للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ قَالَ: أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ؛ أُنْظِرَ

ــ

[منح الجليل]

وَمُعَارَضَتُهُ لِذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَدِيعَةِ، وَجَوَابُهُ عَنْ ذَلِكَ بِإِخْرَاجِ الْوَدِيعَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ نُبُوُّ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَنْ حَمْلِهِ. الثَّانِي: خُلُوُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَنْ بَيَانِ حُكْمِ اسْتِرْدَادِ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَهُمَا مَتْبُوعَاهُ، وَلَا يُقَالُ يُؤْخَذُ بِالْأُولَى لِخَفَائِهِ وَلِتَعَرُّضِ الْأَئِمَّةِ لَهُ. الثَّالِثُ: لُزُومُ الْمُعَارَضَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

وَأَمَّا جَوَابُهُ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ أَرَ مَنْ اسْتَثْنَاهَا مِنْ الْمَنْعِ، إذْ مَنْ أَجَازَ أَجَازَهَا، وَمَنْ مَنَعَ مَنَعَهَا، وَقَدْ جَمَعَ ابْنُ عَرَفَةَ طُرُقَ الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْوَدِيعَةَ مِنْهَا فِي طَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي طَرِيقِهِ فِي الْوَدِيعَةِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعَ وَالْكَرَاهَةَ وَالْإِبَاحَةَ وَالِاسْتِحْبَابَ. خَامِسُهَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا قَدْرَ الْحِصَاصِ وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا، وَأَيْضًا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ. وَإِنْ كَانَ فَرْضُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْوَدِيعَةِ فَلَيْسَ الْحُكْمُ خَاصًّا بِهَا وَقَدْ تَوَرَّكَ عَلَيْهِ هُنَاكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهَا وَمَنْ لَك عَلَيْهِ مَالٌ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ قِرَاضٍ أَوْ بَيْعٍ فَجَحَدَهُ، ثُمَّ صَارَ لَهُ بِيَدِك مِثْلُهُ بِإِيدَاعٍ وَبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْحَدَهُ اهـ.

الْبُنَانِيُّ مَا قَرَّرَ بِهِ " ز " هُوَ الظَّاهِرُ، وَمَا قَالَهُ طفى، وَصَوَّبَهُ مِنْ حَمْلِ مَا هُنَا عَلَى عَيْنِ شَيْئِهِ، إذْ هُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا غَيْرُ عَيْنِهِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ مَشَى الْمُصَنِّفُ مِنْهَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمَنْعِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ أَظْهَرَ الْأَقْوَالِ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ الْإِبَاحَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَإِنْ) كَانَ لِشَخْصٍ حَقٌّ عَلَى آخَرَ وَوَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى خَلَاصِهِ فَطَلَبَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الْغَرِيمِ فَ (قَالَ) الْغَرِيمُ لِلْوَكِيلِ (أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك) بِكَسْرِ الْكَافِ (الْغَائِبُ أُنْظِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أُمْهِلَ وَأُخِّرَ الْغَرِيمُ إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِإِبْرَائِهِ وَإِلَّا حَلَفَ عَلَى عَدَمِهِ وَأَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الْغَرِيمِ، وَلَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ عَلَى عَدَمِهِ فِي غَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يَحْلِفُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْقَرِيبَةِ اتِّفَاقًا، وَفِي الْبَعِيدَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَحَكَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>