمْرِي أَوْ حَيَاتِي، وَإِنْ عَقَّبَهَا فَقَالَ أَعْمَرْتُكَهَا أَنْتَ وَعَقِبَك فَلَا تَرْجِعُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْقَرِضَ الْعَقِبُ، وَفِي قَوَانِينِ ابْنِ جُزَيٍّ الْعُمْرَى جَائِزَةٌ إجْمَاعًا، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ أَعْمَرْتُكَ دَارِي أَوْ ضَيْعَتِي أَوْ أَسْكَنْتُك أَوْ وَهَبْت لَك سُكْنَاهَا أَوْ اسْتِغْلَالَهَا فَهُوَ وَهَبَ لَهُ مَنْفَعَتَهَا فَيَنْتَفِعُ بِهَا حَيَاتَهُ، فَإِذَا مَاتَ رَجَعَتْ إلَى رَبِّهَا، وَإِنْ قَالَ لَك وَلِعَقِبِك فَإِذَا انْقَرَضَ عَقِبُهُ رَجَعَتْ إلَى رَبِّهَا أَوْ لِوَارِثِهِ.

(وَرَجَعَتْ) الْعُمْرَى بِمَعْنَى الذَّاتِ الَّتِي وُهِبَتْ مَنْفَعَتُهَا لِشَخْصٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَسَنَةٍ أَوْ عَشْرٍ وَمُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ الْمُطْلَقَةَ أَوْ الْمُعَقَّبَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ انْقِرَاضِ الْعَقِبِ (لِ) شَخْصِ (الْمُعْمِرِ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ أَيْ وَاهِبِ الْمَنْفَعَةِ مِلْكًا إنْ كَانَ حَيًّا (أَوْ) لِ (وَارِثِهِ) أَيْ الْمُعْمَرِ إنْ كَانَ مَاتَ مِلْكًا أَيْضًا. فِيهَا إنْ قَالَ لَهُ أَسْكَنْتُك هَذِهِ الدَّارَ وَعَقِبَك رَجَعَتْ إلَيْهِ مِلْكًا بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ، فَإِنْ مَاتَ فَإِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِهِ يَوْمَ مَاتَ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِمْ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ قَدْ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةِ حَيَاتك جَازَ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَتَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِ الَّذِي أَعْمَرَهَا أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ. قُلْت فَإِنْ أَعْمَرَ ثَوْبًا قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الثِّيَابِ شَيْئًا، وَأَمَّا الْحُلِيُّ فَأَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ، وَالثِّيَابُ عِنْدِي عَلَى مَا أَعَارَهُ عَلَيْهِ مِنْ الشَّرْطِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>