وَأُثِيبَ مَا يُقْضَى عَنْهُ بِبَيْعٍ وَإِنْ مَعِيبًا
ــ
[منح الجليل]
الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ إذَا أَثَابَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ، وَامْتَنَعَ الْوَاهِبُ أَنْ لَا يَقْبَلَ إلَّا الْقِيمَةَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَيُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ مَا أَعْطَاهُ الْمَوْهُوبَ لَهُ.
الثَّالِثُ: فِي الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْسَ عَلَى الْفُقَهَاءِ أَنْ يَشْهَدُوا بَيْنَ النَّاسِ، وَلَا أَنْ يُضَيِّفُوا أَحَدًا وَلَا أَنْ يُكَافِئُوا عَلَى الْهَدَايَا، وَكَذَا السُّلْطَانُ لَا يُكَافِئُ وَلَا يُكَافَأُ. " غ " عَنْ شَيْخِهِ الْقُورِيِّ:
لَيْسَ عَلَى الْفَقِيهِ مِنْ ضِيَافَاتٍ ... وَلَا شَهَادَاتٍ وَلَا مُكَافَآتٍ
ذِكْرُ ذَا أَيْضًا لِذِي الْمَدَارِكِ ... عَنْ سَعْدٍ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ الْمَدَارِكِ
أَفَادَهَا الْحَطّ. الْبُنَانِيُّ " غ " فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ الْبَيْتَيْنِ لِنَفْسِهِ.
(وَأُثِيبَ) بِضَمٍّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ دُفِعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ عِوَضًا عَنْ هِبَتِهِ (مَا) أَيْ شَيْئًا أَوْ الشَّيْءَ الَّذِي (يُقْضَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ يَجُوزُ دَفْعُهُ قَضَاءً (عَنْهُ) أَيْ الْمَوْهُوبِ (بِبَيْعٍ) أَيْ يُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي الْبَيْعِ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ وَهَبَك حِنْطَةً فَلَا خَيْرَ فِي أَنْ تُعَاوِضَهُ مِنْهَا بَعْدَ حِنْطَةٍ، أَوْ تَمْرًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَكِيلِ الطَّعَامِ أَوْ مَوْزُونِهِ إلَّا أَنْ تُعَاوِضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ طَعَامًا مِنْ طَعَامٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " إلَّا أَنْ تُعَاوِضَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ فِي صِفَتِهِ وَجَوْدَتِهِ وَكَيْلِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ افْتَرَقَا إنْ كَانَ مَا يُقْضَى عَنْهُ سَلِيمًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (مَعِيبًا) " غ " بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ يَاءٌ نَاشِئَةٌ عَنْ الْكَسْرَةِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ مِنْ الْعَيْبِ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهَا وَإِنْ وَجَدَ الْوَاهِبُ عَيْبًا بِالْعِوَضِ، فَإِنْ كَانَ عَيْبًا فَادِحًا لَا يُتَعَاوَضُ فِي مِثْلِهِ كَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ فَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ الْهِبَةِ إنْ لَمْ تَفُتْ إلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَادِحًا نُظِرَ إلَى قِيمَةِ الْمَعِيبِ فَإِنْ كَانَتْ كَقِيمَةِ الْهِبَةِ فَأَكْثَرَ فَلَا يَجِبُ لَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ تَطَوُّعٌ غَيْرُ لَازِمٍ، فَإِنْ كَانَ دُونَ قِيمَتِهَا فَأَتَمَّ لَهُ الْقِيمَةَ بَرِئَ وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ رَدُّ الْعِوَضِ إلَّا أَنْ يَأْبَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنْ يُتِمَّ لَهُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يُعَوِّضُهُ مِمَّا جَرَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الْأَعْوَاضِ يَلْزَمُ الْوَاهِبَ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ مَعِيبًا إذَا كَانَ فِيهِ وَفَاءً بِالْقِيمَةِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute