وَإِنْ مَاتَ حَلَفَا وَقُسِمَ، أَوْ لِلصَّغِيرِ النِّصْفُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ؟ قَوْلَانِ
ــ
[منح الجليل]
وَإِنْ مَاتَ) الطِّفْلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ (حَلَفَا) أَيْ أَخَوَاهُ الْبَالِغَانِ يَحْلِفُ كُلٌّ أَنَّ الطِّفْلَ مَاتَ عَلَى دِينِهِ (وَاقْتَسَمَا) أَيْ أَخَوَاهُ الثُّلُثَ الْمَوْقُوفَ لَهُ بِالسَّوِيَّةِ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّهُ تَوْرِيثٌ مَعَ الشَّكِّ فِي الْمُوَافَقَةِ فِي الدِّينِ، إذْ لَا يُمْكِنُ لِلطِّفْلِ إلَّا دِينٌ وَاحِدٌ مُوَافِقٌ لِأَحَدِهِمَا أَوْ مُخَالِفٌ لَهُمَا مَعًا. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَالِغِينَ يَدَّعِي أَنَّ الطِّفْلَ كَانَ عَلَى دِينِهِ وَمَاتَ عَلَيْهِ جَازَ مَا بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ تَرِكَتِهِ، وَأَنَّ أَخَاهُمَا يَظْلِمُهُ فِيمَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا فَبِالْوَجْهِ الَّذِي وَرِثَ بِهِ أَبَاهُ يَرِثُ أَخَاهُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ، وَيُنْظَرُ مَا الْحُكْمُ إذَا كَانَ لِلطِّفْلِ وَارِثٌ غَيْرُ أَخَوَيْهِ كَأُمِّهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ بُنَانِيٌّ. (أَوْ) يُوقَفُ (لِلصَّغِيرِ النِّصْفُ) مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِمْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَالِغَيْنِ يَدَّعِي أَنَّهُ عَلَى دِينِهِ فَيَسْلَمُ لَهُ نِصْفُ مَا يَسْتَحِقُّهُ وَهُوَ رُبْعُ التَّرِكَةِ (وَيُجْبَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الطِّفْلُ (عَلَى الْإِسْلَامِ) إذَا بَلَغَ وَيُقْسَمُ النِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) مُسْتَوِيَانِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ أَصْبَغُ قَالَ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ صَغِيرٌ فَكِلَاهُمَا مُقِرٌّ لَهُ بِالنِّصْفِ كَامِلًا، وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالنِّصْفُ لَهُمَا بَعْدَ إيمَانِهِمَا. سَحْنُونٌ فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ حَلَفَا وَقَسَمَا مَالَهُ. اللَّخْمِيُّ أَصْلُ قَوْلِهِمْ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، فَإِنْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ سِتِّينَ دِينَارًا كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَوْلَادِ عِشْرُونَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَقُولُ الْمَالُ بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّغِيرِ نِصْفَيْنِ وَالنَّصْرَانِيُّ غَاصِبٌ لَنَا وَالْغَصْبُ عَلَيَّ، وَعَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِنَا، وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى اسْتِوَائِهِمَا فِيهِ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يَحْلِفَانِ وَيُوقَفُ ثُلُثُ مَا بِيَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَكْبَرَ الصَّبِيُّ فَيَدَّعِي دَعْوَى أَحَدِهِمَا فَيَأْخُذَ مَا وُقِفَ مِنْ سَهْمِهِ وَيَرُدَّ لِلْآخَرِ مَا وُقِفَ مِنْ سَهْمِهِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ حَلَفَا وَاقْتَسَمَا مِيرَاثَهُ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَهُ وَرَثَةٌ يُعْرَفُونَ فَهُمْ أَحَقُّ بِمِيرَاثِهِ وَلَا يُرَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ يُعْرَفُونَ وُقِفَ مِيرَاثُهُ، فَإِذَا كَبِرَ وَادَّعَاهُ كَانَ لَهُ. قُلْت قَوْلُ سَحْنُونٍ فَيَأْخُذُ مَا وُقِفَ لَهُ مِنْ سَهْمِهِ وَيَرُدُّ إلَى الْآخَرِ مَا وُقِفَ لَهُ مِنْ سَهْمِهِ إلَخْ، خِلَافُ قَوْلِ أَصْبَغَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute