للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُسْتَقْصَى

وَجَازَ شَرْطُ الثَّوَابِ،

ــ

[منح الجليل]

وَيُسْتَقْصَى) أَيْ يَبْلُغُ الْأَبُ فِي قِيمَةِ الْجَارِيَةِ أَوْ الْعَبْدِ أَقْصَاهَا وَأَعْلَاهَا، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِجَارِيَةٍ فَتَبِعَتْهَا نَفْسُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَوِّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ، وَيُسْتَقْصَى لِلِابْنِ. مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ رُخِّصَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ مِنْ ابْنِهِ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا أَوْ أَجْنَبِيًّا مَا حَلَّ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَهُ مَالِكٌ. ابْنُ عَرَفَةَ مِثْلُ قَوْلِهَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَوْهُوبُ عَبْدٌ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهَا فِي الْجَارِيَةِ أَعْذَرُ مِنْهُ فِي الْعَبْدِ لِتَعَلُّقِ نَفْسِهِ بِهَا وَلَوْ تَبِعَتْهَا نَفْسُهُ وَالصَّدَقَةُ بِهَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَمَّا بَعُدَ شِرَاؤُهُ لَهَا، بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْوَلَدِ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِلشُّبْهَةِ فِي مَالِ ابْنِهِ، وَلِذَا أَجَازَ فِي رَسْمِ نَذْرِ سَنَةٍ أَنْ يَكْتَسِيَ بِصُوفِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى ابْنِهِ مِنْ الْغَنَمِ وَيَأْكُلَ مِنْ لَحْمِهَا وَيَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا.

الْبُنَانِيُّ عَبَّرَ بِتَقْوِيمٍ تَبَعًا لَهَا، وَالْمُرَادُ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا تَقْوِيمُهُ بِالْعُدُولِ، وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ أَجَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ؟ وَحَمَلَهُ عَلَى السَّدَادِ. وَفِي كِتَابِ الْجُعْلِ جَعَلَهُ كَالْوَصِيِّ يَتَعَقَّبُ الْإِمَامُ فِعْلَهُ. ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ لِنَفْسِهِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ السَّدَادِ، بِخِلَافِ بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَأَجَازَ هُنَا أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى ابْنِهِ وَوَجَّهُوهُ بِالضَّرُورَةِ وَشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَشُبْهَةِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ.

(وَجَازَ شَرْطُ الثَّوَابِ) أَيْ الْعِوَضِ الْمَالِيِّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي نَظِيرِ الْهِبَةِ مُقَارِنًا لِصِيغَةِ الْهِبَةِ، كَوَهَبْتُك أَوْ أَعْطَيْتُك أَوْ مَنَحْتُك أَوْ نَحَلْتُك هَذَا الشَّيْءَ عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي أَوْ تُعَوِّضَنِي أَوْ تَرُدَّ عَلَيَّ أَوْ تُكَافِئَنِي وَهُوَ بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ. ابْنُ يُونُسَ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ كَالْبَيْعِ فِي أَكْثَرِ الْحَالَاتِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْعِوَضَ عِنْدَ الْهِبَةِ أَجَازَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَغَيْرِهِ، وَخَالَفَتْ الْبَيْعَ فِي هَذَا، كَخِلَافِ نِكَاحِ التَّعْوِيضِ لِنِكَاحِ التَّسْمِيَةِ وَكِلَاهُمَا نِكَاحٌ فِيهِ عِوَضٌ، وَلَا بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ الثَّوَابِ عِنْدَ الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ. الْبَاجِيَّ هِبَةُ الثَّوَابِ لَيْسَتْ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ مِنْهَا فَلَهُ ارْتِجَاعُهَا وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ لِلثَّوَابِ كَالْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالْعَبْدِ الْآبِقِ وَمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مِنْ ثَمَرَةٍ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا تَجُوزُ فِي نَحْوِ الْآبِقِ كَالْبَيْعِ. ابْنُ عَرَفَةَ هِبَةُ الثَّوَابِ عَطِيَّةٌ قُصِدَ بِهَا عِوَضٌ مَالِيٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>